بعد القوة والثبات
راسم العكيدي
بكاء العراقيين في حضرة الامم بعد ان كانت الامم تنهل منهم القوة والثبات والتماسك.
العراق القوي الذي ضعف والعزيز الذي ذَل والحكيم الذي اصبح سطحي وساذج والمتماسك الذي اهتز والمتحد الذي تشضى.
بكاء العراقيين المتفرق بفرقتهم وانقساماتهم وليس بكاء العراق كوطن فكلٌ يبكي نفسه ويبكي مكونه ولذلك لا يسمع احد بكائه ولا يمسح دموعه لان الامم والدول تراه ضحك وفرح يسعدها لانه يؤكد وصول اهداف دول وقوى اقليمية ودولية لاهدافها في وصول العراق لحالة الانقسام في كل شئ حتى البكاء والدموع.
بكاء الاكراد لانهم قضية تبحث عن تقرير مصير في كل حضرات الامم حتى صاروا اقليم ولم تزل مشكلة القضية التي تبحث عن مصير.
بكاء الشيعة كقضية مذهب مسلوبة منهم السلطة وهم اغلبية ومع انهم الان سلطة لم تزل المشكلة ويستمر البكاء.
وبكاء السنة الذين لم يكونوا هم السلطة الظالمة لمكون اخر؛ ولكن حسبوا عليها وحسبت عليهم؛ لانهم تبنوا موقف صورهم دمويين.
وهي ظاهرة بها حولهم العرب الى قضية حتى صاروا في شعب ابي طالب واسوء، وفي حالة تشبه حالة الغجر في مخيمات الايواء.
بكاء المسيحيين في حضرة اوربا التي لا تعرف العواطف، ويستمر بكائهم على اطلال حضارة لا تنسب لديانة بل لشعب واقوام عاشت على هذه الارض.
وبكاء الصابئة ولازالوا يتعمدون بمياه الرافدين؛ وبكاء الازيديين وسبي نسائهم ومدنهم التي لم تزل مغتصبة لانها ممرات بين دول الصراع.
وبكاء الشبك الضائعين بين القومية والديانة والمذهب وبكاء اديان اخرى عادت بعد زوالها بمنع سلطوي وديني ومذاهب وطوائف اخرى عادت باكية تبكي قضيتها.
جاء البابا لا ليمسح دموع مكونات وطوائف ومذاهب؛ بل ليمسح دموع الجميع؛ ولا مناديل معه ليمسح كل تلك الدموع.
لكنه طالب بالاقلاع عن البكاء! ولاحظ جراح حروب مرئية وغير مرئية! وذكّر الجميع بانها قضية وطن وقضية وشعب وانسانية.
وانه شعب لو مسح دموعه وتوقف عن البكاء المنفرد؛ والعزف المنفرد؛ لقضايا متفرقة لاكتشف ان ما يبكيه من صنعه.
حين يعيد اختيار من يبكيه نزولاً عند قول مأثور بان امشي وراء من يبكيك لا وراء من يُضحكك وانه كشعب بمكوناته قادر على مسح كل دموع الامم في حضرة العراق.
الذهاب الى مقال اخر للكاتب من هنا