قصيدة | مولاتي… لا تركعي
الشاعر: وهاب قره داغي.
الشاعر وهاب قره داغي، من مواليد بغداد عام 1956 في منطقة باب الشيخ، شاعر عراقي حمل همّ الوطن في قلبه، وجعل الكلمة منبرًا للمقاومة والأمل. عُرف بأسلوبه القوي الممزوج بالصدق والالتزام الوطني، حيث تلامس قصائده وجدان القارئ، وتوقظ فيه روح العزة والكرامة.
![]() |
قصيدة | مولاتي… لا تركعي الشاعر وهاب قره داغي |
في هذه القصيدة، يتخذ الشاعر من بغداد رمزًا خالدًا للحضارة والعزّ والكرامة، فيخاطبها كأنها الحبيبة والأم والوطن. يصفها بأنها **صفوة الزمان*رحيل بلون الدمع*، ويحزن على ما أصابها من جراح، داعيًا إياها لرفض الخضوع للظالمين، وأن تكون دائمًا منارةً للعدالة وقبلةً للأحرار.
قصيدة | مولاتي… لا تركعي(البحر الكامل)
مُولاَتِيَ أَنْ الدَّمْعَ مِنْكِ سَيَنْتَهِي
وَتَغُورَ عَيْنَاكِ
بِشْتَارِ رُمُوشِهَا
وَيَذُوبَ قَلْبُكِ مِنْ جَفَاءٍ يَنْطَوِي
حُقُبُ السِّنِينَ عَلَيْكِ تَبْدُو رُتُوشِهَا
شُدِّي عَلَى الأَمَلِ الْوَضَّاحِ فِي مَهَجٍ
وَابْسِمِي، ثُمَّ افْتَحِي بَابَ مِحْرَابِهَا
وَدَعِي الصَّلاَةَ جَمَاعَةً فِي صَوْمَعٍ
ثُمَّ اذْكُرِي أَثَرَ الدُّعَاءِ بِجَمْعِهَا
بَغْدَادُ صَفْوَةُ هَذَا الْعَصْرِ بَلْ غَدَتْ
كُلُّ الصَّفَاةِ صَفَا الزُّهُورِ بِصَفْوِهَا
لاَ تَرْكَعِي لِلظَّالِمِينَ وَأَمْرُهُمْ
جُودِي عَلَى حَقْفِ الْعَدَالَةِ
بِعِزِّهَا
أَمَلُ الشُّعُوبِ يُبْتَنَى بِتَعَاضُدٍ
لاَ أَنْ
يُفَرَّقَ لِلأَنَامِ بِشَمْلِهَا
وَازْرَعِي غَدًا مُشْرِقًا فِي أَرْضِنَا
وَاصْنَعِي فَجْرًا يُبَدِّدُ
لَيْلَهَا
وَاجْمَعِي شَتَاتَ القُلُوبِ عَلَى الْهَوَى
كَيْ
تَسْتَعِيدَ الرُّوحُ دِفْءَ وِصَالِهَا
وَانْثُرِي العَدْلَ عَلَى دَرْبِ الْهُدَى
كَيْ لاَ تَضِلَّ خُطَى
الْبِلاَدِ بِأَرْضِهَا
وَاحْرُسِي النَّهْرَيْنِ مِنْ غَدْرِ العِدَى
وَاحْفَظِي الخَيْرَاتِ فِي أَفْيَائِهَا
سِيرِي عَلَى نَهْجِ الأَبَاةِ فَإِنَّهُمْ
قَدْ أَوْدَعُوكِ عَزِيمَةً فِي أَصْلِهَا
لاَ تَنْحَنِي إِلاَّ لِرَبِّكِ خَاشِعًا
وَارْفَعِي لِلْعِزِّ رَايَاتِ الْعُلَا
فَالْحَقُّ يَبْقَى مَا بَقِيتِ صَامِدَةً
وَالظُّلْمُ يَنْهَارُ بِسَطْوَةِ أَهْلِهَا
شرح أبيات قصيدة | مولاتي… لا تركعي
- الأبيات 1-2: يخاطب الشاعر "مولاته" داعيًا إياها للصبر، مؤكّدًا أن الدموع ستنتهي، وأن الجفاء الذي أضعف القلب سيزول رغم قسوة السنين.
- الأبيات 3-4: يحثّها على التمسك بالأمل والابتسامة، وإحياء روح العبادة والدعاء بين الناس.
- الأبيات 5-6: يصف بغداد بأنها صفوة الزمان، ويدعوها إلى عدم الخضوع للظالمين، بل أن تكون سندًا للعدالة.
- الأبيات 7-8: يؤكد أن وحدة الشعوب تبنى بالتعاضد لا بالفرقة، وأنها قادرة على زرع غد مشرق وصنع فجر يبدد الظلام.
- الأبيات 9-10: يدعوها لجمع شتات القلوب، ونشر العدل على الطريق المستقيم حتى لا تنحرف خطى البلاد.
- الأبيات 11-12: يوصيها بحراسة دجلة والفرات من أعداء الأمة، وحفظ الخيرات في أرض الوطن.
- الأبيات 13-14: يحثها على السير على نهج الأبطال الذين أورثوها العزيمة، وألا تنحني إلا لله.
- الأبيات 15-16: يختم بالتأكيد على أن الحق باقٍ ما دامت صامدة، وأن الظلم ينهار أمام قوة أبناء الوطن.
خاتمة: قصيدة "مولاتي… لا تركعي" تمثل صرخة وطنية تحمل في طياتها رسالة شموخ وإباء، تذكّر الأجيال بأن الحرية والكرامة تُنتزعان بالصبر والصمود، لا بالرضوخ والانكسار. هي لوحة شعرية أبدع في رسمها الشاعر وهاب قره داغي، لتظل خالدة في وجدان كل محب للوطن.