recent
أخبار ساخنة

تغريدة الذكريات عن صراع حرب المقام من الفلكلور الاصيل.

Site Administration
الصفحة الرئيسية

تغريدة الذكريات عن صراع حرب المقام من الفلكلور الأصيل.

تغريدة الذكريات التي بقت في البال من الفلكلور الأصيل وهي تروي عن صراع حرب تدور أحداثها في ساحة المقام لمدينة شهربان. كتب هذه التغريدة الاستاذ عامر كامل الخياط في مدونته تغريدة عن ذكريات من فلكلور شهربان التي وعن صراع أبناء محلات شهربان في حرب المقام . إذ كنت تلك شقاوة الأولاد سننشرها هنا في مجلة شهربان.

في مدينتي ثمة ذكريات عزيزة سطرتها في البال نهايات سنوات الخمسينات وأواسط الستينات من القرن الماضي. أحاول استذكارها ووصفها كما علقت في الذاكرة! لكني قد لا أكون مصيبا دائما ً. فما أرجوه من مجايليني ومن عاصروا تلك الأحداث! والذكريات أن يغنو ما أكتب بإضافاتهم وتفاعلهم عبر التعليقات. وأكون ممتنا ً لكم الليلة موضوعتنا حول معارك المحلات التي كانت تدور وعلى ساحة مقبرة المقام.
تغريدة الذكريات عن صراع حرب المقام من الفلكلور الاصيل.


معركة المقام من فلكلور شهربان الأصيل.

شهربان آه … آه لكل ذكرى زرعتيها في تلافيف الدماغ . آه لبساتينك … آه لرمانك الشهير الذي غطت شهرته كل مدن وألوية العراق. لا بل إنها تخطت ذلك لبعض بلدان الجوار… آه للبرتقال والليمون واللالنكي والليمون الحلو والليمون النفطي والأعناب الشهيرة. آه لكل شيء مسحته شرور الحياة الجديدة التي حلت عليك وأنت لا دخل لك بها ولا حول وقوة لمنعها وإيقافها عند حدها. فقد قالها الشاعر الكبير الزهاوي رغم أن مقصده كان غير ذلك :

" كل شيء إلى التجدد ماض ٍ … فلماذا يقر هذا القديم " 

شهربان الصغيرة النظرة كوردة متفتحة وسط بساط أخضر … بمحلاتها التي تعد على أصابع اليد … التي منها على سبيل المثال لا الحصر … الحداحدة , النجاجير , التوراة , المصاليخ , القلعة والرمادية ... إلخ . كانت تزخر بالحياة رغم صعوباتها في سنين العهد الملكي … ورغم عدم وجود وسائل الترفيه كالتي تتوفر اليوم. التي أنْسَتْ شباب الأجيال الحالية شيئا ً فشيئا ً تاريخ مدينتهم . 

لم يكن هناك سوى المقاهي التي تصبح محرمة على الشباب في حال وجود آبائهم فيها! وكانت هناك دار للسينما حتى أنا لم ألحق عليها يقال إنها كانت وسط السوق. احترقت ذات مرة فتركها أصحابها ليبنى مكانها سلسلة دكاكين تعود ملكيتها للحاج توفيق سلطان. وما خلف الدكاكين زقاق ضيق كان فيه محل حلاقة الحاج عبد عيد الزبيدي ومخبز … وتبعتها دار سينما صيفي قرب المستشفى تعود الى الحاج علي يزلي وهذه كانت تعتبر عصر متقدم على ما أريد ذكره في هذا المقال.

في عودة بالذاكرة إلى الوراء … 

الشارع الرئيس الذي قسم المدينة إلى قسمين والممتد من مركز الشرطة القديم الواقع في أطراف محلة الرمادية وقرب العرصة! الذاهب شرقا ً حتى طرف المدينة قرب الحسينية وبيت لطيف شاه محمد القديم ( عيادة الدكتور منير عبو يونان). والمنعطف من هناك جنوبا ً بإتجاه المدرسة الشرقية الابتدائية التي يقابلها في الجانب الثاني بيت حسن (فلام رز) وسيد ناصر … والمتجه من هناك إلى سريحة وشرقا ً إلى قرية سلامة. 

هذه الطريق أول عهدي به كان ترابياً… مفروش بالسبيس ومشت عليه الحادلة وبقي على هذا الحال فترة طويلة نسبيا ً قبل أن يشمل بالتعبيد بالأسفلت وحسب الطريقة القديمة … حيث تم فرشه بالحصى الناعم فوق السبيس وكان العمال يأتون بالأسفلت ( القير ) المصهور! في ما يسمى ( الكورة ) بنفس طريقة ( السقا ). وهي صفيحتي زيت نباتي أو بنزين محمولتين على الكتف عبر خشية مقطوعة من جذع شجرة ومصقولة جيداً. مع إرتداء (صديري ) يكون ياقته سميكة حتى تتحمل ضغط الخشبة على فقرات العنق. ثم يفرغانه واحدة تلو الأخرى في دلو الأسطى ودلو الأسطى هذا له شكل خاص. إذ يكون له يَّدة خشبية طويلة نوعا ًما وقعره يكون مفتوح عرضياً على شكل نصف دائرة. حيث يقوم برشه فوق الحصى. وكان كل من العمال والأسطى يرتدون أحذية سميكة وطويلة الرقبة وملفوف عليها قطع قماش سميكة حتى لا يحرق السائل المتساقط عليها أطرافهم.

يا لها من أيام تمر صورها أمامي و كأنها البارحة.  لأن الباب الرئيس في بيتنا كان يقع على ذلك الشارع مباشرة ً. وكان هذا في أخريات أيام العهد الملكي والأيام الأولى لثورة 14 تموز. التي تم بعدها فتح الطريق المباشر بين دور الضباط وسوق المدينة! عن طريق استملاك جزء من البساتين التي كانت تعيق وجود مثل هذا الطريق سابقا ً. وبدأت معها طرق التبليط الحديثة تصل للمدينة. حيث وضعت أرصفة للشارع والشارع وسط المدينة موضوع حديثنا.

وصف وسط مدينة سوق شهربان وموقع مقبرة المقام.

في وسط المدينة و تقريبا في منتصف طول الشارع صنعت ساحة دائرية صغيرة يقف عليها شرطي المرور أو شرطي المحلية وأحيانا ً الانضباط العسكري. ومنها يتفرع طريقان أحدهما يصعد إلى السوق الرئيسي ويقع على مدخله يسارا ً محل إسماعيل نوري ويمينه محل علي فاضل ( علوك ). والثاني ينزل حيث يقع يساره مدخل محلة القلعة! ويمينه جدار خان الحاج هوبي العزاوي (هوبي الحَصّانْ ). وهو لقبه ناله لكونه مربي خيول ماهر ويعتبر ( نَسّابَه ) بالنسبة لها. فهو ما أن يلقي نظرة على الفرس حتى يقول إنها بنت فلان من الأحصنة وأمها فلانة وكانت هذه منة ٌ من الله منحها له.

ينحدر هذا الطريق بين صفين من البساتين ليصل طريقا ً آخر يخرج من يساره وبين سلسلة من البساتين أيضا ً ويؤدي إلى المدينة. بعد أن يمضي أماما ً لتقع على يساره مقبرة المدينة والمسماة ( المقام ). والمقام هذا يتوسطه بناء من الطابوق القديم الذي أكل الدهر عليه وشرب. هو عبارة عن غرفة مفتوحة السقف يتوسطها أثر نعل لحصان محفور في أرض صلبة… 

وهذه قصتها قصة تدخل في أحد أسباب تسمية المدينة نفسها.

يقال والعهدة على أهلنا القائلين… بإن الإمام علي بن أبي طالب ( رض ) أثناء توجهه مع جيشه لقتال الخوارج في معركة جلولاء وأثناء مروره بالمكان غرست قدم حصانه في تلك الأرض. التي كانت تبدو للناظر صلبة: فسأل عن اسم المنطقة من أصحابه فلم يعرفه أحد. 

فقال: عنها ( شرها بان ) فمضت التسمية ليتم تحويرها مع السنين إلى ( شهربان). والقصة الثانية للتسمية يقال أنها كانت مخصصة للأميرة ( شهربانو ) ابنة والي قصر شيرين الإيرانية … وهكذا تتعدد أسباب التسمية .

لا أمتلك معلومات عن تاريخ بداية استخدامها كمقبرة لوفيات المدينة لكني أذكر أن والد جدي وجدي وجدتي مدفونين فيها! وجدتي أم أبي على ما أذكر أن وفاتها كانت في النصف الأول من عقد الخمسينات من القرن الماضي. 

لأنني لا أتذكر عنها شيئا سوى رؤيتي لها ممدة في الغرفة الكبيرة من البيت. ومغطاة بعبائة سوداء والنساء في عويل مستمر. وكان عمري أيامها بين الرابعة والثالثة لذلك لم أختزن الصورة جيدا ً في ذاكرتي بل هي تمر أحيانا من خلف جدار ضبابي.

ولا أدري ما هو السبب الذي رسخ في عقل القائمقام الجديد  اسمه على ما تسعفني به الذاكرة (طارق الجبوري ). منتصف السبعينات ليختار أرض المقبرة ليجعل منها كراج موحد للنقل. ضمن السياقات العامة لحزب البعث الآتي للسلطة مجددا والمحاول لتحسين صورته القبيحة التي رسخت في ذاكرة الناس بعد انقلاب شباط الأسود 1963. 

وأعطيت مهلة أسبوع للأهالي لنقل رفات موتاهم إلى المقبرة الجديدة في مرقد المقداد ( المجداد … كما يسميها الأهالي ).  يومها لم يوافق والدي على نقل أهله. فظلوا على رقدتهم هناك تحت أرضية الكراج الموحد الذي تحول بعد سنين إلى الحي الصناعي. بعد إخراج الكراج مجددا ً خارج حدود البلدة التي توسعت اليوم لتضمه لحدودها.

 المعارك في صراع حرب المقام من فلكلور شهربان.

في عود ٍ إلى موضوع المعركة (صراع حرب المقام)… كثيرا ً ما كانت تنشب خلافات بين شباب محلات المدينة تتطور إلى معارك بالأيدي وأحيانا حتى بالآلات الجارحة. وهذه المعارك لم يهدأ لها أوار حتى بعد تدخلات الشرطة أحياناً. 

وهي التي كانت تقع في ضوء النهار , بل كانت تتطور مساء ً وتدخل فيها تحديات بإشراك الأصدقاء ثم أفراد المحلة ككل…  وهذه تتم وفق إتفاق محدد بين الأطراف المتنازعة … على الليلة والساعة التي ستتم فيها المعركة والمكان أيضاً.

ما لم نتمكن نحن الجيل الأصغر من جيل قادة الحرب الشهربانية الأولى. ما هو السر في اختيار المقام كمسرح للعمليات العسكرية التي يشهدها النزاع . المرة الأولى التي حضرت فيها عملية التعبئة لهذه الحرب … كانت في محلتنا … محلة المصاليخ. 

وفيها عرفنا بأن العدو الذي تجاوز على حدودنا الدولية وأدى هذا التجاوز إلى إصابة أفراد أحدى النقاط بجروح وهذا ما يجب الرد عليه بقوة.  

ألاستحضارات لمعركة صراع حرب المقام وأنواع الأسلحة بعد معرفة الأعداء. 

عندما تمت الاستحضارات وأصبح الجيش جاهز للحركة فوجئت بأنواع الأسلحة التي ظهرت. والذي كان النجم الرئيس فيها المدفع الدوار اليدوي ( المحجال ). والذي هو عبارة عن قطعة جلد أو قماش مخاط من عدة طبقات مثقوبة من النهايتين مربوط بهما قطعتي حبل أو شبيهه من القماش متساويتين في الطول. 

توضع في قطعة الجلد حصاة متوسطة الحجم! ثم يبدأ مستعمله باللف بحركة دورانية للمحجال. ثم يطلق الحبل الأمامي من يده لتذهب الحصاة بالاتجاه المقصود و كأنها طلقة من بندقية . وهناك قضبان من جريد النخيل وهذه مخصصة للاشتباك القريب. وقسم منها مخصص لرفع رايات من القماش بلون واحد. و آخر توضع عليه لوحة تحمل رموز معينة.

كما أسلفت فإن دخول قطعاتنا يتم من المدخل الوسطاني المؤدي من المدينة إلى المقبرة. متجاوزا ً مدخل محلة القلعة بينما تدخل قطعات جيش الرمادية من المدخل المحاذي لبستان المرحوم سلمان جبوري القصاب (الإتجاه المعاكس لمدخل جيشنا). ومما فاتني ذكره حول سبب إختيار المقام. 

أنتشار قطعات محلتنا وتفاصيل حرب المقام.

فحال وصولنا هناك تنتشر قطعات محلتنا وكيف يتم توزيع القطعات كما يلي :

  • 1- مفرزة الاستطلاع كي تربض على شكل نصف دائرة حول غرفة المقام الواقعة منتصف المقبرة بالضبط لتعطي إشارة متفق عليها حال قدوم جيش الأعداء .
  • 2- الخط الأول خلفها بما مجموعه أربع خطوط من القبور و المسلحة و المستعدة للاشتباك القريب بجريد النخيل .
  • 3- الخط الثاني المسلح بالمدفع الدوار و هنا يستعمل رمي القوس بدلا ً من الخط المستقيم حتى لا يصيب الاستطلاع  والخط الأول .

و مع أول رشقة تبدأ الأهازيج للرد على أهازيج العدو التي يترنم بها أفراده حين دخولهم إلى المقام كدخولنا يعطيك تصورا ً بأنك وسط المعارك التي تشاهدها هذه الأيام بين جيش قريش و جيش المسلمين و من ضمن الأهازيج التي أطلقها جيش الأعداء تلك الليلة نكاية بأحد قادة المصاليخ الذي أصيب بمعركة سابقة :

" فلان الكذا وينه ... الديج ناكر عينه "

تستمر المعركة لساعتين و أكثر بين قصف مدفعي و أشتباك قريب لتنتهي بوصول أفراد من هذا الجيش أو ذاك إلى غرفة المقام و إحتلالها لينسحب الفريق الآخر مدحورا ً يجر أذيال الخيبة و الألم يعتصر قلوب أفراده بسبب الخسارة .

هل تتصورون أن ما ذكرته لكم و وصفته كأنه حرب ضروس هو عبارة عن نوع من التسلية التي كانوا يمضون الوقت فيها و التي كانت تتطور في بعض الأحيان القليلة إلى معركة حقيقية .

google-playkhamsatmostaqltradent