بيوت الموصل أم الربيعين العتيقة: شاهد على صمود الموصل وتاريخها العريق
بقلم: الدكتور راسم العكيدي.
تخيل أنك تتجول في شوارع مدينة تحمل في جدرانها قصصًا لألف عام، حيث يلتقي الحاضر بالماضي في كل زاوية وركن. هذه هي الموصل، "أم الربيعين"، المدينة التي شهدت حضارات متعاقبة وحروبًا دامية، إلا أنها صمدت وحافظت على تراثها العريق.
بيوت الموصل القديمة، تلك التحف المعمارية، هي شاهد حي على هذا الصمود والتاريخ. ففي زواياها الضيقة وأسقفها العالية، تروي حكايات عن حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم عبر العصور. هذه البيوت ليست مجرد مبانٍ، بل هي ذاكرة المدينة التي تحكي لنا عن مجدها وعن صراعها من أجل البقاء.
![]() |
بيوت الموصل أم الربيعين العتيقة: شاهد على صمود الموصل وتاريخها العريق |
في هذه المقالة، سنأخذك في رحلة عبر زمن الموصل، وسنستكشف جمال بيوتها القديمة، وسنكتشف كيف أنها صمدت أمام تحديات الزمن والحروب. سنلقي الضوء على القيمة التاريخية والثقافية لهذه البيوت، وسنناقش أهمية الحفاظ عليها كجزء أصيل من هوية الموصل.
أم الربيعين: حمائم السلام وسط أجواء الصراع
تمثل بيوت أم الربيعين العتيقة رمزًا للطمأنينة والسلام في مدينة الموصل. كانت هذه البيوت تأوي أسراب الحمائم التي تبعث الأمل في النفوس، لكنها لم تسلم من هجمات الغربان التي طالما حاولت السيطرة عليها. فعلى ضفاف دجلة، عاش أهل الموصل في أمان، رغم تعاقب الأزمات التي أثرت على حياتهم ومنازلهم.
أسراب الحمائم تخرج من بيوت ام الربيعين العتيقة فعلى مرّ التاريخ تهاجم اسراب
الغربان بيوت على ضفاف دجلة في نينوى وتستوطن فيها لزمن فيخبو صوت الحمائم
ويتحول هديلها الى نواح حزين وغناء شجي يحاكي حمائم العراق في باقي المدن.
الأطفال والنساء والشيوخ حمائم الطمأنينة والسلام آمنين في بيوتهم, وبلا أي ذنب يدفعون ثمن حروب تتسلل من دروب تعرف اهلها, مفتوحة على اتجاهات نسيم دجلة وربيع الموصل وبيوت لا تغلق أبوابها.
أهل الموصل: مقاومة الغزاة
بروح السلام على مر العصور، كان المدنيون في الموصل هدفًا للحروب والصراعات. من حصار نادر شاه إلى اجتياح عصابات داعش، دفع السكان ثمن تلك الحروب بدمائهم وأرواحهم. ورغم قسوة الظروف، أظهر أهل الموصل بسالة في مقاومة الغزاة، فكانت النساء والأطفال والشيوخ أول المتضررين من ويلات الحروب، ومع ذلك، استمد الرجال القوة من هدفهم النبيل في حماية عائلاتهم.
اهل الموصل المدنيين المسالمين المطمئنين في مشهد يتكرر حين يكونوا هدف إمبراطوريات ودول وساحة لحروب المصالح ولعبتها المتوالية والمتغيرة بشكلها ولكنها تتشابه في نارها وحممها التي تقع على رؤوسهم منذ حصار نادر شاه حتى استباحة عصابات داعش لمدينتهم و بيوتهم وحياتهم بصناعة محلية واقليمية ودولية لا تراعي حرمة لنساء وأطفال وشيوخ.
ويستمر سقوط المدن وتحريرها في لعبة ربح الحرب وخسارة السلام وفي معادلة حسم الحرب عسكرياً وسياسياً وخسارتها اجتماعياً وغايات الحرب حين تكون مع طرف خارجي فالهدف وضروراته الوطنية المدنيين من أبناء الشعب من نساء واطفال وشيوخ.
ويقاتل الرجال والأهم في اولوياتهم ان لا يمر الغزاة الى بلدهم ويستبيحون اهلهم ويسبون نساءهم ويجوعون ويمتهنون أطفالهم وشيوخهم و يقاومون ببسالة و يستمدون من هدفهم النبيل والإنساني روح عظيمة تحقق نصرهم ولا يمرّ الغزاة إلا على جثث الرجال التي تظل تهفو فوق أطفالهم ونسائهم حتى حين يضحوا من اجلهم
التداعيات الإنسانية للحروب على المدنيين
الحروب الداخلية والخارجية لا تترك خلفها سوى الخراب والدمار. بيوت الموصل العتيقة، التي كانت شاهدة على الألفة والمحبة، تحولت في لحظة إلى أنقاض بفعل الغارات والصراعات. المدنيون كانوا دائمًا بين نارين: الخوف من الغزاة والخسائر البشرية والمادية.
وفي الحروب الداخلية فإن تحرير المدن هدفه الأسمى المدنيين والأطفال والنساء وحمايتهم وخلاصهم من ذل وامتهان واستباحة الغزاة عبر حرب منظمة بتأثيرات جانبية بنسب ضئيلة وبخطط ممنهجة هدفها الإنسان و بحسابات تتوقع الهجرة الجماعية وطبيعة المدينة وعدد الفارين من الحرب وتهيئة معسكرات إيواء لكن المشهد يتكرر دون معالجة وأما عدم الاتعاظ واستيعاب الدرس او عدم الاكتراث والاستخفاف بأرواح المدنيين و حياتهم وأوضاعهم الإنسانية .
كسب الحرب لن يتبعه ربح السلام دون كسب المجتمع فالمدنيين غاية نبيلة لن تصل إليها الدولة دون أن تكون الحرب نظيفة بنسبة عالية وبتخطيط محسوب لتداعيات الحرب على النساء والأطفال والشيوخ وممتلكاتهم وأهمها بيوتهم.
الحروب القذرة وأثرها على المجتمع
تعتمد الحروب على أسلحة فتاكة تهدم المدن وتشرد أهلها، لكنها لا تضمن تحقيق السلام. فالمدنيون، وهم الغاية النبيلة، يدفعون الثمن الأكبر. بيوت أم الربيعين لم تكن مجرد مأوى، بل كانت رمزًا للكرامة والحياة، وما فقدته الموصل من بيوت وأرواح لا يُعوض إلا بتخطيط إنساني يراعي حماية المدنيين.
فالحرب في الحسم العسكري باستخدام اقوى الاسلحة واكثرها فتكاً وتدمير سهلة ولا تحتاج قيادة خبيرة ومهنية ولا خطط وتدابير وهي أشبه باستخدام أسلحة الدمار الشامل, الذي يلجأ له من لا يحسب اي اعتبار لحياة البشر وحقوقهم واستثنائهم وابعادهم من أهداف الحروب ووسائلها وتداعياتها.
فالحروب ليست على استعادة أرض وسيادة بلد وحسب فبلا حماية للمدنيين وممتلكاتهم وكرامتهم وايوائهم وخلاصهم لا ثمن للإرض ولا مغزى للسيادة.
الدمار الاجتماعي: ما بعد الحروب
مع انتهاء الحروب، يبدأ المدنيون في إعادة بناء حياتهم، لكن الجروح التي تتركها الحروب في النفوس لا تندمل بسهولة. الآلاف من السكان وجدوا أنفسهم بلا مأوى، يعانون من صدمات نفسية وجروح اجتماعية عميقة.
بضعة آلاف من غربان الشر وحفنة من ساسة اغبياء طائفيين لاهثين خلف مغانم الحروب ومصالح سياسية من تداعياتها خلقوا كارثة يدفع ثمنها النساء والأطفال ومدينة كان ربيعها دائم.
تغفوا على ضفاف دجلتها في بيوت على الضفاف تداعبها امواج دافئة تهدمت برمشة عين وبضغطة على زناد مدافع لتحيل البيوت ركام وحجارة على رؤوس أهلها.
ومن نجى واقع بين نفسه الضائعة في العراء وبين من ظلت أرواحهم تأن كشجي حمائم ذبحت على طين الضفاف فاختلطت الدماء بماء وطين واختلطت الارواح لتحكي أزمنة تدفع بها أجيال ثمن حروب لا تغادر فكل زمن له صوب تأتي منه الحروب.
دور السياسة والإعلام في تأجيج الأزمات
لم تقتصر الكارثة على الحروب وحدها، بل زادتها تصريحات السياسيين ومنشورات وسائل التواصل التي حملت الحقد والكراهية. بعض الأطراف استغلت المآسي لتحقيق مكاسب سياسية أو طائفية، مما أدى إلى تعقيد المشهد وزيادة معاناة المدنيين.
بعد ذلك ظهرت غربان أخرى غير تلك المستوطنة في زوايا السياسة وبوم ينعق في تصريحات ومنشورات عبر شبكات التواصل تقطر حقداً, وضغينة وكراهية تدفع باتجاهات أكثر خطورة وتريد اكثر من هذا محملة النساء والاطفال ذنب لم يعرفوا اي دوافع وجذور له ولم يقترفوه.
ويعفوا ويستبعدوا ما اقترفه الحكام والساسة من تنفيذ مخطط ولعبة إقليمية ودولية والاغراض معروفة ففكرة متهرأ فاقداً لأي شكل إنساني. يبحث عن ترشيح ويركب موجة الطائفية متوهم أنها ستوصله كما اوصلت غيره فينعق ليل نهار بالطائفية.
وتحميل المدنيين الذنب وآخرين جنوا سحت ملطخ بالدماء مستفيدين من الفوضى ويريدونها ان تستمر وأمراء حرب يديمون الحروب! بما لقنوا وتعلموا وتجار دم استحلوا دماء الاطفال والنساء ونفوس مرضها عضال تتلذذ بمشهد اذلال الأبرياء وجوعهم.
والتحاقهم السماء وتستمر الكارثة ويجني الناعقون والنافثين للسم وسافكي الدماء و مدمري المدن الآمنة مصالحهم وتحسم الحرب ويقتل بها السلام ويعود الناس يحصون قتلاهم تحت بيوت احبوها وضاعت من ذاكرتهم وضاعوا
الأمل في استعادة السلام والكرامة
رغم كل ما مرّت به الموصل، يبقى الأمل في قلوب أهلها. استعادة السلام يتطلب رؤية إنسانية شاملة تراعي حماية المدنيين وإعادة بناء المدن بطرق تضمن حياة كريمة للجميع. أم الربيعين ستظل رمزًا للصمود والعطاء، وبيوتها العتيقة ستعود لتحتضن أسراب الحمائم من جديد.
الخاتمة: الحروب لا تكسب شيئًا إذا فقدنا السلام. الموصل، بجمالها وتاريخها العريق، تستحق أن تعيش في أمن واستقرار. وبيوت أم الربيعين العتيقة، رغم كل ما مرت به، ستظل شاهدًا حيًا على قوة أهلها وعزيمتهم في مواجهة كل الصعاب.