recent
أخبار ساخنة

الوشم: رواية أثارت الجدل بين الفكرين الماركسي والديني

Site Administration
الصفحة الرئيسية

الوشم: رواية أثارت الجدل بين الفكرين الماركسي والديني

بقلم: خوام الزرفي.

في عالم الأدب العربي، لا تزال رواية "الوشم" بمثابة بصمة لا تُمحى. كتبها القاص العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي في بداية السبعينيات، ولاقت ترحيباً كبيراً وردود فعل متباينة بين الفكريين الماركسيين والدينيين. استطاعت هذه الرواية أن تثير جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية، حيث تناولت بجرأة فائقة الأفكار السياسية والتحولات الفكرية التي شهدها المجتمع آنذاك، مما جعلها محط اهتمام واسع النطاق.

الوشم: رواية أثارت الجدل بين الفكرين الماركسي والديني
الوشم: رواية أثارت الجدل بين الفكرين الماركسي والديني.

لم تكن "الوشم" مجرد رواية عابرة، بل شكلت صدمة فكرية لكثيرين، إذ عكست بواقعية معاناة الإنسان العراقي في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي أعقبت الانقلابات العسكرية وصعود الأيديولوجيات المختلفة. ومن خلال شخصياتها العميقة والمضطربة، سلطت الرواية الضوء على صراع الفكرين الماركسي والديني، حيث قدمت رؤية نقدية للواقع السياسي آنذاك، ما جعلها عرضة للرقابة والمنع في بعض الفترات.

تميز أسلوب عبد الرحمن مجيد الربيعي بالسرد الواقعي الذي مزج بين البعد النفسي والاجتماعي لشخصياته، مما أضفى على الرواية طابعاً حياً يعكس هموم وتطلعات جيل بأكمله. وبالرغم من مرور عقود على صدورها، لا تزال "الوشم" تحظى بأهمية كبيرة في الدراسات الأدبية، إذ تمثل نموذجاً للأدب الذي يواجه المحظورات، ويدفع القارئ للتأمل في العلاقة المتوترة بين الفكر الإيديولوجي والواقع المعاش.

ملخص رواية الوشم

تدور أحداث رواية "الوشم" حول رحلة تحول فكري عميقة يخوضها بطلها، حيث ينتقل من تبني الفكر الماركسي الثوري إلى اعتناق التدين والالتزام بطقوسه بشكل صارم. يمثل هذا التغيير الحاد انعكاسًا للصراعات الأيديولوجية التي شهدها المجتمع العراقي آنذاك، حيث كانت الأفكار اليسارية تهيمن في فترات معينة، بينما كان المد الديني يكتسب زخماً في فترات أخرى.

لم يكن تحول البطل مجرد تبدل في القناعات، بل كان رحلة مليئة بالصراعات الداخلية والتناقضات، مما أضفى على الرواية بعدًا نفسيًا واجتماعيًا عميقًا. فقد صور الكاتب هذه النقلة بواقعية، كاشفًا عن العوامل التي دفعت الشخصية الرئيسية للتخلي عن معتقداته الثورية لصالح التوجه الديني. هذا التحول الحاد جعل الرواية مثيرة للجدل، حيث اعتبرها البعض نقدًا لليسار السياسي، بينما رآها آخرون شهادة على تغيرات فكرية متأصلة في المجتمع العراقي. وبذلك، تبقى "الوشم" عملاً أدبيًا يعكس التحولات الجذرية التي قد تعصف بالإنسان وفقاً للمتغيرات الزمنية والسياسية.

الصراع الفكري بين الماركسية والقومية

في سبعينيات القرن الماضي، كان الصراع الفكري بين الماركسية والقومية في أوجه، حيث انقسم الشباب بين تيارين متباينين في رؤيتهما للعالم والمستقبل. اعتُبر الماركسيون آنذاك الأكثر ثقافة والتزامًا نظرًا لاعتمادهم على مصادر فكرية متنوعة مثل إنجلز، ماركس، ولينين، مما منحهم خطابًا أيديولوجيًا محكمًا يقوم على التحليل المادي والتاريخي.

في المقابل، كانت التيارات القومية تستمد أفكارها من الحركات القومية الأوروبية، لا سيما الألمانية والإيطالية، إلا أن المد القومي العربي تأثر بشدة بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي نقل القومية في مصر من نزعة فرعونية إلى هوية عربية إسلامية شاملة. من خلال خطابه القوي ومشاريعه الوحدوية، عزز عبد الناصر فكرة القومية كبديل حضاري للماركسية، مما جعل الصراع بين التيارين أكثر حدة، خاصة في ظل التحديات السياسية التي واجهت المنطقة آنذاك.

الماركسية بين التحليل العلمي والتصادم مع التراث الديني

تميزت الماركسية بكونها أيديولوجيا تعتمد على التحليل العلمي العميق لفهم الواقع الاجتماعي والاقتصادي، مستندةً إلى نظريات كارل ماركس وفريدريك إنجلز التي فسرت التاريخ وفقاً للصراع الطبقي والمادية الجدلية. وقد أثبتت الماركسية نجاحها في تفسير العديد من التحولات الاجتماعية في المجتمعات التي نشأت فيها، إلا أن تطبيقها في الوطن العربي واجه عقبات عديدة، أبرزها التصادم مع الموروث القومي والديني المتجذر في الوعي الجمعي.

ففي مجتمعات قائمة على التقاليد الدينية والهوية القومية، مثل العراق، أثارت الماركسية جدلاً واسعاً، خاصة أنها تبنّت مفاهيم الإلحاد والصراع الطبقي، مما جعلها مرفوضة من قبل التيارات الدينية والقومية على حد سواء. وقد عكست رواية "الوشم" هذا التوتر الفكري بوضوح، حيث سلطت الضوء على صراع الفرد بين الأيديولوجيا الماركسية وقيمه الدينية والاجتماعية، مما جعلها نموذجاً أدبياً لجدلية الفكر والعقيدة في المجتمع العربي.

تشابه الماضي بالحاضر: هل يعيد التاريخ نفسه؟

لطالما كان التاريخ مرآة تعكس الصراعات الأيديولوجية، وكثيرًا ما تعيد الأحداث صياغة نفسها بأشكال جديدة. في العراق، شهدت العقود الماضية صراعًا حادًا بين الفكر الماركسي والتيارات الدينية، حيث كانت كل منهما تسعى لفرض رؤيتها على المجتمع. واليوم، يبدو أن هذه الجدلية لم تنتهِ، بل أعادت تشكيل نفسها ضمن تحالفات سياسية غير متوقعة.

في لقاء تلفزيوني حديث، أشار السياسي بهاء الأعرجي إلى أن بعض الحركات الإسلامية بدأت تندمج مع التيارات المدنية والماركسية في الانتخابات المقبلة، مما يعكس تحولًا لافتًا في المشهد السياسي. بل إنه أعاد صياغة الشعار الماركسي الشهير "يا عمال العالم اتحدوا" إلى "يا عمال العالم صلوا على محمد"، في إشارة إلى التداخل غير المسبوق بين الأيديولوجيات. هذا المزج بين النقيضين يعيد إلى الأذهان التحولات الفكرية التي شهدها العراق في الماضي، مما يطرح تساؤلًا عميقًا: هل يعيد التاريخ نفسه؟

ما اشبه اليوم بالبارحه؟؟؟ولتلطيف المقال كسب الماركسيون شخص طيب فقير في امكانياته! وبعد شهر قال في مقهى القريه (من يكول اكو الله ومن شافه) صار اكثر من لينين صاحب عباره (الدين افيون الشعوب) تصريح هذا الشخص الطيب مثل واحد شق ثوبه في نصف الشارع !!.

التغيير بين الصراع والتكيف

منذ القدم، كان الصراع بين الأيديولوجيات المختلفة حاضرًا في المجتمعات، ولكن يبقى السؤال الأهم: هل التغيير يجب أن يكون صداميًا أم تكيفيًا؟ في المجتمعات الحديثة، يمكن أن يكون التغيير نابعًا من الدمج بين الأفكار المختلفة بدلًا من القطيعة التامة.

دروس مستفادة من رواية الوشم

  1. التحولات الفكرية ليست ضعفًا: بل هي انعكاس لتغير الظروف والمعرفة المكتسبة.

  2. التصادم بين الأيديولوجيات أمر متكرر: والتاريخ مليء بالأمثلة التي توضح كيف يمكن للتوجهات الفكرية أن تتغير وفقًا للزمن.

  3. التغيير لا يجب أن يكون قسريًا: بل يجب أن ينبع من الوعي والفهم العميق للواقع.

الخاتمة: التغيير بين الألم والتعلم يرى الفيلسوف شكسبير أن الإنسان يتغير لسببين: إما عندما يتعلم أكثر، أو عندما يعاني أكثر مما يستحق. ولعلنا اليوم، بعد أن عانينا كثيرًا من الفساد، بحاجة إلى تغيير جذري في منظومتنا الفكرية والسياسية، تمامًا كما عكست رواية "الوشم" الصراعات الفكرية التي عاشها جيل السبعينات.

أسئلة شائعة

رواية الوشم هي عمل أدبي للكاتب عبد الرحمن مجيد الربيعي، تتناول التحولات الفكرية بين الماركسية والتدين، مما جعلها مثار جدل فكري واسع.

تناقش الرواية الصراع بين الماركسية، القائمة على المادية الجدلية، والفكر الديني الذي يستند إلى الموروث العقائدي والثقافي. ..

كانت الرواية من أبرز الأعمال التي ناقشت التحولات الفكرية والسياسية، وساهمت في تشكيل وعي نقدي حول تلك الفترة.

تناولت الرواية مواضيع مثل الصراع الفكري بين الماركسية والقومية، وتأثير الأيديولوجيات على الأفراد، والتحولات السياسية والاجتماعية في العراق.

google-playkhamsatmostaqltradent