عزيز السيد جاسم
كاتب ومفكرعراقي
شخصية من بلادي
مدونة الاستاذ موفق الربيعي شخصية من بلادي تسلط الضوء على شخصية عراقية هو المرحوم عزيز السيد جاسم مفكر وكاتب عراقي.
المفكر عزيز السيد جاسم الغرابي الحسيني ، ولد في قرية الغازية نسبة الى الملك غازي، ناحية النصر حالياً في محافظة ذي قار من عام 1941، من عائلة كادحة كريمة تنتسب الى الرسول محمد (ص) في بيت بسيط بالقرية.
* اكمل دراسته الابتدائية فيها حيث لم تكن سوى ثلاث مدارس ابتدائية في القرية التي أنشئت تباعا حتى عام 1955.
وقد كان معلموه يطلقون عليه العديد من الالقاب منها النابغة، العبقري، والخطيب لأدائه المتقن في القاء القصائد في المناسبات التي تحييها مدرسته واثناء وقوفه في تحية العلم كل يوم خميس.
* تحمل مسؤولية عائلته منذ وفاة أبيه وهو لم يتجاوز سن الحادية عشر، وواصل دراسته منتقلا الى الاقسام الداخلية في مدينة الناصرية وتخرج بتفوق من دار المعلمين فيها.
* كان يستثمر العطلة الصيفية في العمل فأشتغل محاسباً في طاحونة ومعمل ثلج الحاج ذياب الحاج طاهر أحد كبار وجهاء القرية.
وكان في تلك الطاحونة مكتبة؛ فأستطاع عزيز السيد جاسم قراءة جميع الكتب الموجودة فيها وما تيسر له من كتب اخرى، لقد أنكب على قرائتها في عطلة صيفية واحدة.
مما حدى بالحاج الطاهر الى توفير المزيد من الكتب، الى السيد جاسم لكي يتمكن من إشباع رغبته وتنمية قدراته.
* من الطرائف التي يرويها أخوه محسن الموسوي: يقول إن مدير المدرسة الابتدائية الوحيدة في قرية الغازية، وكان اسمه صبري فرج الله ينقل هذا الرجل أن عزيز السيد جاسم زعل على المدرسة ومزق شهادته التي تشهد أنه الناجح الأول في صفه.
وذلك بسبب طريقة كتابتنا لاسمه فيها، إذ كتبناه عزيز جاسم علي، فقال مخاطبا المدير محاولا كبت غضبه: «أستاذ أنا عزيز السيد جاسم وانتم كتبتم في الشهادة عزيز جاسم علي أنا لا أوافق لان اسمي عزيز السيد جاسم»، وهكذا كتب اسمه حين انتقل إلى الثانوية.
* انتظم إلى تنظيمات الحزب الشيوعي، وهو في الخامسة عشرة من عمره، واستطاع أن ينظم أصدقاءه الشباب في مدينة النصر لهذا التنظيم.
كان كثير المطالعة في هذه الفترة إذ استطاع الاطلاع على الفكر الماركسي، فضلا عن مؤلفات مشاهير الكتاب الغربيين أمثال فولتير وجان جاك روسو وغيرهم.
في الوقت نفسه لم يمنعه الانشغال بالفكر الماركسي من قراءة كتب التاريخ والأدب العربي والإسلامي، الأمر الذي جعله يكتنز علما وثقافة واسعين.
مما سهل عليه استقطاب الشباب أمثاله وقد مكنه هذا الأمر من لعب دور المحرض والقائد للشباب، فأودع السجن مرات عدة في الناصرية اثر قيادته عدد من المظاهرات للمطالبة بمستقبل أفضل.
وقد بلغ هذا الدور أوجه بعد قيام ثورة 14 تموز، عندما اظهر عزيز السيد جاسم مقدرة على الكتابة في أمور تحريض الجماهير، فضلا عن مقدرته على قيادة تلك الجماهير وتنظيمها، ولاسيما صفوف الشباب.
* كانت كتاباته في تلك الفترة تركز على الهوية العربية والإسلامية للحركات التحررية العربية، مما جعله يصطدم بموقف الحزب الشيوعي الذي ينتمي إليه، وعلى اثر ذلك قرر ترك الحزب الشيوعي عام 1960.
عبثا حاول رفاقه ثنيه عن قراره هذا، فقد أصر على حرية الفكر ورفض القوالب الفكرية والأجوبة الجاهزة، مؤكدا خصوصية الوضع العربي وأصالة الفكر الإسلامي بعيدا عن المصالح الضيقة والتعصب الفئوي.
ومن بين ما أثر عنه أقوالا منها: كل ما يدعو إلى الخير يتصل بعضه ببعض، وإن كل ما يخدم الناس يخدم الرب، وأن الجانبين الاقتصادي والسياسي للماركسية لا يتناقضان مع الإسلام...
وان الاستعمار والظلم والدكتاتورية والقتل سواء.. هذه هي الحقيقة التي لا مراجعة فيها، وان الجماعات توحدها المصلحة.
أما الحرية فلا توحد إلا الأحرار وكرماء النفس، وان الفكر الحر لا يعرف التأطير، وان الذهن الحر يتفتح على الدوام على الأفكار والمستجدات ويكرس طموحات وتطلعات الناس...
وإن المثقف الحقيقي مثقف حر، وبحكم ذلك فهو أكثر من سواه قدرة على معاينة ظواهر الاستعباد، وكذلك يكون أكثر من سواه إدراكاً لقيمة التوجهات السياسية التي تخدم الحرية وأكثر استبشارا بها.
* في بداية 1969 انتقل عزيز السيد جاسم من الناصرية إلى بغداد ليلتحق بجريدة الثورة، جريدة حزب البعث الحاكم وقتها، في العراق، كان أخوه محسن الموسوي، مترجما فيها.
بعد سنة أو أقل أصبح عزيز السيد جاسم، رئيس تحرير مجلة الغد التي تصدر عن دار الثورة وأصبح متنفذا ومنظرا وطنياً قبل أن يصبح رئيسا لتحرير مجلة (وعي العمال) الناطقة باسم اتحاد نقابات العمال.
في العام الواحد كانت تصدر له أربعة أو خمسة كتب منها عن الجبهة الوطنية وفي المسألة الكردية وفي الدين وفي الماركسية وفي القومية والكتابة في المواضيع الراهنة وطرح الحلول والمعالجات الوطنية لها.
عقد عزيزالسيد جاسم علاقةً متينةً بعبد الخالق السامرائي، مدير مكتب الثقافة والإعلام في حزب البعث والذي اعتُقل سنة 1973 وأُعدم من قبل صدام سنة 1979.
وعمل كلاهما على ايجاد الجبهة الوطنية والسعي الحثيث لحل القضية الكردية وإحياء التيار الماركسي في داخل حزب البعث.
أُحيل على التقاعد ضمن تصفية اليسار في الثقافة عام 1977 وفُرضت عليه مايشبه الإقامة الجبرية ومُنعت كتبه ومن ثم منعت مقالاته في الصحف العراقية لغاية 1986...
حيث بادرت جريدة العراق الكردية بنشر مقالاته عن النخيل في العراق" و"الحسين شهيداً والشريف الرضي" والحضارة والفكر.
* اعتقاله : تعرض في عهد حكم صدام حسين للاعتقال مرتين، في الأولى طلب منه النظام وبأمر من صدام حسين نفسه تأليف بعض الكتب التي لا تتماشى مع أفكاره ومبادئه وذلك بعد طباعة كتابه علي سلطة الحق في بيروت...
رغم رفض السلطات المعنية اجازة طبع الكتاب في العراق فتم اعتقاله مع شقيقه د. محسن الموسوي في مبنى الأمن العام، مقابل القصر الأبيض.
وبعد شهرين، وضع كلاهما في زنزانتين، أقدم السيد جاسم على محاولة الانتحار نقلوه اثرها إلى المستشفى. بعد ذلك سمح له ولشقيقه خلال هذه الفترة بالتمشي وتحت أنظار الحراس لساعة أو ساعتين كل ليلة.
* اعتقاله الاخير واختفاؤه : اختفت أخباره حيث لم تنفع توسطات بعض الأدباء العراقيين والعرب من أجل إطلاق سراحه، ولم يعثر عليه أو على جثمانه حتى اليوم.
في مقابلة متلفزة مع أخيه الدكتور محسن لبرنامج إضاءات أعلن عن احتمالية تصفيته من قبل النظام الصدامي في نفس العام الذي اعتقلوه فيه أي في 15 نيسان 1991.
* صدر له نحو ستين كتاب مطبوع ومن أعماله؛
- المفتون. يعتقد أنها آخر رواياته.
- علي بن أبي طالب - سلطة الحق.
- متصوفة بغداد. طبع مرتين، الأولى صدرت عن الدار العربية للموسوعات والثانية عن المركز الثقافي العربي عام 1997.
- تأملات في الحضارة والاغتراب. صدر عام 1987 عن دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع.
- الاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي.
- ديالكتيك العلاقة المعقدة بين المادّية والمثاليّة.
- المجالسية في النظرية والتطبيق.
- الدليل في التنظيم.
- مسائل مرحلية في النضال العربي.
- حق المرأة في التحرر.
- الالتزام والتصوف في شعر البياتي.