محمود شكري (ابو كارم) وكوكب الشرق أم كلثوم؟
أرتبطت علاقة والدي مع محمود شكري أبو كارم وكوكب الشرق السيدة أم كلثوم هي القاسم المشترك بينهما. فقد نتجت تلك الصحبة أن يكون الأستاذ محمود شكري أبو كارم انيس لنا لنسمع أغاني أم كلثوم عبر الاذاعات مابعد الساعة الثانية عشر ليلاً. وفي محل خياطة والدي لانه يحب أكمال أعماله خلال الليل وبالخصوص في شهر رمضان.
في ليال رمضان كنت أسهر مع والدي في محل الخياطة العائد له وسط السوق حتى موعد صلاة الفجر. كان سميرنا إنسان رائع هو الأستاذ المربي الفاضل محمود شكري ( أبو كارم) وهما يستمعان لأغاني السيدة أم كلثوم. التي تبدأ إذاعة الكويت بتقديمها في الساعة الثانية عشرة ليلا ً ثم الإذاعات الأخرى بالتوالي.
ثم نتمشى جميعا ً من محل والدي إلى مقهى العم " جاسم يبه" قبل حلول موعد الآذان لنشرب الشاي و يقوم العم بغلق المقهى ومن ثم نتوجه إلى بيوتنا.
مجلة شهربان الألكترونية- SHAHARBAN MAGAZINEمحمود شكري (ابو كارم) وكوكب الشرق أم كلثوم؟ |
الاستاذ محمود شكري والغرام لأم كلثوم؟`
كان الأستاذ " محمود شكري " مغرماً بها بشكل لا يمكن تصديقه إلا لمن أمتلك الدلائل على ذلك. ومن ضمن هذه الدلائل التي ستؤكد لكم ما أذكره لاحقا ً. ما قاله بحقه أخي " نزار إبراهيم المضمد " في تعليقه على مرور ذكره في موضوعة العم المغفور له " جاسم يوبه " : "
ربنا يرحم أستاذي (محمود شكري ) مدرس الفن في مدرسة النصر الابتدائيه. (والتي احتلت بناية روضة المقداديه والتي تأسست في نهاية الأربعينات من القرن الماضي). والتي كان مديرها حميد جليل (في نهاية خمسينيات القرن الماضي). تعلمت منه حب الفنون والأعمال اليدويه والتي مازلت امارسها كهوايه.
كان الاستاذ محمود شكري شديد الذكاء يصلح الأدوات الكهربائيه للجيران. كان عاشقاً للموسيقى وبالأخص (أم كلثوم). كان يسافر إلى مصر في عطلة الصيف لحضور حفلاتها. مازلت أتذكر البدله التي قضى في ارتداها سنينا. .......واقتصاده في التدخين من أجل التوفير للسفر. .....رحم الله أستاذي العزيز) .
ذات نهار ربيعي أرسلني الوالد في طلبه من البيت لعطل ما في ماكنة الخياطة. التي تعتبر زبونته الدائمة فلا أذكر إنها عطلت يوما ً دون أن يكون الفضل في إعادتها إلى الحياة والعمل ليده الكريمة.
صور محمود شكري مع أم كلثوم تزيين جدار غرفة الاستقبال .
ذهبت إلى بيته لأجده مستلقي على الأرض و نصف جسمه تحت السيارة الخاصة به عند بوابة البيت وسط الزقاق : -
سلام عليكم عمو .
- هلا عمو هله . ها خير أشجابك ؟
- و لله عمو المكينة أتبوس أيديك . وأخوك دزني كال جيبه و تعال .
- دكعد شوية خلي أخلص و أنروح أنشوفهه أشبيهه .
- عمو أشدتسوي أنته هسه ؟
- بابه يوميه من أطلع بالسيارة أسمع صوت مزعج من يم التايرات. واليوم كلت ما عندي طلعه خل أشوف شبيهه , طلع الفريند أكسل أيطخ ويه الأسطاب أكسل وتعرف حديد بحديد أيطلع هذا الصوت .
- زين عمو وأشراح أتسوي ؟
- عمو شوف جبت وصلة صوندة كصيتهه بالطول و لبستهه على الفريند أكسل وراح ألفهه بتيب , وأيروح الصوت , تتذكر من كتلك لك بابه إضافة للدراسة أتعلم ميكانيك , لك هذا أبو الخبزة .
- تمام والله عمو أتذكر .
- يلله خلي أشغل ...( وأخذ يقودها للأمام مسافة أمتار ويعود به للخلف ) ها دتسمع صوت ؟
- لا والله عمو , عاشت أيدك .
- يلله تعال أكعد شويه بغرفة الخطار بين ما أغسل أيدي وأبدل حتى نروح .
العشرين دقيقة تلك التي أستغرقها أستاذنا الفاضل في تهيئة نفسه , نقلتني إلى عالم ساحر و جميل ... عشرات الصور له واقفا ً جنب السيدة أم كلثوم. وكل صورة كتب تحتها التاريخ وأسم الأغنية والحفلة وأين أحييتها. ؤعلى ما أستنتجته في أيامها شدة تعلقه بمصر والسيدة أم كلثوم. إختياره أسم " كارم " على أسم المطرب الشعبي المحبوب " كارم محمود ". صاحب الأغنية الشهيرة الخالدة " على شط بحر الهوى .. رسيت مراكبنا ".
مناكفات بين أبو كارم ووالدي حول أم كلثوم وهم يسمعونها.
ما كان يجري بينه وبين أبي من مناكفات ليلية في رمضان عندما تبدأ السيدة بالغناء كان من اللحظات التي لا يمكن نسيانها أبدا ً. فهو كما أسلفت كان قد حضر معظم حفلاتها! وأبي الذي لم يحالفه الحظ في ذلك كان مستمعا ً جيدا ً وشغوفا ً بها أيضا ً. وقد أورثاني الأثنين ذلك الشغف بها وبكل أغانيها.
كانت المناكفة تبدأ ما أن تنتهي الوصلة الموسيقية و تشتعل عاصفة التصفيق حتى يبتدأها أبي و هو ينظر إلي غامزا ً بعينه : -
تعرف أشصار هسه بابه ؟
- لا والله بابه ... أشصار ؟
- متشوف هذا التصفيق ...لأن شالت نفنوفهه وطلعت سيقانهه.
و يأتي الرد صاعقا ً مزلزلا ً بعصبية حادة :
- لك متستحي على شيباتك , تقبل أحد يحجي على أهلك .. على خواتك هيج حجي سخيف ؟ " ثم ملتفتا ً إلي " :
- بابه لتصدك بحجي أبوك .. تره فد واحد ميخجل يتجنى عالمرة ... بابه هاي طبيعته بكل حفلة أتكون كاعدة عالكرسي إلى تنتهي الموسيقى مال البداية. فمن أتكوم من على الكرسي يستقبلوهه الحضور بهاي العاصفة مال التصفيق.
عودة الانسجام بينهما بعد غناء أم كلثوم.
وما أن تمضي دقائق حتى يبدآن بالترديد ورائها بأنسجام وكأن شيئا ً لم يكن. وتبدأ الملاطفات بينهما مرة أخرى وكأنهما أخوين صغيرين يلعبان مع بعض ... تارة ترى الصفاء والإنسجام وتارة المشادات هي الحاكمة لتصرفاتهما. وسبب كل هذه الفوضى الحب المشترك للسيدة أم كلثوم .
وبعد نهاية الأغاني وقرب آذان الفجر كنا نغلق المحل ونتوجه جميعا ً إلى مقهى العم جاسم يوبه لشرب الشاي ومن هناك كانا يفترقان على الود والأخوة. فيذهب كل منا في طريقه إلى البيت. كل ما كان يقوله الأستاذ الفاضل أبو كارم عن السيدة أثبتت صحته الأيام.
في عقد السبعينات والثمانينات مع الثورة التكنولوجية في عالم الإتصالات وظهور الفضائيات التي تبث عبر الأقمار الصناعية. والكشف عن قيام شركة أمريكية كانت على ما يبدو قد أحتكرت تسجيل حفلات السيدة أم كلثوم. وقامت ببيعها إلى الفضائيات العربية.
حيث تأكدت من رؤيتي لأول تسجيل أن كلام أستاذي الفاضل – أبو كارم كان صحيحا ً مئة بالمئة. إذ أن حفلاتها كانت فعلا ً كما وصف وأن عاصفة التصفيق تبدأ مع نهوضها من على الكرسي. ساعتها أتذكرهما رحمهما الله ورحم موتاكم متأسفا ً على تلك الأيام الجميلة بكل ما حملت من عفوية وبساطة .
الذكر الطيب أبدا لأبا كارم الذ لم أجد له شريك و ند في هذا العشق إلا في شخص سيد جليل من أهالي الموصل سآتي على ذكره بالتفصيل في حكاية قادمة إن شاء الله .