المطربة سورية حسين" والصور الافتراضية.
بقلم ... راسم العكيدي.
المطربة سورية حسين " والصور الافتراضية التي رسمت في ذاكرة متخمة ترتبط بشجن حزين يتكسر على موجات البحر المتلاطمة.
لا اعرف ما الذي اشعل جذوة شجن قديم ممتد بعمق تاريخ مضطرب وذاكرة متخمة مزدحمة حد الأعياء وصعوبة البحث فيها من زخم الأحداث والأصوات والصور.
ملامح معلقة على جدران مشققة رطبة وارض متموجة وجغرافية وعرة وماضي ملبد. بغيوم ذكريات حزن وقهر.
برزت مطربة ريفية هي سورية حسين بأغنية في زمن وحدث وصور وملامح وأسماء وبيئة لا تخلو من الجمال والقسوة معاً.
أغنية هي بدايات الفن العراقي لإذاعة عريقة ومذياع قديم. وأساس شجن مستوطن متوارث مشوب بالحزن مسبب وغير مسبب بتذبذب يتشظى.
صنعت هذا الحزن بيئة قاسية وظروف صعبة وأوضاع لم نعرف لها مستقر امتدت مع زمن فيه مراحل غربة وترحال ووحشية مناطق الحروب.
كانت البداية بطفولة قلقة مع عائلة رب أسرتها متنقل بمحيط منطقة يمتهن فيها الزراعة وإدارة البساتين بحكم مهنته.
كانت تلك العائلة تستوطن في قرية على ضفاف نهر مهروت. في بيت طيني وسط بساتين شاسعة وأراضي خصبة.
لأنواع من الخضر والمحاصيل. خلف النهر في الضفة الأخرى مقبرة الأمام المقداد في ضواحي مدينة شهربان.
كان الجمال أخاذ لا يضاهيه جمال تقضمه قساوة ليل مظلم يشيع في النفس خوف وتهشمه وحشية ليل البساتين.
أبٌ يخرج ليلاً يتفقد مياه مَكِنَة ماء ضخمة ترفع المياه من النهر إلى البساتين والأراضي المزروعة. معه فلاحيه وأصوات إطلاقات نار من بنادقهم لطرد الحيوانات المفترسة.
كان النوم على سطح البيت عند الضياء الأخير. المذياع يبث برنامج أخبار حرب الشمال. بين الأكراد والجيش العراقي. حيث كان أبناء القوات المسلحة يبعثون بالسلام الى أهاليهم ويطلبون أغنية سورية حسين بشكل يومي ( ميكفي دمع العين ).
أمي كانت تبكي أخيها وهو احد أبناء القوت المسلحة في جبهة الحرب. كانت الأغنية تزيد من بكائها. تضاعف حزني وشجني وقلقي على أبي وهو في بطن الليل ووسط بساتين غير مأمون ليلها ولا أنام حتى يعود وتعود معه بعض طمأنينة.
ظلت الأغنية وحرب الشمال وشكل البرزاني. متخيلاً لهم صوراً افتراضية. لسورية حسين ظلت تلك الصور جاثمة في الذاكرة.
وسط تضاريس وعرة مع شجن مستوطن. مؤطر بقساوة ظلام الليل وجمال المكان والنهر والبساتين.
وهي تشكل صورة يهشمها الليل ويجمعها الفجر. وتتلاشى عند دفأ الضحى. لتعود ليلاً بمتوالية ممتدة صنعت بانوراما. لا تخلو من غرابة ولوحة سريالية وأجواء بوهيمية نقشت كالوشم في الذاكرة.
ميكفي دمع العين لسورية حسين