recent
أخبار ساخنة

فضيحة الغاز: كيف أثرت المصالح السياسية على ملف الطاقة في العراق؟

Site Administration
الصفحة الرئيسية

فضيحة الغاز: كيف أثرت المصالح السياسية على ملف الطاقة في العراق؟

تُعد أزمة الغاز في العراق إحدى القضايا التي تعكس التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع الطاقة في البلاد. رغم امتلاك العراق لاحتياطات هائلة من النفط والغاز، إلا أنه يعتمد بشكل كبير على استيراد الغاز لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية.

الاعتماد الكبير على الغاز المستورد، لا سيما من إيران، يضع العراق تحت رحمة المصالح السياسية الإقليمية. فإيران تُصدر الغاز للعراق بأسعار مرتفعة مقارنة بالأسعار العالمية، مستغلة عدم وجود بدائل كافية لدى الحكومة العراقية. في المقابل، تُعيق مصالح سياسية داخلية وخارجية محاولات تنويع مصادر الغاز، مثل العروض السعودية الأرخص أو التعاون مع دول أخرى كتركمانستان.

فضيحة الغاز: كيف أثرت المصالح السياسية على ملف الطاقة في العراق؟
فضيحة الغاز: كيف أثرت المصالح السياسية على ملف الطاقة في العراق؟

الأزمة تتفاقم بسبب غياب التخطيط الاستراتيجي والفساد الذي يعرقل تطوير البنية التحتية للغاز محلياً. استغلال الغاز المحلي بشكل أكثر كفاءة، إلى جانب تعزيز الشفافية في عقود الاستيراد، يمكن أن يقلل من التكلفة ويحسن كفاءة إنتاج الطاقة.

يبقى السؤال الملح: هل ستتخذ الحكومة العراقية خطوات جادة لتحرير ملف الطاقة من هيمنة المصالح السياسية وتأمين مستقبل مستدام للشعب العراقي؟

العلاقة مع إيران: أزمة غاز وأزمة ثقة

تشكل العلاقة مع إيران في ملف الغاز أحد التحديات الكبرى التي تواجه العراق في تأمين احتياجاته من الطاقة. قبل حوالي تسعة أشهر، أبلغت إيران الحكومة العراقية بنيتها قطع إمدادات الغاز بسبب أزمة داخلية لديها، ما كشف عن هشاشة الاعتماد المفرط على مصدر واحد لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.

العراق، رغم كونه بلداً غنياً بالموارد الطبيعية، كان يشتري الغاز الإيراني بسعر مرتفع يصل إلى 14 دولاراً لكل قدم مكعب، وهو ما يفوق السعر العالمي بكثير، الذي يبلغ 1.81 دولاراً فقط. هذه الأسعار الباهظة لم تُقابل بخطوات جادة لتحسين الاعتماد على الإنتاج المحلي أو تنويع مصادر الاستيراد، ما زاد من تعقيد الأزمة.

الأزمة كشفت أيضاً عن وجود مصالح سياسية تؤثر على القرارات الاقتصادية، حيث تعرقل جهات نافذة أي محاولات للتعاون مع دول أخرى مثل السعودية، التي عرضت بيع الغاز للعراق بسعر تنافسي يبلغ 80 سنتاً فقط.

هذا الواقع يبرز أزمة ثقة عميقة بين الشعب العراقي وحكومته، التي تبدو عاجزة عن اتخاذ قرارات استراتيجية تحرر ملف الطاقة من الهيمنة الخارجية وتضمن استقراراً مستداماً لقطاع الكهرباء.

تحركات الحكومة العراقية: التعاقد مع تركمانستان

في محاولة للحد من الاعتماد على الغاز الإيراني، اتجهت الحكومة العراقية للتعاقد مع تركمانستان لاستيراد الغاز بسعر 4 دولارات لكل قدم مكعب، مع دفع 3 دولارات إضافية لإيران كرسوم ترانزيت لنقل الغاز عبر أراضيها. ورغم هذه الخطوة التي بدت واعدة في البداية، إلا أن تنفيذها كشف عن عقبات كبيرة أثارت الكثير من التساؤلات.

تفاصيل الصفقة:

  • السعر: 4 دولارات لكل قدم مكعب + 3 دولارات رسوم ترانزيت لإيران.
  • الدفع المسبق: العراق دفع 420 مليون دولار مقدماً، بمعدل 2 مليون دولار يومياً.
  • الهدف: تشغيل 60% من احتياجات الطاقة الكهربائية اعتماداً على الغاز التركمانستاني.

الأزمة:

  • لم يصل الغاز التركمانستاني إلى العراق رغم التزام الجانب التركمانستاني بالعقد.
  • بعد التحقيقات، تبين أن إيران استولت على الغاز المتجه إلى العراق بحجة أزمتها الداخلية في الغاز، دون أي رد فعل رسمي من الحكومة العراقية.

هذا الموقف يثير العديد من التساؤلات حول التخطيط الحكومي وغياب آليات رقابة فعّالة لضمان تنفيذ العقود، مما يُعمّق أزمة الثقة بين الشعب والحكومة في إدارة ملف الطاقة الحيوي.

إيران تستحوذ على الغاز التركمانستاني

بعد تحقيقات مكثفة مع الجانب التركمانستاني، أكدت تركمانستان التزامها الكامل بتنفيذ عقد تصدير الغاز إلى العراق. وأوضحت أن الغاز تم ضخه فعلياً عبر خطوط الأنابيب المتجهة إلى الأراضي الإيرانية، كما نص الاتفاق.

لكن المفاجأة جاءت من الجانب الإيراني، حيث استحوذت إيران على الغاز المخصص للعراق، مبررة ذلك بأزمتها الداخلية في الغاز. هذا التصرف أثار غضباً واسعاً، كونه يعد انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات الدولية والثقة المتبادلة بين الدول.

الأدهى من ذلك، أن الحكومة العراقية لم تقم بأي رد فعل حازم تجاه هذا الانتهاك. لم تُصدر تصريحات رسمية تندد بالتصرف الإيراني، ولم تتخذ خطوات دبلوماسية أو قانونية لاستعادة حقوق العراق. هذا الصمت يعكس ضعفاً واضحاً في الموقف الرسمي العراقي وقدرته على الدفاع عن مصالحه في مواجهة الضغوط الإقليمية.

يبقى السؤال: إلى متى سيستمر العراق في تحمل انتهاكات تمس سيادته وحقوقه الاقتصادية دون موقف واضح يضع حداً لهذه التجاوزات؟

السعودية تقدم حلاً أرخص: ولكن المصالح تعرقل الصفقة

في ظل أزمة الغاز التي يعاني منها العراق، قدمت السعودية عرضاً مغرياً لبيع الغاز بسعر 80 سنتاً للقدم المكعب، وهو أقل بكثير من السعر العالمي البالغ 1.81 دولاراً، ما كان يمكن أن يوفر للعراق حلاً اقتصادياً فعالاً لتخفيف الضغط على قطاع الطاقة.

ورغم هذا العرض الجاذب، رفضت الحكومة العراقية الصفقة. السبب وراء هذا الرفض لم يكن فنياً أو اقتصادياً، بل نتيجة لتدخل جهات ذات مصالح خاصة ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران. هذه الجهات المؤثرة حالت دون استغلال الفرصة السعودية، لتبقى أزمة الغاز تراوح مكانها دون حلول عملية.

هذا الموقف يعكس بوضوح كيف تُعرقل المصالح السياسية صفقات كان من الممكن أن تحقق مكاسب كبيرة للشعب العراقي، سواء من حيث خفض التكاليف أو ضمان استقرار إمدادات الطاقة. ومع استمرار هذه التدخلات، يبقى ملف الطاقة في العراق رهينة لمصالح داخلية وخارجية لا تعير مصلحة الشعب أي اهتمام.

التداعيات على مستقبل الطاقة في العراق

يكشف هذا الموقف عن أزمة أعمق تتمثل في اعتماد العراق الكبير على استيراد الطاقة، وهو ما يجعله عرضة للتقلبات السياسية والقرارات الخارجية. الاعتماد المفرط على مصدر واحد مثل الغاز الإيراني يعكس ضعف التخطيط الاستراتيجي لقطاع الطاقة، ويضع البلاد في موقف هش عند حدوث أزمات أو صراعات إقليمية.

تعزيز مستقبل الطاقة في العراق يتطلب تنويع مصادر استيراد الغاز من دول أخرى مثل السعودية أو قطر، والاستثمار في تطوير البنية التحتية للطاقة المحلية. إنشاء منشآت لتخزين الغاز وتحسين الإنتاج المحلي يمكن أن يقلل من الاعتماد الخارجي ويعزز استقلالية البلاد الطاقوية.

بدون اتخاذ خطوات عملية وحلول مستدامة، سيبقى قطاع الطاقة في العراق رهينة للضغوط السياسية والمصالح الخارجية، مما يهدد الأمن الطاقوي للبلاد ويعيق تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة.

الخاتمةأزمة الغاز في العراق ليست مجرد مسألة تقنية أو اقتصادية، بل هي أزمة سياسية بامتياز. يجب على الحكومة العراقية إعادة النظر في سياساتها وتحقيق استقلالية أكبر في ملف الطاقة، حفاظاً على حقوق الشعب وثرواته.

أسئلة شائعة

google-playkhamsatmostaqltradent