recent
أخبار ساخنة

انيسيات يومية راواندا والعهر السياسي هكذا تكلم انيس.

Site Administration
الصفحة الرئيسية

انيسيات يومية راواندا والعهر السياسي هكذا تكلم انيس.

الكاتب أنيس السعيدي.

راواندا والعهر السياسي: هكذا تكلم أنيس" هو عرض يومي ساخر يقدم لكم الكاتب الساخر أنيس السعيدي. في هذه المقالات، يبحر أنيس في أمواج السياسة الراهنة بقلمٍ ساخر لا يعرف الرحمة، يكشف عن التناقضات والمفارقات التي تميز عالم السياسة اليوم. بمزيج من الذكاء والفكاهة، يسلط أنيس الضوء على قضايا تهمكم ويدعوكم للتفكير بعمق في ما يجري حولكم. استعدوا لجرعة يومية من النقد اللاذع والضحك الذي يكسر قيود الجدية. انيسيات يومية هكذا تكلم انيس.

انيسيات يومية راواندا والعهر السياسي هكذا تكلم انيس.
انيسيات يومية راواندا والعهر السياسي هكذا تكلم انيس. 

سافر بغداديٌّ معظماوي الى القاهرة بُعيد الاحتلال الأمريكي للعراق سياحةً واستجماماً ، تغيير هوا ، يستأجر تكسياً يتجول في شوارعها غراماً واهتماماً ، أثاره مكانٌ يدهشه رغبةً وانسجاماً ، راح يسأل سائقه فضولأً واستفهاماً ، ينتظر مايمليه وحياً وإلهاماً :

  • --   أگول أخويا ، آخر هذي البناية مال شنو ؟
  • --   دي يافندم گامعة الأزهر الشريف ، تصور ياأستاز : إنو عدد المصلين يوم الگمعة يوصل لحد ستوميت ألف نفر ، وگايز حتى سبعومية في المسگد الكبير بتاعها ، يصلى فيه سيدنا الحوسين
  • --   لاهوايا متعجب جنابك ، إحنا عدنا بجامع أبو حنيفة يعبر عدد المصلين ست ملايين ، وأحياناً سبعة اثمانية ، إذا الله ليچذبني
  • ...  افتر الديلكو براس هذا المصري يضرب راحتيه المقودَ قواماً :
  • --   والنبي ؟
  • ...  أجابه العراقيُّ يسند ظهره زهواً والتحاماً :
  • --   دورات يجي ، ودورات ميجي.

الكاتب أنيس السعيدي - ديبلوماسي سابق- اختصاص آداب : ألماني - إنكليزي - عربي - ناشط مدني حالياً

 قبل أعوامٍ اقتحم مكتبي صديقٌ دليميٌّ رائع يقطر طيبةً ، عن معنى الضمير ينشد استفساراً ، فرددته تجاهلاً انكاراً : لاأعرف ، فهناك الكثير من التوصيفات الفنية نمارسها دوماً ولانملك تعريفاً لها محدداً أولها الضمير ، تركني الرجل يجرّ أذيال الخيبة تأملني فقيهاً ، أحوز علوم الأولين والآخرين ، خرج لاأعتقد أنه استوعب حرفاً مما أفتيت به سماحتي ، أحسست بوخزة (ضمير) تنغزني :

        وأحسنُ مافيكَ أنّ الضميرَ ... يصيحُ من القلبِ أنّي هنا

  • ...  عاتبت نفسي على طريقة أحبائي الدليم عشرة عمر تنهرني :
  • --   يوللو اشجاي اتخربط ؟ اشبلاك يمعود ؟ وايش هذا الهرج اللي تگولو ؟ ولاكأنو خطارك يطلب العونة منك ، اكسرت خاطرو للزلمة

ما هو العهر السياسي؟  وتجربة رواندا. 

يوماً ما زارني متابعٌ من أشد المعجبين بجنابي علاّمة عصري ، يتابع صفحتي على الفيت بمب دقةً متناهية فاجأني غير عادته :

--   أستاذ هوايه أسمع عن ( العهر السياسي ) ممكن تشرحلياه ؟

تريثت عشرين ثانية أنتظر حاسبتي الدماغية تمدني معلوماتها المتاحة عن هذا السؤال المزعج ، غير أنها أخفقت كعادتها ، دومها مفشلتني ، اضطررت أن أصفط على راحتي وشحلاتني من أصفط محد يلحگني ، بعد ساعة شعرت أنّ صاحبي لم يفهم ماقلته شيئاً مذكوراً ، لم تصله الفكرة وإنقاذاً للموقف خاطبته قولاً أخيراً :

العهر السياسي هو حين يحكموننا قردةٌ منكوحون أكثر من عشرين عاماً منخوراً ، لم يقدموا للبلد إنجازاً مسطوراً ، عليه العين جلگة سوى التلاعب بمشاعر وعواطف وغرائز العراقيين المذهبية والطائفية وربعنا احچاية اتوديهم واحچاية اتجيبهم مثل الأطفال. 

هذه جمهورية رواندا ، التي أبصرت النور عام ١٩٦٢ ، دولةٌ صغيرة المساحة ٢٦٠٠٠ كم٢ شرق أفريقيا بحجم الكويت وقطر تقريباً ، أرضها برية محرومةٌ من نعمة البحر ، يربو سكانها على عشرة ملايين نسمة ، وكانت من أشد الدول تخلفاً في أفريقيا والعالم ، وفوق كل هذا الدرد دخلت آتون حربٍ أهليةٍ طاحنةٍ ضروس عام ٩٣ ، التهمت مليون قتيل ، وملايين اليتامى والأرامل ، وشردت مليونين الى زائير المجاورة خمسة أعوام ، ونكبات أخرى كثيرة. 

المصالحة بين اطراف الحرب الأاهلية في رواندا.

فجأة قرر المتصارعون إيقاف الحرب بجميع مظاهرها ، والدخول في مفاوضاتٍ تُوجت بتشكيل جبهة الإنقاذ والمصالحة عام ٢٠٠٠ :

  1. ١- منع الطائفية بكل أشكالها وألوانها ، والأقسى من ذلك كله فرض عقوبات صارمة على متداوليها ومن يروج لها في شتى الميادين.
  2. ٢- ملاحقة جميع القتلة والإرهابيين ولصوص المال العام حتى بلغ عددهم ١٢٠ ألفاً ابتعلتهم السجون والمعتقلات والتصفيات جميعاً.
  3. ٣- وضع خطة خمسية اقتصادية ٢٠٠٠ - ٢٠٠٥ للمرحلة الأولى فقط.

وفعلاً حققت كامل أهدافها ، حتى غدت رواندا أكبر اقتصادٍ نامٍ في العالم ، وفي العام ٢٠١٥ نقلت الإحصائيات الدولية أن دخل الفرد الراوندي تضاعف ٣٠ مرة عما كان عليه قبل الخطة الأولى وكما هو مقرر أن يختفي الفقر عندهم عام ٢٠٢٠ ، وهسه ماأدري ولى عنهم لو بعده ، انگطعت اخبارهم عني فرد نوب ، بس كل اللي أعرفه أن رواندا لاتملك موارداً أو ثرواتٍ ، بطرگ السياحة

امنيات الزحف الى راوندا.

أتمنى من الحشود المليونية في مشاية الأربعين الى كربلاء أن يزحفوا على رواندا ، لن يجدوا هناك نبياً ، دورات يجي ودورات ميجي ، ولاأئمةً معصومين حتى في عمليات الهضم ، ولاحجةً غائباً يحسب عليك أنفاسك ، ترفع له أعمال الخلائق كل خميس على جمعة ، بيد مفاتيح الكون ، شوكت مدريد يجلبها بينا يجلبها

ولامراجعاً وكهنةً يسلبون حقوقهم ويسرقون أحلامهم ، يتحكمون حتى في مفارش الزوجية ، ملعونٌ من ينتقدهم أو يگول لواحد على عينك حاجب ، ولكن سيعثر هؤلاء الزوار في رواندا على ( الضمير ) الذي بحث عنه رفيقي الدليمي الطاهر ، وأنا من جهلي تفلسفت برأسه جهلاً وغروراً. 

سيكتشفون أنّ من يبني الأوطان ليس الله ولاالنبيّ ولاالأئمة ولاالمراجع ولاعمائم الدين المسلفنة ولاالميليشيات ، وإنما هو الضمير ، ذلك الرقيب الصارم الذي يعدل ميزان القوى لصالح الخير وحده ، ويمنع الشرّ أياً كان مصدره : 

من لم يخف عقبى الضمير ... فمن سواهُ لن يخافا

الخاتمة: سيكتشف هؤلاء الزوار ( العهر السياسي ) الذي يحمله قادتهم الطائفيون يتاجرون بأوراق التاريخ المزيفة المنسية وتلك العظام البالية عليها القبور المزركشة وسيلةً رابحة لاستعباد الملايين من العراقيين في مدن الملح وقراها ، كقطعان الماشية لاهمّ لهم سوى العلف المجاني ودغدغة الخواطر الميتة لاتعادل بأجمعها جهاز موبايل يحملونه في جيبوبهم ، صنعه عالمٌ لايؤمن بما يقدسون

أنا لاأملكُ بيتاً

أنزعُ فيه تعبي

لكن كالبرق أُبشّرُ

أنّ الأمطارَ ستأتي

وتغسلُ بالمطر الدافئ

جُنحَ النورسِ

وبيوتَ أحبتنا

والحرفَ الأولَ من لغتي

هكذا تكلّم أنيس !!
google-playkhamsatmostaqltradent