لم تخطر لي يوما ما سوف تكون في العراق هجرة كبيرة من العقول والكفاءات بعد التغيير في البلاد وما هي اسباب هجرة الباحثين عن الأمان الى الخارج. فقدنا ونبقى نفقد كذلك. الى أين أوصلنا هذا السلوك.
هل نحن عاجزون على فكرة التغيير لذلك نهجر الى بلاد غير بلادنا. اذا لم تكن معي فأنت عدوي هذا اقتباس من "مالكولم اكس" عن فكرة الانقسام وكيف تؤدي بنا الى الدمار. ستبقى اسباب هجرة العقول والكفاءات الى الخارج أن لم نكن قادرون على التغيير.
هجرة العقول والكفاءات الى الخارج وأثرها .
الحياة الصعبة التي نمر بها جمعياً وأحوال البلد بعد الاحتلال، لذلك يتشبث الناس الى الهجرة بسبب انعدام الأمان . لم نكن نعتقد سيأتي يوم ونرى العراقيين بهذه الأعداد الكبيرة تملأ بقاع المعمورة في هجرة مخيفة.
شارع Regent Street وسط لندن شارع مشهور توجد محلات لتجار يهود! اشتري منهم ملابس العباءة واليشماغ اللندني وقماش الزبون والصايه. تواجدت بالمحل دخل رجل طويل وطويل ناهز التسعين من عمره. كان الحديث في الأديان والقومية والهجرة والتاريخ.
ولما عرف نحن نهتم بالتاريخ كان ملخص حديثه. قال نبوخذ نصر لما سبى اليهود من أورشليم إلى بابل لم يأخذ العمال والفلاحين إلى بابل. بل أخذ الطبقة الارستقراطية وعبر بهم نهر الفرات. لذلك أطلق عليهم (العبرانيون).
ولحد الآن سادة اليهود هم اليهود العراقيون وفي كل محفل ديني يكون لليهود العراقيين الدور الريادي. هكذا قال وأيضا قال خالي ساسون حسقيل واضع أسس الاقتصاد العراقي. ولنا دور في العراق من قبل 2500عام ولحد الأن.
نحن كان لنا مواقف في العلم والفن والاقتصاد. ولأزلنا نبكي على العراق وفي يوم ما وعندما يتغير الحال سوف تذكروننا. واختتم نحن اقدم منكم في العراق.
- قلت: انتم هاجرتم.
- رد قائلاً: عندما شعرنا بالحيف. وأن من اسباب هجرة طائفتا اليهودية أننا شعرنا بالظلم والخوف هربنا الى الخارج ومنا أصحاب العقول والكفاءات.
وسوف يخرج من العراق من بقي من أديان أخرى. نتيجة التطرف. نحن لم نذهب إلى إسرائيل لأننا نحب العراق. (كان هذا الحديث عام 1987).
اعتقد أن هذا الرجل قد توفى وبقيت كلماته تحرق الذاكرة. تذكرت ذلك اللقاء وأنا أرى على شاشة التلفزيون عراقيون عالقون على حدود بلاروسيا وبولندا. بعد اليهود خسرنا الصابئة والآشوريون والكلدان والسريان.
فكرة انقسام المجتمع العراقي هو من اسباب هجرة العقول.
خسرنا كل ما هو جميل! والآن نخسر بعضنا بعض نتيجة، اذا لم تكن معي اذا انت عدوي. هذا التطرف والاضطهاد والقهر والظلم والقتل والتهجير والتعسف والتهديد والاستيلاء على حقوق الآخرين. وأنا الأصح وغيري على خطأ. وأنا الأفضل وأنا المواطن والآخر عميل. انقلبت الموازين فأصبح الخائن يسوس والوطني يتجرع مرارة الغربة.
لم يتبق شيء جميل لا مسرح لا فن لا علاقة عفويه الشك والظن الإثم هو شعارنا. أصبح شبابنا ينطبق عليهم قول الشاعر:
ملأنا البر حتى ضاق عنا
وماء البحر نملأه
سفينا
ولكن مع الأسف بالهجرة وليس بالكثرة عبرنا المحيطات والصحاري والجبال لنذهب للامان. حتى وزارة الهجرة لا تعرف عدد المهاجرين. فقسم منهم يقول 4 ملايين والأخر يقول 3 ملايين. حتى فوضى التخطيط شملت أعداد من ترك وطنه.
أحدهم ذكر لي الآن العراقيون فقط في بريطانيا يبلغ تعدادهم 450 ألف فكيف الحال بغيرها وهذا البلد من الصعوبة بمكان إعطاء موافقته للهجره. إلا إنها تستقطب العقول والكفاءات العراقية وتبرر اسباب هجرة العراقي الى الخارج. الكاتب خوام الزرفي.
سلبيات هجرة الشباب من العقول والكفاءات.
إن سلبيات هجرة الأكثرية من المهاجرين الشباب وهم من اليد المنتجة والعاملة ذوي الاختصاص من العقول والكفاءات وليس من عمال طين أو الفلاحين. بل أساتذة وأطباء ومهندسين وأصحاب رؤوس أموال وغيرهم.
صرف الوطن أموالاً وجهداً ليوصلهم لبناء الوطن وبالتالي نفرط بهم. نتيجة ثقافة التطرف والتهديد والخوف من الغد والموت وفقدان الأمان. متى يقف هذا النزيف المرعب بهجرة من له الكفاءة والقدرة لبناء بلده بسبب خلافه مع الغير بالفكرة والرأي.
ويترك الجاهل والمتخلف يقود ويقرر. سوف نبقى نخسر وتخسر مثل ما خسرنا أخوة لنا عاشوا الآلاف السنين معنا هاجروا بحثا عن الأمان والعيش الكريم. اذا فقد الأمان ينهي الحياة ويشبعها خوفا وضعفا بلا جهد أو أنتاج وهذا الذي سوف يستمر.
هل ينتهي سوء الزمان ويسكر المجد من جديد في ديرتنا وتختفي طلاسم الخوف. والاغتراب والخوف ونردم مقبرة الذكرى المرعبة. ويصبح الأمل ينام مع الناس بدل المنايا.
والأطفال يرضعون الحنان بدل الكراهية والحقد. وتزرع فجرنا أحلام جميله بدل الظلام وتبقى أوقاتنا سيمفونيه بدل نوح وبكاء ونطرب على لحن ناي بدل أنين قلب مكلوم. وتنتهي اسباب هجرة العقول والكفاءات العراقية الى الخارج.
سيبزغ فجر وسيبزغ ولكن نريده قريبا كفانا موتا وشفاء. أن مع العسر يسرا. حفظ الله وطني الذي يبقى جميل وتذهب غربان الخراب والفساد. ارحموا وتسامحوا وحب لأخيك كما تحب لنفسك.
مع تحيات الكاتب خوام الزرفي.