في الجزء الأول من هذه المقالة الحزام والطريق تحدثنا عن حل أزمة مقابلها انتاج أزمات. وتحدثنا عن الأسباب التي دفعت الصين للتفكير بمشروع طريق الحرير والتوقيت في مثل هذا التاريخ.
ففي مشروع الحزام والطريق تحدي للولايات المتحدة؟ بل إن الصين ذهبت أبعد من ذلك عندما تحدت المنظومة البنكية التي تعتمد الدولار. وهي تشجع الدول التي تنتظم بالمبادرة للتعامل باليوان. والتحرر من المنظومة البنكية الغربية. سلوك ( جيو سياسي) خطر.
وجدت به ايران فرصة للتملص من العقوبات الامريكية. هيمنة الدولار الذي يعتبر سلاح مهم بيد الولايات المتحدة لا يقل اهمية عن الاساطيل البحرية. الجزء الاول الحزام وطريق الحرير(silk road).
 |
| الحزام والطريق |
ملاحظة بسيطة لمسارات الحزام والطريق .
ترينا مسارات الحزام والطريق إن الصين تتجنب الشرق الأدنى, ولكنها تتعامل مع إيران بسبب الحاجة الى مرور خط السكة الحديد. من إقليم (شنغيانغ) عبر باكستان، ومنها الى تركيا وأوروبا. وليس في هذه المخططات ما يشير الى العراق رغم الموقع الجغرافي المهم له ؟
انضم الى مشروع الصين الحزام والطريق دول تعاني اقتصاد ضعيف تحاول حل أزمة اقتصادية ولكنها تقع في انتاج أزمات كارثية جديدة. إذ تتمتع تلك الدول ضعيفة الاقتصاد إلى ادارات سيئة ,وفساد وتواجد للمسلحين أو الارهاب. يبدوا أن الصين تستهدف هذه الدول, وتحاول أن توقعها في (شرك الديون) وهو اصطلاح ابتدعه الاقتصاديون الهنود.
كذلك انضمام مجموعة أخرى من الدول مشروع الحزام والطريق. مثل ايطاليا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند وبعض من الولايات الاسترالية؟ وقد اشتركت هذه الدول بالمشروع بشروطها الخاصة.
وقد لوحظ أن ثلاث من دول جنوب آسيا وهي أستراليا وإندونيسيا والهند قد عقدت اتفاقية امنية بينهما. لذلك تنظر الصين على أنها اتفاقية معادية وخصوصاً بعد ان علق التعاون بين الولاية الأسترالية والتي انضمت لمبادرة الصين.
هل الصين تساعد في حل أزمة الدول باتفاقيات سرية أو انتاج أزمات.
تفرض الصين سرية على نصوص الاتفاقيات، والضمانات وتحتفظ بالحق في التعجيل بالاسترداد عند تلكأ الجهة المقترضة. وعدم الخضوع لاشتراطات نادي باريس, والتحاكم الى محاكم صينية حصريا. والحصول على نفط بأسعار تفضيلية وضمانات سيادية. وإيداع المبالغ في بنوك صينية.
لذلك لم تعرض التفاهمات العراقية الايرانية على البرلمان لتتحول الى اتفاقية ملزمة. هذه الشروط افقدت الكثير من الدول مرافق حيوية. كما حدث مع لاوس التي فقدت منظومتها الكهربائية. وسريلانكا وباكستان التي عجزت عن تسديد ديون إنشاء ميناء أغادير. وبالتالي استولت عليه الصين باتفاقية لمدة 43 سنة. وأصبح جزء منه يحتوي على تسهيلات للبحرية الصينية التي تتواجد احدى قطعها البحرية في الميناء بشكل دائم؟
اما القسم الأخر من الدول التي عقدت اتفاقات مع الصين. وهنا سوف نركز على الشرق الأوسط فكانت اكبرها هي المملكة العربية السعودية التي يمتد التعاون التسليحي التجاري مع الصين الى اربعة عقود مضت. الأمارات والكويت والدول الخليجية,قد دخلت للمشروع بشروطها, وليست بالشروط الصينية التي ترافق الاتفاقات. لان هذه الدول الصين حريصة أن تنظم الى مشروع الحزام والطريق وأنها لا تبحث عن حل أزمة أو انتاج أزمات. لانها ليس لديها أزمات اقتصادية.
ايران تريد حل أزمة من عقد اتفاقية الحزام والطريق لكنها تساهم في انتاج أزمات؟
بسبب الظروف التي تمر بها ايران من حصار فقد عقدت اتفاقية مع الصين اثارت الكثير من اللغط والمعارضة داخل ايران؟
حيث تزود إيران الصين بنفط بسعر مخفض طوال استمرار العقد وشروط اخرى يراها بعض من ساسة إيران غير مقبولة. يمكن مراجعتها في العقد الإيراني الصيني الذي سرب الى الصحافة.
الحرس الثوري الإيراني يتطلع الى تعاون عسكري بعد رفع العقوبات ويبدو أنه القوة الدافعة لهذا الموضوع حيث لا يخفى حجم سيطرة الحرس الثوري على اقتصاد الدولة الإيرانية؟
موقع العراق الجغرافي ومسار الحزام والطريق.
من الواضح إن التفكير بالموقع الجغرافي للعراق كحلقة وصل بين أوروبا والشرق لم يكن جديداً. او تكتشف الصين الموقع الجغرافي للعراق. ومسار الحزام والطريق كان معروفا منذ أكثر من قرن كموقع مهم يتمكن من حل أزمة من دون انتاج أزمات.
دول مثل المانيا القيصرية، وروسيا القيصرية حاولت الوصول الى المياه الدافئة وكان العراق طريقها للوصول الى الخليج العربي. ومشروع خط بغداد برلين الذي حاولت المانيا ان تنشئه بالاتفاق مع الدولة العثمانية كان مشروعا استراتيجيا كبيرا يوصل المانيا الى ولاية البصرة ,والى الخليج العربي.
بدأ استثمار البترول واستخدامه كوقود بديل في اساطيل المملكة المتحدة في الحرب العالمية الاولى. وهو ما زاد من اهمية المنطقة بسبب تواجد النفط في ايران , وكانت المطامح الألمانية للوصول الى منابع النفط عن طريق البصرة. هي التي عجلت باحتلال ولايات البصرة وبغداد من قبل حكومة الهند في بداية الحرب العالمية الأولى.
موانئ العراق موقعها واهميتها في حل أزمة الحزام والطريق.
شكلت دولة العراق الحديثة في العام 1921. وقد تعرضت منذ البداية الى ظلم كبير في موضوعة أطلالتها على البحر التي لا تتناسب مع مساحتها. رغم أن معالم كونها دولة نفطية كانت موجودة. مؤشرات تواجد النفط بكميات تجارية في كركوك, وخانقين كانت مؤكدة.
طول الساحل العراقي لا يتجاوز 60 كم معظمه ساحل طيني منبسط الضفاف. مما يعقد من بناء الموانئ التي تستقبل السفن ذات الغاطس العميق؟ في الحرب العالمية الثانية كان مشروع المساعدات الأمريكية للاتحاد السوفيتي يحتاج أن يوصل الإمدادات الى جبهة القرم. التي كانت من اهم الجبهات التي تمنع الألمان من الوصول الى حليفهم شاه إيران حيث النفط والمياه الدافئة.
احتل الروس شمال إيران والإنكليز جنوبها و انشأ الإنكليز ميناء في أم قصر لاستقبال المساعدات الأمريكية المرسلة الى جبهة القرم .
حيث تفرغ المساعدات من السفن في ميناء أم قصر. وتنقل برا الى خانقين، ومنها الى شمال إيران حيث تسلم الى القوات السوفيتية. صمدت جبهة القرم بهذه المساعدات و تمكنت من منع ألمانيا من الوصول الى ايران ومياه الخليج. وكان لموقع العراق الجغرافي فضل في الوصول الى هذا النصر. رفع الإنكليز كل التسهيلات التي أنشؤوها في موقع أم قصر بعد انتهاء مهمتهم ؟
الميناء العميق وموقع الفاو الاستراتيجي واهتمام الحكومة.
بعد العام 1958 كانت فكرة إنشاء
ميناء كبير على الخليج حاضرة, وكانت ألأوضاع المتوترة مع ايران منذ قيام دولة
العراق الحديثة هي المحرك الأول للتفكير بكذا مشروع. احتاج العراق في سبعينات
القرن الماضي بعد التأميم ان يصدر نفطه عبر ناقلات نفط عملاقة امتلك البعض منها
ذات غاطس كبير. وكانت هذه الناقلات لا تجد مرسى لها على الساحل العراق ,
ولذلك ذهب الى انشاء رصيف عائم بعيدا عن الساحل الضحل . حيث قامت الشركة
المنفذة بأنشاء ميناء عائم استخدم كمنصة لتحميل ناقلات النفط العملاقة.
في وقتها كان هذا الانجاز متميزا مكن العراق من استخدام ناقلات نفط عملاقة اقتصادية لنقل نفطه. أنشأت المنصة احدى الشركات الامريكية المتخصصة في هذا المجال؟
لابد وان طلبة كلية الأركان العراقية يتذكرون الجولة البحرية التي تنفذ لهم لاستطلاع الساحل العراقي, وكانت هذه الجولة توضح ميدانيا اهمية الاطلالة البحرية للعراق التي تشبه عنق الزجاجة او الرقبة التي يتنفس منها العراق.
وطوال الفترة التي عملت بها في كلية الاركان كان مشروع بناء ميناء عميق على الساحل العراقي موضع دراسة في كل دورات كلية الدفاع الوطني, وكانت هناك دراسات تفصيلية ميدانية متخصصة للموضوع ,تعطل تنفيذ المشروع بسبب الحرب العراقية الايرانية .
صراع من أجل تكبيل العراق باتفاقيات الحزام والطريق " حل أزمة مع الصين.
لابد ان نتذكر كم بذلت إيران من جهد لاحتلال شبه جزيرة الفاو, وهو مؤشر مهم على حجم الاهتمامات الايرانية الجيوسياسية. العراق بوضعه السياسي الداخلي الحالي يتوافق الى حد كبير مع المتطلبات الصينية لعقد أتفاق الحزام والطريق من اجل حل أزمة ولكن هذا الاتفاق قد يسبب الى انتاج أزمات.
حيث الفساد والهشاشة الامنية الذي تمنع الشركات الاستثمارية الرصينة من التوجه للعراق, وتواجد قوى سياسية تحاول ان تشكل تحالف ايراني عراقي مع الصين ضد الولايات المتحدة,و تأمل ان تحصل على اموال من العمل في شركات ثانوية في العقود الصينية, واستخدام طريق بري للتواجد الإيراني في سوريا.
العراق يمتلك الأموال التي تمكنه من انشاء مشاريع استراتيجية كبيرة مثل ميناء الفاو, وكذلك تنفيذ الربط السككي مع تركيا ودول الجوار, وهناك راي عام معارض لتسليم رقبة العراق التي يتنفس منها لأي دولة اجنبية.
هذه الاوضاع لا تمنع الحكومة العراقية ان تتعامل مع الصين رغم ان الصين لم تقدم مساعدات كما فعل التحالف في الحرب على داعش. السياسة تكافئ من يقدم المساعدة وتفضله على الاخر المتفرج, مع ذلك يمكن للعراق ان يتعامل مع الصين بدون الذهاب الى فخ الديون الصينية ومشاريعها الجيوسياسية ؟
في الجزء الثالث من الحزام والطريق حل أزمة أو انتاج أزمات؟
سوف نكمل الموضوع وأسف على الإطالة. لكن الاتصالات الكثيرة حول الموضوع؟ دفعتني للتوسع قليلا ليشمل ايضا صراع الموانئ الذي يجري حاليا في الخليج والمحيط الهندي.
لكي اعطي الفرصة لغير الدارسين للاستراتيجية ان يستوعبوا الموضوع. وابعاده الخطيرة على العراق حيث ان هناك جهات تضلل العراقيين وتدفعهم لمسلك لا يخدم مصلحة العراق ؟؟؟