أيتام الطائفية وأتباع العنصرية: لعبة السلطة وصناعة الأزمات
بقلم : الدكتور راسم العكيدي.
مستنقعات الكراهية وأوهام السياسة! في كل مرحلة سياسية، يظهر أيتام الطائفية وأتباع العنصرية، أولئك الذين يرددون كالببغاوات شعارات الساسة دون وعي، منساقين خلف نزوات القادة الذين يتلاعبون بمشاعرهم ويقودونهم حيث يريدون. هؤلاء ليسوا سوى ضحايا الجهل والتعصب الأعمى، يساندون زعماءهم عندما يناسبهم الأمر، ثم ينقلبون عليهم عندما تتغير المصالح.
![]() |
ايتام الطائفية واتباع العنصرية؟ |
الى ايتام الطائفية واتباع العنصرية والى قردة الأعلام وبهلوانات التواصل الاجتماعي. والى كل المساكين والعصابيين المندفعين بعاطفة غبية. هي ليست سوى قلة وعي وجهل وغباء. حيث يحابون ما يحب سياسي يروه زعيم طائفتهم ويتمرغون في مستنقعات الكراهية. نظرية سياسية تسقيط الشركاء" لتحولهم أعداء.
سياسات التحريض والتخوين
لطالما اعتمد الساسة في العراق على إثارة الكراهية والتفرقة، مستخدمين أساليب الإقصاء والتسقيط السياسي لتحويل الخصوم إلى أعداء. عندما يتغير ميزان السلطة، تجدهم يبدلون مواقفهم، فيعاد تأهيل من تم تخوينه سابقًا، وتُمحى الاتهامات في لحظة واحدة وكأن شيئًا لم يكن.
حين يكره زعيمهم ولكنه حين ينقلب بلعبه على حبال السلطة ومصالحها. ويعود ليحب من كرهه ويبرئ من اتهمه وادانه. لا شك انهم ينقلبون على أعقابهم والمشكلة انهم خالين الغرض والوفاض ولا مصلحة لهم لكنه الجهل.
هي حكاية عراقية الأصل وظاهرة سلوكها عراقي. فقد مارس اغلب ساسة العراق صناعة مستنقعات الكراهية. ليمرغوا به الجهلة ويصنعوا قضية رأي عام. يسقطون به خصومهم ويخونون من يقف بوجه سلطتهم أو يمنعون تسلقهم السلطة. فهم ايتام الطائفية واتباع العنصرية.
السياسيون في العراق يدركون تمامًا أن الجهل وضعف الوعي يسودان شرائح واسعة من المجتمع، ولهذا يستغلون هذه الثغرات لتحريك الجماهير وفق مصالحهم. فالناس يصبحون أدوات بيد السلطة، يتم توجيههم إلى حيث يريد الحاكم، وعندما تتغير الظروف، يُعاد توجيههم بنفس السهولة.
محطات في تاريخ العراق السياسي: صراعات وانقلابات
لان ساسة العراق يفهمون فهم عميق أن فقراء الوعي وقليلي الإدراك والفهم ينتشرون في مجتمع العراق أفقيأ وعمودياً. ووفق هذا يمكن للسياسي أن يحرك الكثير ويتلاعب بالرأي العام. ويوجهه وفق ما يريد وتريد مصلحته وبنفس السهولة يقلبهم كما ينقلب.
عبر التاريخ السياسي الحديث للعراق، تكررت مشاهد النفي والاتهام ثم التبرئة والمصالحة:
-
طالب النقيب تم نفيه بوشاية من نوري السعيد لإفساح المجال أمام الملك فيصل الأول، ثم أُعيد لاحقًا معززًا مكرمًا.
-
عبد الكريم قاسم نفى عبد السلام عارف بتهمة التآمر، ثم عاد ليطلق سراحه.
-
عبد السلام عارف أفرج عن البعثيين رغم اعتقاله لهم سابقًا، ليعودوا لاحقًا وينقلبوا عليه.
-
أحمد حسن البكر أراد تعيين صدام حسين نائبًا لرئاسة مجلس قيادة الثورة، فرفض أعضاء المجلس ذلك في البداية، لكن بعد اتهامهم بالتآمر وإرسالهم في مهمات دبلوماسية، عادوا ليجدوا أنفسهم أمام أمر واقع وصدام نائبًا للرئيس.
-
صدام حسين اتهم دولًا بالتآمر، ثم عاد وأصلح العلاقات معها، كما خاض الحروب ثم اعترف لاحقًا بأنها كانت مؤامرات. وعاد لنقطة البداية واتهم ساسة وبرئهم واتخذ قرار بعدم العفو النهائي عن جلال الطلباني. وحتى حين اصدر عفو عن كل الأكراد استثنى الطلباني من العفو. ثم ما لبث أن استقبله في بغداد استقبال الفاتحين. ومثله فعل مع مسعود البرزاني بل وارسل الجيش لنصرته في حربه مع الطلباني.
-
نوري المالكي بدوره سار على هذا النهج، حيث اتهم وخون سياسيين ثم عاد ليصالحهم عندما تغيرت الظروف.
الإعلام: أداة لخداع الجماهير
وكذلك فعل ولازال المالكي حيث خون واتهم وأعاد ساسة. أيتام الطائفية واتباع العنصرية وفعل المالكي. أنها عملية تلاعب بالأزمات كعصاة موسى رغم انهم لا يملكوا عصاة موسى ولا حكمة لقمان. أنها عملية تلاعب بمقدرات البلد وصناعة أزمة لتأكل أزمة وتمرير أزمة او تمرير مواقف ومصالح.
الخطر الأكبر يكمن في الإعلام الموجه الذي يُستخدم كأداة للدعاية السياسية، فبدلًا من أن يكون وسيلة لنقل الحقائق، يتحول إلى سلاح في يد السلطة. يتم تسويق الأزمات وكأنها قضايا مصيرية، بينما في الحقيقة هي مجرد أدوات لتصفية الحسابات.
وان الأخطر هو حين يتحول الأعلام الى ما يشبه الإعلان والدعاية مع أن في الدعاية والإعلان. هي الدعاية لبضاعة ومن يستهلكها بتأثير الدعاية ولا يستسيغها لن يشتريها مرة اخرى. وهنا الضرر قليل ومحدود أما في الأعلام وتسويق الخلاف على انه قضية بلد ورأي عام فهنا يتبنى الرأي العام موقف ويكون الضرر كبير.
المتلاعبون بالمواقف: أين هم الآن؟
أولئك الذين كانوا يطبلون ويهللون للزعامات ويشيطنون الخصوم، هم أنفسهم الذين يقفزون اليوم إلى معسكرات جديدة، تمامًا كما يفعل القردة على الحبال. إنهم أيتام الطائفية وأتباع العنصرية، الذين لا مبدأ لهم سوى السير خلف القوة والسلطة أينما اتجهت.
الخاتمة: هل من وعي؟ التاريخ يعيد نفسه، والسياسيون يواصلون اللعب بمصير الشعوب، بينما يبقى المغيبون يدورون في فلك الطائفية والعنصرية. السؤال الحقيقي: متى يدرك الناس أن هذه المسرحيات السياسية لا تخدم سوى أصحاب المصالح؟ ومتى يتوقفون عن أن يكونوا أدوات بيد ساسة لا يبالون إلا بمناصبهم؟