اللاعب العراقي الأسطوري علي حسين الذي ترك بصمة خالدة في كرة القدم الوطنية
مقدمة عن علي حسين ومسيرته الرياضية.
علي حسين، أحد أعظم لاعبي كرة القدم في تاريخ العراق، لا يمكن لأي محب لهذه الرياضة أن يتحدث عن كرة القدم العراقية دون أن يذكر هذا الاسم. كان رمزًا للإبداع والتفاني، حيث قاد منتخبه وأنديته إلى تحقيق إنجازات لا تُنسى. لعب بأسلوب فريد من نوعه، جعل الجماهير تعشقه والمنافسين يحسبون له ألف حساب.
![]() |
اللاعب العراقي الأسطوري علي حسين الذي ترك بصمة خالدة في كرة القدم الوطنية |
علي حسين هو لاعب المنتخب الوطني العراقي السابق بكرة القدم المعروف بلمسته البرازيلية الرشيقة، من خلال مشاركاته الدولية الرسمية والودية مع المنتخب العراقي في حقبة الثمانينات الذهبية التي كان أحد ابرز عناصرها.
النشأة والبدايات في عالم كرة القدم
وُلد علي حسين شهاب 5 مايو عام ١٩٦١ في مدينة بغداد الرصافة بمنطقة الكسرة بالقرب من ملعب الكشافة، حيث نشأ وسط بيئة تشجع على حب الرياضة. منذ صغره، كان يظهر شغفًا كبيرًا بكرة القدم، حيث بدأ اللعب في الشوارع مع أصدقائه.
انضم إلى نادي الجامعة وبعدها تم تحويله الى نادي الطلبة في سن مبكرة، وهناك بدأت مواهبه تتفتح بوضوح. مدربوه في المراحل الأولى لاحظوا سرعته الكبيرة، مهاراته في التحكم بالكرة، وقدرته على قراءة الملعب.
مثل المنتخب الوطني العراقي الأول للمرة الأولى في عام ١٩٨١م لتستمر رحلته لبداية عام ١٩٨٩م . الذي كان فيه ختام رحلته الدولية بالاعتزال غير المعلن كأغلب أبناء جيله.
الانطلاقة الكبرى مع المنتخب الوطني: بدأت مسيرة علي حسين الحقيقية عندما استُدعي للانضمام إلى المنتخب الوطني. كانت هذه اللحظة نقطة تحول في حياته المهنية. لعب أول مباراة دولية له ضد فريق قوي، وأثبت جدارته منذ البداية. بفضل أدائه الرائع، أصبح لاعبًا أساسيًا في تشكيلة المنتخب وساهم في العديد من الانتصارات المهمة.
الأداء المميز في البطولات الدولية
على المستوى الدولي، أثبت علي حسين أنه لاعب من الطراز العالمي. شارك في العديد من البطولات الآسيوية والعربية، حيث سجل أهدافًا حاسمة وأظهر مهارات استثنائية. كانت تسديداته القوية وتمريراته الدقيقة سببًا رئيسيًا في تحقيق العراق لبطولات مهمة، مثل كأس الخليج وكأس آسيا.
فديو لاهداف علي حسين
بدا مسيرته الدولية في صيف عام 1981م عندما استدعاه شيخ المدربين العراقيين عمو بابا لتشكيلة المنتخب الوطني كاحد العناصر الشابة، ضمن حملة التجديد الشاملة التي انتهجها اثر الخروج المحزن للعراق من تصفيات كاس العالم على يد الكادر التدريبي السابق بقيادة اليوغسلافي فويا! .
حيث لعب مباراته الأولى مع منتخب العراق ضمن اللقاء الودي الذي جمع العراق بمنتخب غينيا في بغداد في 22 آب 1981م والذي احرز فيه أول اهدافه مع المنتخب، ليصبح بعد ذلك رقما دائميا في مفكرة كل المدربين الذين قادوا المنتخب خلال عقد الثمانين نظرا لثبات مستواه واجادته اللعب في مركز الجناح الايسر أفضل من اي لاعب اخر في تلك الحقبة !.
فرغم رحيل المدرب عموبابا بعد دورة الألعاب الأولمبية في لوس انجلوس عام 1984م، الا انه بقي ضمن مفكرة المدربين الذين تلوه امثال اكرم سلمان وواثق ناجي وجمال صالح ،والمدربين البرازيليين جورج فييرا وإيدو وايفارستو!.
في السنوات الأخيرة من عقد الثمانينات, اخذ يعيش حالة من المفاضلة بينه وبين الوجه الصاعد في جهة اليسار سعد قيس الذي اخذ يتناوب معه على شغل هذا المركز في المنتخب، لتكون مباراة العراق وقطر في بغداد بتاريخ 10 شباط 1989م ضمن تصفيات كاس العالم اخر تواجد دولي.
علي حين اللاعب لم تختلف الجماهير العراقية على حبه وتقديره... لعب للمنتخب العراقي حوالي (70) مباراة احرز خلالها (12) هدف.
إنجازات علي حسين مع الأندية المحلية
إلى جانب تألقه مع المنتخب الوطني، كانت إنجازاته مع الأندية المحلية لا تقل أهمية. لعب لعدة أندية عراقية بارزة، حيث قادها للفوز بالدوري والكأس. كان دائمًا يظهر بمستوى متميز في المباريات الحاسمة، مما جعله محبوبًا من الجماهير ومصدر فخر للنادي الذي يمثله.
يعد أحد لاعبي الجيل القديم الذين عرفوا باخلاصهم المتناهي للاندية التي مثلوها... والتي جعلت أسماء عدد من اللاعبين خالدة ومقترنة باسم ناد واحد من الاندية... فاقترن اسمه باسم فريق نادي الطلبة.. كاقتران فلاح حسن وعلي كاظم وثامر يوسف بالزوراء.. ورعد حمودي بالشرطة..وناظم شاكر بالطيران ! .
مثل فريق الطلبة العراقي في البطولات الدولية والمحلية طوال 18 عاما... لينال موقعا متميزا في نفوس جماهير الانيق لا يدانيه فيها الا لاعب القرن العراقي حسين سعيد ! رحلته مع الطلبة الانيق بدات في عام 1977م.. ايام كان الفريق يعرف باسم الجامعة...والذي تم تغيير اسمه إلى الطلبة في نهاية ذلك العام... لتبدا بعد ذلك المسيرة الطلابية له والتي استمرت لثمانية عشر عاما.
شارك فيها زملائه في صناعة تاريخ هذا النادي المتاسس في عام 1969م ! حيث ساهم في احراز لقب بطولة الدوري العراقي للطلبة في ثلاثة مواسم خلال عقد الثمانينات.. وموسم رابع هو موسم 92-93م ليكون اللاعب الطلابي الوحيد الذي تواجد في تلك المواسم الذهبية الاربعة.
غير انه لم يتمكن من تحقيق حلمه وحلم جماهير الفريق في احراز لقب كاس العراق خلال عقدي الثمانينات والتسعينات رغم الوصول إلى المباراة النهائية لاكثر من مرة !
دوره في تطوير كرة القدم العراقية
لم يكن علي حسين مجرد لاعب استثنائي في الملعب، بل كان له دور كبير في تطوير كرة القدم العراقية. كان مصدر إلهام للعديد من اللاعبين الشباب الذين حلموا بالسير على خطاه. كما شارك في مبادرات عديدة لدعم البنية التحتية للرياضة في العراق، من خلال تنظيم معسكرات تدريبية وفعاليات كروية. شخصيته القيادية داخل وخارج الملعب ساهمت في خلق بيئة تنافسية صحية ساعدت على رفع مستوى اللعبة في البلاد.
شارك مع فريقه الطلبة في أغلب المشاركات الخارجية.. كبطولة مرديكا 1984م وبطولة جامعات العالم عام 1979م إضافة إلى بطولة الاندية الآسيوية التي اعيد احياؤها عام 1986 والتي احرز فيها الطلبة المركز الرابع ! ليسجل تواجده الأخير مع الفريق الطلابي في موسم 94-95م... منهيا مسيرة حافلة لن تنسى !
مميزاته الفنية وأسلوبه في اللعب
ما يميز علي حسين كلاعب هو مزيج من السرعة، المهارة، والذكاء التكتيكي. كان يمتلك قدرة فريدة على التكيف مع ظروف المباراة، مما جعله لاعبًا متعدد الأدوار. تميّز بتحكمه الرائع بالكرة، وتمريراته الحاسمة التي تفتح الدفاعات المغلقة، بالإضافة إلى تسديداته الصاروخية التي لا تُنسى. أسلوبه كان يجمع بين القوة والمرونة، مما جعله يشكّل تهديدًا مستمرًا للفرق المنافسة.
بعد ذلك غادر الغزال الاسمر العراق ليحترف في صفوف فريق اهلي طرابلس الليبي في تجربة لم تستمر طويلا.. ليعود إلى العراق بعد ذلك ويمثل فريق نادي بروسك أحد اندية محافظة اربيل ضمن منافسات دوري الدرجة الثانية (المستوى الثالث)..
ورغم كونه على اعتاب بلوغ الاربعين.. الا انه استطاع قيادة الفريق البروسكي إلى مصاف اندية الدرجة الأولى لاول مرة عام 1999م.. بعد أن سجل له هدف الفوز الذهبي في المباراة الفاصلة ..
أهم اللحظات التاريخية في مسيرته
شهدت مسيرة علي حسين العديد من اللحظات التاريخية التي بقيت محفورة في ذاكرة الجماهير. واحدة من أبرز هذه اللحظات كانت تسجيله هدفًا حاسمًا في نهائي بطولة كأس الخليج، حيث قاد العراق للفوز باللقب. كما لا يمكن نسيان أدائه البطولي في مباريات التصفيات المؤهلة لكأس العالم، حيث لعب دورًا كبيرًا في تقريب العراق من تحقيق حلم المونديال.
علي حسين كقدوة للأجيال القادمة: بالنسبة للعديد من عشاق كرة القدم في العراق، يعتبر علي حسين قدوة يُحتذى بها. لم تكن إنجازاته الرياضية وحدها هي ما ألهم الآخرين، بل أيضًا تواضعه وحبه للعمل الجماعي. كان دائمًا يشجع زملاءه على تقديم الأفضل، وكان له دور كبير في دعم اللاعبين الشباب وإرشادهم نحو تحقيق النجاح.
التكريمات والجوائز التي حصل عليها: على مدار مسيرته الحافلة، حصل علي حسين على العديد من الجوائز والتكريمات التي تعكس قيمته كلاعب استثنائي. حصل على جائزة أفضل لاعب في العراق عدة مرات، بالإضافة إلى تكريمه من قبل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. كما تم اختياره في تشكيلات مثالية لبطولات دولية وإقليمية، تقديرًا لأدائه الرائع.
التحديات التي واجهها خلال مسيرته
رغم نجاحاته الكبيرة، لم تكن مسيرة علي حسين خالية من التحديات. واجه إصابات خطيرة كادت أن تُنهي مسيرته مبكرًا، لكنه أظهر صلابة وإصرارًا في التغلب عليها. كما واجه ضغوطًا كبيرة بسبب التوقعات العالية من الجماهير والإعلام، لكنه تعامل معها بحكمة وهدوء.
الحياة الشخصية وأثرها على أدائه: علي حسين لم يكن فقط نجمًا في الملاعب، بل كان أيضًا إنسانًا رائعًا في حياته الشخصية. كان معروفًا بحبه لعائلته وحرصه على قضاء الوقت معهم رغم جدول المباريات المزدحم. هذا التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية ساعده على تقديم أفضل أداء داخل الملعب.
توفي بعد معاناة مع المرض، حيث كان يخضع للعلاج في محافظة السليمانية، ولقد توفي بعد عودته إلى بغداد فجر يوم الأربعاء 26 تشرين الأول/أكتوبر 2016م.
الإرث الذي تركه في كرة القدم العراقية
لا شك أن علي حسين ترك إرثًا خالدًا في تاريخ كرة القدم العراقية. إنجازاته وبصماته ستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة. سيرته تُروى كقصة نجاح استثنائية تُظهر كيف يمكن للإصرار والشغف أن يحقق المستحيل.