العراق واستهلاك الغاز الجاف: تحديات وحلول
يعد الغاز الجاف أحد العناصر الحيوية في قطاع الطاقة في العراق، حيث يُستخدم بشكل رئيسي لتوليد الطاقة الكهربائية التي تعتمد عليها البلاد بشكل كبير. يستهلك العراق حوالي 20 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز الجاف، يُنتَج 57% منها محليًا، في حين يتم استيراد الكمية المتبقية من إيران عبر أنبوبين رئيسيين.
ومع ذلك، لا تزال الحاجة الفعلية أعلى من المتوفر، إذ يحتاج العراق إلى نحو 24 مليار متر مكعب سنويًا لسد احتياجاته المتزايدة.
![]() |
العراق واستهلاك الغاز الجاف: تحديات وحلول |
يعاني العراق من تحديات كبيرة في تأمين إمدادات الغاز بشكل مستدام لتلبية الطلب المحلي، وهو ما يدفع نحو البحث عن حلول مبتكرة تشمل تطوير الإنتاج المحلي، تحسين كفاءة المحطات، وتنويع مصادر الاستيراد.
هذه القضايا لا تؤثر فقط على استقرار قطاع الطاقة، بل تمتد إلى الجوانب الاقتصادية والبيئية، ما يجعلها من الأولويات الاستراتيجية التي تتطلب معالجة عاجلة ومستدامة.
استخدام الغاز الجاف كوقود رئيسي
يُعد الغاز الجاف خيارًا مثاليًا كوقود ليس فقط للمحطات الغازية بل أيضًا للمحطات البخارية. يؤدي استخدام الغاز الجاف في المحطات البخارية إلى زيادة كفاءتها بنسبة تصل إلى 10% مقارنة باستخدام النفط الخام والنفط الأسود.
حقائق حول استهلاك الوقود في العراق 2023
-
استُهلك حوالي 20 مليار متر مكعب من الغاز الجاف.
-
تم حرق 69 مليون برميل من النفط الخام (ما يعادل إنتاج 18 يومًا).
-
استخدم 7.2 مليون طن من النفط الأسود.
-
التكلفة الإجمالية بلغت 17.2 مليار دولار (بحساب أسعار السوق العالمية).
محطات الطاقة البخارية في العراق
يمتلك العراق حاليًا 8 محطات بخارية تنتج فقط 3.3 غيغاواط (ما يعادل 21% من إجمالي الطاقة المتولدة). ولتوليد هذه الطاقة، تم استهلاك الوقود التالي:
-
69 مليون برميل من النفط الخام.
-
7.2 مليون طن من النفط الأسود.
التوفير المتوقع باستخدام الغاز الجاف
استخدام الغاز الجاف المستورد بدلاً من النفط الخام والنفط الأسود سيؤدي إلى خفض تكاليف الوقود بشكل كبير، بنسبة تصل إلى 33%. هذا التغيير يُحسّن كفاءة المحطات ويُقلّل العبء المالي على قطاع الطاقة في العراق.
الخيارات المستقبلية لتطوير المحطات
في حالة استبدال جميع المحطات الحالية بمحطات بخارية:
- سيحتاج العراق إلى حرق إنتاجه الكامل من النفط الخام لمدة 100 يوم (280 مليون برميل سنويًا).
- استهلاك 30 مليون طن من النفط الأسود، ما يستلزم استيراد 20 مليون طن إضافية.
- هذا السيناريو يُظهر أهمية التوازن في اختيار أنواع المحطات حسب احتياجات العراق.
الغاز الإيراني واستراتيجية الاستيراد
يستورد العراق حوالي 10 مليارات متر مكعب من الغاز الإيراني سنويًا، بتكلفة تُقدّر بـ 4 مليارات دولار. منذ عام 2017، تم توقيع اتفاق بين العراق وإيران يهدف إلى تجهيز الغاز بكميات شهرية غير منتظمة، حيث يتم التزويد بمعدلات أعلى خلال النصف الأول من العام ومعدلات أقل في النصف الثاني. هذا الاتفاق يعكس اعتماد العراق الكبير على الغاز الإيراني في ظل غياب بدائل محلية كافية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
الاتفاق الثلاثي بين العراق وإيران وتركمانستان
يهدف هذا الاتفاق إلى تسهيل دفع المستحقات لإيران وليس لتحسين معدلات التجهيز. يبقى الغاز المجهز من إيران بنفس السعر (36-40 سنتًا للوحدة)، وهو سعر منافس عالميًا.
يهدف الاتفاق الثلاثي بين العراق وإيران وتركمانستان بشكل رئيسي إلى تسهيل دفع مستحقات الغاز لإيران، دون أن يغير من كميات أو آليات تجهيز الغاز. بموجب هذا الاتفاق، يبقى الغاز المجهز للعراق من إيران بالسعر نفسه، الذي يتراوح بين 36-40 سنتًا للوحدة.
وهو سعر يُعتبر تنافسيًا مقارنةً بأسعار الغاز في الأسواق العالمية. تحصل طهران على 40% من واردات الصفقة، بينما تحصل تركمانستان على 60%، مما يعزز التعاون الإقليمي دون أن يُحدث تغييرًا جوهريًا في استقرار أو زيادة كميات الغاز الموردة للعراق.
تنويع مصادر الغاز
لزيادة تنويع مصادر الغاز، يمكن للعراق اتخاذ الخطوات التالية:
مد أنبوب غاز من الكويت:
-
طول الأنبوب: 250-350 كم.
-
تكلفة الغاز: أعلى بـ 18% من الغاز الإيراني.
-
الكمية المستوردة: 10 مليارات متر مكعب سنويًا.
استئجار منصة عائمة (FSRU):
-
تُنصب في ميناء الفاو.
-
القدرة الاستيعابية: 6 مليارات متر مكعب سنويًا.
-
المدة الزمنية لإنجاز المشروع: 12 شهرًا.
طرق مقترحة لتنويع مصادر الغاز
تشمل المقترحات:
- مد أنبوب غاز من منصة الزور الكويتية للغاز المسال.
- استئجار خزانات سطحية لتخزين الغاز المسال.
- تحويل الاعتماد تدريجياً إلى الغاز المحلي والمستورد.
- استئجار منصة عائمة لاستقبال الغاز المسال (FSRU) في ميناء الفاو.
جدول أسعار الغاز عالمياً
الدولة | السعر لكل وحدة (سنت) |
---|---|
إيران | 36-40 |
قطر | 42-45 |
أستراليا | 48-50 |
بناء خزين غازي استراتيجي
فوائد الخزين الاستراتيجي
-
تقليل التذبذب الفصلي في التجهيز.
-
تأمين احتياجات المحطات لفترات طويلة.
أماكن مقترحة للبناء
-
كركوك.
-
الأنبار.
-
البصرة.
-
الموصل.
زمن الإنجاز
يستغرق بناء خزان استراتيجي بسعة 5 مليارات متر مكعب من الغاز الجاف نحو خمس سنوات لتحقيق الاكتمال. هذا المشروع يُعد حلاً استراتيجياً ومستداماً لتلبية احتياجات العراق من الغاز وتجنب الاعتماد المفرط على الاستيراد، خاصةً خلال فترات ذروة الطلب.
تم اقتراح هذا الحل من الجانب الإيراني في عام 2014 ضمن إطار تعزيز التعاون المشترك في مجال الطاقة بين البلدين. يمكن للخزان أن يلعب دوراً محورياً في استقرار الإمدادات وتقليل التكاليف على المدى الطويل، بالإضافة إلى دعمه البنية التحتية للطاقة في العراق، مما يعزز أمن الطاقة الوطني بشكل كبير.
التوصيات النهائية
-
زيادة الاعتماد على الغاز الجاف المحلي والمستورد لتقليل تكاليف الوقود.
-
بيع النفط الخام والنفط الأسود المخصص للاستهلاك المحلي في السوق العالمية بأسعار جيدة.
-
تطوير بنية تحتية لاستيراد الغاز المسال من قطر وأستراليا.
-
بناء خزين استراتيجي لتأمين الاحتياجات.
الخطوات الرئيسية المقترحة (ترقيم)
-
استبدال الوقود المستخدم في المحطات البخارية بالغاز الجاف.
-
مد أنبوب غاز من الكويت لاستيراد الغاز المسال.
-
استئجار منصة عائمة لاستقبال الغاز المسال.
-
بناء خزانات استراتيجية في مواقع متعددة.
-
زيادة كفاءة المحطات البخارية باستخدام الغاز الجاف.
أبرز الفوائد المتوقعة (نقاط)
-
تقليل تكاليف الوقود السنوية بنسبة تصل إلى 40%.
-
زيادة كفاءة المحطات بنسبة 10%.
-
تقليل استهلاك النفط الخام والنفط الأسود.
-
تحسين استقرار إمدادات الغاز.
-
تحقيق وفر مالي يصل إلى 7 مليارات دولار سنويًا.
الخطوات المستقبلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز
لتحقيق اكتفاء ذاتي واستدامة في قطاع الغاز والطاقة، يمكن للعراق أن يتبنى مجموعة من الخطوات المتكاملة:
زيادة الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي:
-
استغلال الحقول الغازية غير المُستثمرة.
-
تحسين تقنيات الاستخراج لتقليل الهدر.
تقليل حرق الغاز المصاحب:
-
استثمار الغاز المصاحب للنفط بدلًا من حرقه.
-
تعزيز الشراكات مع الشركات الدولية لتطوير تقنيات فصل ومعالجة الغاز.
تنفيذ مشاريع طويلة الأجل:
-
بناء خطوط أنابيب جديدة لنقل الغاز.
-
تحسين البنية التحتية لنقل وتخزين الغاز.
الاستثمار في الطاقة المتجددة:
-
تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
-
دمج مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح مع الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة.
الخلاصة: يواجه العراق تحديات كبيرة في قطاع الطاقة، لكن مع التخطيط السليم وتبني سياسات فعّالة لتنويع مصادر الغاز وتحسين كفاءة المحطات، يمكنه تحقيق وفر مالي كبير وزيادة استقرار إمدادات الطاقة. الاستثمار في البنية التحتية وتطوير الشراكات مع الدول المجاورة والشركات العالمية يُعدّ مفتاح النجاح لتحقيق اكتفاء ذاتي مستدام في قطاع الطاقة.