شرح قصيدة "دع شموس الكون تمضي"
بقلم: مالك المهداوي.
هذه القصيدة، التي وُلدت من صورة مؤثرة لغروب الشمس على بحيرة حمرين التي التقطت من قبل الدكتور رائد العزاوي عندما كان عائداً من السليمانية في نهاية العيد، ليست مجرد وصفٍ بصريٍّ لغروبٍ عادي. إنها رحلة عاطفية وفلسفية عميقة. أنا مالك المهداوي استخدمت مشهد الغروب كرمزٍ لحالاتٍ إنسانية متعددة:
الحزن، الأمل، التجديد، والحياة. من خلال حوارٍ صامتٍ بين الشاعر والطبيعة، تُطرح أسئلةٌ وجوديةٌ عن الفقد، وانتظار الجديد، واستمرارية الحياة رغم كل شيء. الغروب هنا ليس نهاية، بل هو لحظة تأملٍ عميقةٍ تُعيد ترتيب الأفكار والمشاعر. وهنالك قصيدة (إليك أكتب يا صغيرتي)
![]() |
| شرح قصيدة "دع شموس الكون تمضي" |
لقد أثرت فيّ الصورة بجمالها الآسر، وبما تحمله من معانٍ عميقة. فقد رأيت في الغروب انعكاساً لمسيرة الحياة، حيث تمضي الأيام وتتلاشى اللحظات، تماماً كما تغيب الشمس خلف الأفق. وفي هذا المشهد، تكمن دعوة للتفكر في طبيعة وجودنا، وفي كيفية تعاملنا مع التغير والفقد. فالقصيدة لا تصف الغروب فقط، بل تستعيره كمرآة تعكس مشاعرنا وأحلامنا، وتلهمنا لنتجاوز الحزن ونستقبل الأمل الذي يلوح في الأفق مع كل فجر جديد.
قصيدة "دع شموس الكون تمضي"
*****
*****
*****
*****
*****
*****
*****
شرح قصيدة" دع شموس الكون تمضي"
تبدأ بدعوةٍ للتسليم للقدر: "دع شموس الكون تمضي لمرساها". هذه الحادثة تخفي وراءها حزنًا كامنًا، حيث وصف الشاعر الغروب بأنه "نادى سناها" أي جذب أضواءها. هذا الغروب مشاعر الحزن في قلب الشاعر، فيرى الغيوم وتبكي، ويتساءل إن كان هذا البكاء بسبب الفقد أم هو صدى لـأشواق قديمة. (شرح وتحليل قصيدة "ألا هبي" د. يوسف كرم سليمان الدلوي)
في الأبيات التالية، يتداخل مشهد الغروب مع مشاعر إنسانية. الغيوم لا تبكي فقط، بل هي "ترجّي الشمسَ أن تستمر حتى الأبد"، وهذا التوسل هو تجسيد لرغبة الإنسان في التمسك باللحظات الجميلة وعدم وجود الدفء والأمان. رغم أن الشمس تغادر، فإن هناك أمل دائما، وهو ما يعبر عنه الشاعر بانتظار "فجرٍ جميلٍ".
لكن حاول أن تتخذ منحى فلسفيًا، عندما تفكر الشاعر في أن الشمس لا تغيب، بل تسعى إلى "ما تسعى جاهداً". الغياب هنا هو غيابٌ ظاهريٌ ومؤقت، لأن الشمس "تشرق حيثما شاءت سماها". هذا التحول في الفكرة يُشير إلى أن الخسارة البسيطة ليست في غياب الأشياء، بل في مرور أعمارنا يفقدنا "خطاها"، أي الخطوات التي نمضيها في الحياة.
وتستمر في اختيار الصفات الإنسانية على الشمس، فهي "تحاكي الأرض في حُبٍّ عميقٍ" و"تروي لصورِ حكايا نداها". هنا رمزٌ للعطاء الدائم، فهي تسافر "شرقًا وغربًا" النور، وتضيء من جديد "الليلَ حتى يستفيقَ"، وانتباه في القلوب "وهج ضياها".
ولم يتضرر منها عندما تصبح الشمس مصدر الأمل لعدم وجودها. إنها تُحيي كل "روحٍ قد أضاعَتْ" وتعيد البسمة التي تستغلها النور. الأمل يتجدد مع كل شروق، فال شمس تسقي الأرض "أنفاس الرجاء" لترى الزهر، ويقظة "كلَّ حلمٍ كان أولْ". (قصيدة رحيل بلون الدمع)
خاتمة: القصيدة لا تنتهي بالحزن، بل تتجاوزه إلى حالةٍ من التفاؤل والثقة باستمرارية الحياة. الغروب ليس نهاية الطريق، بل هو محطةٌ للراحة والتأمل، تُذكّرنا بأن "دوام الدرب في أفقٍ مديدٍ"، وأن النور لا يزول أبدًا. الشاعر يترك لنا رسالةً أخيرةً مؤداها أن الحب والعطاء هما الأساس الذي يبقى خالدًا في الأرض، حتى بعد أن ينسدل النور الظاهري.
هذه القصيدة هي دعوة للتأمل في جماليات الفقد، وللإيمان بأن الأمل يتجدد دائمًا مع كل شروق، وأن الحياة تستمر في دورتها الخالدة.
