الضربة الجوية الشاملة 22أيلول 1980" قاعدة بوشهر الجوية
اللواء الطيار الركن قيس ربيع العبيدي
الضربة الجوية الشاملة 22 أيلول 1980" ضرب قاعدة بوشهر الايرانية. أذ كانت تشكيلات القوة الجوية العراقية من كافة القواعد تعبر الحدود في وقت واحد هو ساعة الصفر.
يستعرض كاتب هذه السطور كل ما جرى في ذلك اليوم وتلكم الساعات الصعبة في التنفيذ. إنها الحرب في الدفاع عن الوطن وهذا ما كنا نتدرب من أجل أنها عقيدة الجندي والمقاتل.
كنا قد انتهينا في الجزء الأول من الاعتداءات الايرانية وفي يوم الأحد من21 أيلول 1980 في حالة نراقب تطور الأحداث كان ذلك اليوم غير اعتيادي. لم يعد الآمر سراً فقد تكشفت بعد 24 ساعة.
أنها شهادة للتاريخ من اجل أن تبقى خالدة في ضمير كل من يحب العراق دافع ويدافع من أجل سلامة أرضه وماءه وسماءه. أنها ذكرى للأجيال القادمة ليرى معدن رجال العراق.
بسم الله الرحمن الرحيم
(فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ
عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ )
صدق الله العظيم /البقرة
194
أحداث الضربة الجوية الشاملة" ضرب قاعدة بوشهر.
بالساعة (0830) صباح يوم الاثنين (22 أيلول 1980). تم استدعاء طياري سرب-109 الى غرفة الإيجاز. كان الحضور هم آمر القاعدة العقيد الطيار الركن سالم سلطان البصو وآمر جناح الطيران الرائد الطيار فيصل حبو سرحان وأمر السرب الرائد الطيار(هـ . أ).
جلس الجميع أمام آمر القاعدة . بلغنا بتوجيه القيادة العامة للقوات المسلحة وتخطيط قيادة القوة الجوية. بتكليف سربنا تنفيذ ضربة جوية داخل الأراضي الايرانية.
كان هدف الضربة هو قاعدة بوشهر الجوية الايرانية. يبعد الهدف الذي تم تكليفنا بالهجوم علية. بحدود 400 كم عن قاعدة الوحدة الجوية – الشعيبة -البصرة. ويقع الهدف بـ50 كم جنوب شرق جزيرة خرج النفطية.
- كان إيجاز آمر القاعدة تفصيلياً عن الواجب من بداية التشغيل والدرج والإقلاع. مع التزام الصمت اللاسلكي، وتفاصيل خط الرحلة. وأسلوب التقرب لضرب القاعدة، والخروج من منطقة الهدف. كذلك سياق العودة والتقرب للنزول في القاعدة. مع إيضاح الحالات الاضطرارية والمطارات الاحتياطية.
- وقد تطرق أمر القاعدة في سياق الايجاز. هذا الواجب هو من ضمن ضربة جوية شاملة تقوم بها كافة القواعد الجوية الفعالة من الشمال والوسط والجنوب. أذ سيكون اختراق الحدود الدولية من قبل جميع التشكيلات الساعة الثانية عشر ظهراً.
- ستكون توقيتات الضربة الجوية الشاملة متقاربة. والهدف هو الهجوم على القواعد الجوية الايرانية. كل تشكيل حسب الواجب المناط به.
- ارتفعت معنويات الطيارين المنفذين وظهرت البسمة على وجوههم عندما إشارة أمر القاعدة بأن سربنا سيُنفذ واجباً جزئياً من ضربة شامله وهذا رفع معنوياتنا. وللأمانة التاريخية أقول أن آمر القاعدة قد كان موفقا لشرح تفاصيل الواجب للطيارين.
- لكونه طيار هجوم ارضي مشهود له بالكفاءة على طائرات " السوخوي -7 " وأمر السرب الخامس في حرب تشرين المجيدة عام (1973). يشهد له الطيارين العاملين تحت إمرته بأنه من الطيارين الأبطال. إضافة لما يتمتع به من ثقة وسمعة طيبة واحترام بيننا نحن الطيارين، وفي أوساط القوة الجوية العراقية بشكل عام .
تم تجهيز طائرات السرب 109السوخوي SU.22 أستعداداً للطيران. وتم تحميله بحمولة (2X500) كغم قنابر انفجار عالي +(4X 800) كغم أو ( 2X1150) كغم خزانات وقود إضافيه +( 160 = 2X180) طلقة مدفع رشاش (30) ملم .
تم إعداد وتهيئة خرائط التشكيلات المنفذة للواجب ورسمت عليها خطة الطيران ومسار الرحلة في الذهاب والإياب وتحديد النقاط الملاحية.
لقد تم تخصيص 156 طائرة لتنفيذ الضربة الجوية الأولى. كانت طائرات الضربة الجوية الشاملة من القواعد الجوية العراقية التالية:
- قاعدة تموز الجوية (الحبانية). منها تقلع طائرات الباجرد TU22 , TU16 القاصفتان والميك 23.
- قاعدة الرشيد الجوية (بغداد) منها تقلع طائرات الهوكر هنتر.
- قاعدة الحرية الجوية (كركوك) منها تقلع طائرات السوخوي -20 والسوخوي -22, والميك -21.
- قاعدة فرناس الجوية (الموصل) منها تقلع طائرات السوخوي -22 والميك – 21.
- قاعدة ابي عبيدة الجوية (الكوت) منها تقلع طائرات السوخوي -7 والميك -23.
- قاعدة علي الجوية (الناصرية) منها تقلع طائرات الميك - 23.
- قاعدة الوحدة الجوية (الشعيبة) تقلع منها طائرات السوخوي -22.
إن مجموع ما خصص من جهد جوي للضربة الجوية الشاملة" لضرب القواعد الجوية والمطارات الإيرانية وهي:
قاعدة بوشهرالجوية – مطار وحدتي - مطار شيراز - مطار مهر اباد - مطارتبريز - مطار اصفهان - مطار شاه روخي - مطارهمدان - مطارسنندج - مطارسقز - مطار الاميدية - مطار الاحواز - مطار كرمنشاه - مطارشاه أباد - مطار الرضائية.
الغاية الرئيسة من الضربة الجوية الشاملة؟
إن الغاية الرئيسة من الضربة الجوية الشاملة من ضرب مدراج إقلاع الطائرات وطرق الدرج بالقواعد والمطارات الايرانية هي لتحييد القوة الجوية الايرانية.
الحصول على موقف جوي ملائم ومنع تدخل الطائرات الايرانية المقاتلة والهجوم الأرضي من أعاقة تقدم قطعاتنا البرية من أخذ مواقعها المرسومة والمحددة لها.
تم تجهيز وتهيئة (12) طائرة سوخوي - 22 أستعداداً للواجب القتالي. وقد تم اختيار الطيارين الذين سينفذون الواجب. عرف كل طيار موقعة في التشكيل ورقمه. وقد كانت قوة الضربة الجوية تتألف من ثلاث تشكيلات (رباعية) قتالية وكما يلي :-
- أ . التشكيل الأول :- قائد التشكيل الرائد الطيار فيصل حبو امر جناح الطيران. N.2 الملازم الأول الطيار ص .س. ح ورقم N.3 النقيب الطيار م. ا .ف ورقم N.4 الملازم الطيار س ا ج .
- ب . التشكيل الثاني :- قائد التشكيل الرائد الطيار هـ ا ح امر السرب /109 ورقم N.2الملازم الاول الطيار ج.ع .م ورقم N.3 الملازم الاول الطيار ط. م. ك ورقم N.4 الملازم الاول الطيار ن. ا .ع.
- .ج . التشكيل الثالث :- قائد التشكيل النقيب الطيار ق ر ع ورقم N.2 الملازم الاول الطيار ا م م ورقم N.3 النقيب الطيار ف ن ح ورقم N.4 الملازم الاول الطيار م .س .م.
بعد أن انتهى أمر القاعدة سالم البصو من الايجاز.غادرنا نحن الطياريين غرفة الايجاز متجهين الى مقر السرب.عند وصولنا وأمام مقر السرب تحدثت مع عدد من الطيارين الذين سوف ينفذون الواجب قائلاً:
علينا نحن الطيارين المنفذين، تنفيذ الواجب بكل دقه واقتدار. إن الإيرانيين لو دخلوا علينا لا يرحمون صغيراً ولا كبيراً، رجالاً ونساء حتى الرضيع لا ينجو. كما قيل في الأمثال المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين.
الاستعدادت ما قبل الطيران بالضربة الجوية الشاملة
كانت الساعة تقارب 1030 (العاشرة والنصف) صباحا من هذا اليوم. انه يوم الاثنين الخالد أنه يوم 22 أيلول 1980. الوقت يمر بسرعة. كاد الوقت إن يتلاشى. كنا نحن الطيارين متأهبين لتنفيذ الواجب.
تم تحديد موعد ذهاب الطيارين الى الملاجئ بالساعة (1120). ركبنا العجلة المخصصة لنقل الطيارين المنفذين من أمام مقر(السرب/109) الى الملاجئ المخصصة.
كل طيار كان عارفاً برقم ملجأ طائرته المخصصة له . وصلت الى ملجأ طائرتي رقم 9 وكانت طائرتي المرقمة 2132. قمت بتفتيش طائرتي خارجياً وتحققت أن وضع الحمولة بشكل صحيح. والتوقيع بسجل الطائرة دلالة على صلاحيتها.
تسلقت درج الطائرة أخدت مكاني بمقصورة الطائرة. تم ربط الأحزمة بمساعدة احد الفنيين من المراتب.
بعد ذلك تم تحويل منظومة إحماء الأجهزة الملاحية (إي.ك.ف) وتحققت إن مؤشر الاتجاه يقرأ بصوره صحيحة. من ثم إعطاء إشارة التشغيل الى الفنيين.
تم إكمال إجراءات التشغيل حيث وصلت عدد دورات المحرك R. P. M الى الدورة البطيئة IDLE أي 57% من دورات المحرك.
بعد أن بدأت الطائرة بالاشتغال تم إعطاء إشارة فصل كيبل البطارية الأرضية starter عن الطائرة وتم فصلها ومن ثم فتح جميع الأزرار التي تغذي الأجهزة والمنظومات الملاحية.
أشارة رفع الموقفات الأرضية CHOCKS. خروج أمام ملجأ لغرض التنصت على الاتصالات اللاسلكية بين قائد التشكيل وبقية التشكيلات. وقناة قاطع الدفاع الجوي الثالث. وقناة السيطرة الجوية.
فتح جناح الطائرة من زاوية (63- 30)° .مع فتح الــ Slat أي جنيحات الطائرة وغلق غطاء مقصورة الطيار.
خلال هذه اللحظات اتصل قائد التشكيل بقناة قاطع الدفاع الجوي عن طريق ضغطة من دون أن يتحدث فكان جواب القاطع ضغطة طويلة. قناة الدفاع الجوي مهمة في الواجب. تم تأمين الاتصال بكود من دون أي مشكلة.
بعدها قام بالاتصال عن طريق ضغطة طويلة من دون كلام وأجاب أعضاء التشكيل من رقم 1- 12 بالضغط على التوالي أن تحقق بجاهزية الاتصال مع قنوات القاطع تم التحويل الى قناة السيطرة الجوية وأمن الاتصال مثل ما فعل سابقاً.
بداية الطيران لتشكيلات الضربة الجوية الشاملة
كان قائد التشكيل يعرف أن السيطرة الجوية على علم بالواجب لذلك لم يتصل إلا من خلال ضغط صمت لاسلكي. المدرج المستخدم (320)° والضغط الجوي (756) ملم زئبق ومدى الرؤيا 6 كم هذا ما جاء به التقرير الجوية لقسم الانواء الجوية.
خرج قائد التشكيل من أمام الملجأ رقم (1) وبقية التشكيل (الأول) من ملاجئهم باتجاه طرق الدرج ومن ثم باتجاه المدرج. من دون أي اتصال(علماً كان أمرالقاعدة متواجداً في برج السيطرة الجوية). كان اتجاه الريح (320)° والريح السطحي هادئ.
وقف التشكيل الأول عند بداية المدرج وتم إحماء محارك الطائرات بتسارع (90%) للتحقق من صلاحية محرك الطائرة ومنظومات الهيدروليك - والدهن – والهواء - وضغط المقصورة . كل هذه الإجراءات نقوم بها قبل الإقلاع.
خلال هذه اللحظات كانت إشارة قائد التشكيل الأول بانحناء رأسه للأسفل ثم للأعلى. دليل على بداية الإقلاع مع الضغط على ساعة التوقيت في الطائرة وفتح الحارق الخلفي وتحرير بريك الطائرة ومن ثم الإقلاع بالساعة (1152).
بعد أن تم أقلاع التشكيل الأول. دخل التشكيل الثاني بداية المدرج واتبع نفس الاجراءات التي قام بها قائد التشكيل الاول. اقلع التشكيل الثاني بعد دقيقة واحدة من بداية اقلاع التشكيل الاول.
ثم جاء دوري أنا كقائد التشكيل الثالث دخلت بداية المدرج كنت حريصاً ان يتم الاقلاع بسلام. تلوت آية الكرسي وسورة الاخلاص وتوكلت على سبحانه وتعالى.
تم اقلاع التشكيل الثالث بعد دقيقة واحدة من اقلاع التشكيل الثاني. تم رفع عجلات الطائرة واطفاء الحارق الخلفي وإرجاع الجنيحات (SLAT) الى الخلف وإرجاع جناح الطائرة من زاوية (30-63)°.
بعد أن تم أستقرار التشكيلات في الجو قمنا بالدوران الى جهة اليسار بارتفاع منخفض (20-30) متر. بعد ذلك قمنا بالتحويل من قناة السيطرة الجوية الى قناة قاطع الدفاع الجوي من دون اتصال.
كنت اشاهد طائرات التشكيلين التي اقلعت امامي. كان الاتجاه الاول حسب خطة الطيران االمرور فوق مدينة الزبير. وبعد ذلك التوجه الى مدينة عبادان الايرانية بوقت يستغرق 5 دقائق . كانت الارض منبسطة ولا توجد فيها عوارض أرضية تذكر.
وصلت التشكيلات فوق مدينة عبادان. الاشجار الكثيفة تحيط بالمدينة وخزانات النفط الكثيرة ومطار مدينة عبادان يقع الى جهة اليسار. كان توقيت الوصول فوق عبادان الساعة 1200 منتصف النهار مثل ما تم ابلاغنا من قبل امر القاعدة.
بعد عبور عبادان اصبحت الارض منبسطة وخالية الى حين وصول التشكيلات الى ساحل الخليج العربي. الاستمرار بالطيران باتجاه ميناء بندر ديلم عبر مياه الخليج العربي.
كان الاتجاه الاولي 100° وبمسافة 240 كم بسرعة 780 كم/ ساعة. حيث تقطع الطائرة بتلك السرعة 13 كم في الدقيقة. الوقت الكلي (ثماني عشر دقيقة وعشرون ثانية).
كان الجو صحوا الرياح هادئة ومدى الرؤيا جيدة جدا. نحن نطير لنقطع مسافات واسعة فوق مياه الخليج العربي. بالحقيقة لم نمارس الطيران فوق المياه بهذا الارتفاع المنخفض 20 – 30 مترا من قبل.
لقد أكتسبنا الخبرة من التدريب الجيد الذي كان يمارسه الطيارين المنفذين للواجب يقومون بعملهم متحدين كل الصعاب. اننا نحلق بين الماء والسماء الواسعة في حماية الله الواحد القهار المنجي وهو الحافظ من كل مكروه.
تمر الدقائق والثواني ومن إمامي وخلفي وبجانبي طائراتنا المحلقة التي يقودها صقور وإبطال من القوة الجوية العراقية . انهم الرعيل الاول ورأس الرمح في المهمات الصعبة.
بعد انتهاء الوقت المحدد للوصول للنقطة الملاحية فوق ميناء بندر ديلم. شاهدت مدرج مطار فيه طائرة نقل رابظة. الجنود يلوحون لنا بأيديهم يبدو أنهم لم يعرفوا من نحن. انها تبدو حقاً مباغته. بارك الله بمن خطط لهذه الضربة الشاملة وجزاه الله خير الجزاء.
كانت الطائرات التي سبقتنا باتجاه الهدف الرئيس هو قاعدة بوشهر الجوية باتجاه 155°. الوقت عشرة دقائق وعشرون ثانية. وبمسافة عن الهدف 150 كم. ان هذه القاعدة التي تعمل فيها الطائرات المقاتلة الايرانية فانتوم - F-4 الامريكية الصنع.
انها من القواعد المهمة والكبيرة جداً لامتيازها بموقع جغرافي يطل على الخليج العربي. ولتمكن طائراتها من الوصول إلى الاهداف العربية في دول الخليج العربي. كانت طائراتنا تمر من فوق اليابسة مرة ومن فوق مياه الخليج العربي تارة اخرى.
تقع جزيرة خرج النفطية الايرانية في ثلثين المسافة بـ 100كم تقريبا بين ميناء بندر ديلم – قاعدة بوشهر الجوية. وقد كان بالحسبان عدم الاقتراب والمرور من جزيرة خرج عند الذهاب والاياب بمسافة لاتقل عن 35كم.
السبب في ذلك لكي نتفادى منظومات اسلحة الدفاع الجوي الايرانية ومواقع بطريات صواريخ هوك (أرض- جو) المعدة سلفاً لحماية الجزيرة.
ان لهذه الجزيرة اهميته استراتيجية لانها تعد من اكبر الجزر النفطية لتصدير النفط الايراني الخام. وفيها ارصفة كثيرة وناقلات نفط عملاقة من جميع انحاء العالم.
الوصول الى قاعدة بوشهر الجوية هدف الضربة الجوية الشاملة.
عند تلك اللحظات من الاستعداد والوقت بدأ يتلاشى وصل قائد التشكيل الاول فوق منطقة الهدف. نادى بصوت عالي كلمة FIRE اي بمعنى القاء حمولة القنابل على مدرج وطرق درج مطار القاعدة.
شاهدت انفجار القنابر من مسافة بعيدة والتي اسقطت من الطائرات التي تسبقنا. سمعت صوت احد الطيارين يقول كلمة (الله أكبر) التي يقشعر لها الجسد والروح والقلب وتلتها هتافات الطيارين جميعاً مرددين كلمة (الله اكبر).
جاء دور تشكيلنا للهجوم على الهدف. ناديت تشكيلي بإلقاء الحمولة على المدرج وطرق درج مطارالقاعدة فأنطلقت قنابرنا تدك الهدف. بعد أن تم تنفيذ المهمة بنجاح.
الخروج من الهدف والدوران الى اليمين فوق مياه الخليج العربي بأتجاه 270 ᵒ والطيران لمدة خمس دقائق بهذا الاتجاه وبسرعة 900 كم / ساعة لقطع مسافة 75 كم.
لايمكن لي أن أصف فرحتنا بخروج جميع الطائرات سالمة. لم أشاهد أطلآق اي طلقة من أسلحة الدفاع الجوي الايراني باتجاه طائراتنا المهاجمة وقد خرجنا جميعاً سالمين ولله الحمد.
بعد مضي خمس دقائق من الوقت تم الدوران الى اليمين باتجاه طريق العودة 307° لقطع مسافة 280 كم بحساب وقت أحدى وعشرين دقيقة وسرعة اقتصادية تبلغ 780 كم/ ساعة.
اشاهد امامي التشكيلات وهي محافظة على اماكنها وبارتفاع منخفض جداً من 20 – 30 متر. وغازات عوادم الطائرات تصطدم في مياه الخليج العربي. وكأنه سباق للزوارق النهرية.
لم اشهد مثل هذا المنظر الجميل في حياتي قط. بعد أن مضى بعض من الوقت. شاهدت البواخر الكبيرة والصغيرة طافية على سطح مياه الخليج العربي. اقتربت من تلك البواخر. حركت اجنحة طائرتي يمينا ويسارا.
اقتربت تشكيلات طائراتنا من جزيرتي فيلكه وبوبيان الكويتية. بعد ذلك التقرب من ميناء البكر- ام قصر. ثم بدأ قائد التشكيل الاول بالتسلق الى ارتفاع 500 متر. وأمن الاتصال بقناة قاطع الدفاع الجوي لغرض تقييد اسلحة دفاعنا الجوي.
عند اقترابنا من المطار لغرض النزول في القاعدة تم التحويل الى قناة برج سيطرة القاعدة. خلال هذه اللحظات اخذ كل طيار موقعه للتقرب المباشر والنزول في القاعدة. نزلت جميع الطائرات بسلام في الساعة 1307 من دون اي عارض يذكر.
عاد الطيارين بطائراتهم الى الملاجئ التي كانت طائراتهم فيها قبل تنفيذ الواجب. تم اطفاء محارك الطائرات والنزول من على صهوتها.
كان في استقبالي الضباط والفنيون الموجودون في الملجأ قبلوني وحمدوا الله على سلامتي. كذلك بقيه الطيارين المنفذين للواجب. وصلت العجلة المخصصة لنقل الطيارين وصعدت فيها وتبادلت القبلات والتهاني مع زملائي الطيارين وحمدنا الله على سلامتنا.
عند خط الطيران قرب السيطرة الفنية للسرب 109 تجمعنا لغرض التوقيع في سجل الطيران. ومن حولنا يتجمهر الضباط الطيارين الاحداث، والمهندسين والفنيين والمراتب وقبلونا وحمدوا الله على سلامتنا.
ذلك التجمع خاطئ من الناحية الأمنية فقد قمت بتفريق هذا التجمع وإمرتهم بان ينسحبوا الى اماكن تواجدهم في مقراتهم او ملاجئهم حرصا على سلامتهم.
كانت الفرحة والابتسامة تكسي وجوه الطيارين المنفذين للواجب. فرحين مستبشرين بما حققوه من انجاز كبير من دون اعطاء اي خسارة تذكر.
صعد الطيارين في العجلة لنقلنا الى غرفة حركات القاعدة والذي يتواجد فيها العقيد الطيار الركن سالم سلطان البصو امر القاعدة والرائد الطيار الركن ي.ع النعيمي ضابط ركن الحركات والملازم الاول الملاح ف.م المالكي ضابط ركن الملاحة.
عند وصولنا لحركات القاعدة التقينا بطاقم الحركات فأحتفوا بنا بالترحيب والسلام والتقبيل وأثنوا على فعلنا وحمدوا وشكروة على سلامة جميع افراد الضربة الجوية.
في تلك اللحظات ابتدأ أمر جناح الطيران الرائد الطيار فيصل حبو قائد تشكيل الضربة موجهاً حديثه لأمرالقاعدة بقوله:
سيدي عندما قمنا بضرب الهدف والخروج منه صاح احد الطيارين الله أكبر فحسبت بان احد الطيارين قد اصيبت طائرته وقذف منها. لكن ترددت كلمة الله أكبر من الجميع، نظرت الى يميني ويساري وخلفي فحسبت أن الطائرات قد أصيبت وقذفوا طياريها وأنا الوحيد الباقي. لكن بعد مشاهدتهم جميعا اطمأن قلبي .
انتهى الواجب الاول من الضربة الجوية الشاملة التي قصمت ظهر العدو. وتقدمت قطعاتنا البرية البطلة الى مواقعها المحددة والمرسومة لها من دون أي تدخل من قبل القوة الجوية الايرانية المعادية. وقد تحققت الغاية الرئيسية بالمكان والزمان والمتاغتة.
كانت طائرتي السوخوي -22 المرقمة 2132 والوقت الكلي للطيران من لحظة الاقلاع الى ملامسة أرض المطار بلغت ساعة وخمسة عشردقيقة.
تم اعلان البيان رقم واحد في الساعة 1430 من اذاعة بغداد. فكان يوم الرد على الاعتداءات الايرانية المتكررة ونحن بأنتظار النشرة الاخبارية الشاملة لنسمع أخبار زملائنا الطيارين من القواعد البقية.
لم نسمع الاخبار في حينها عند المساء لانشغالنا ونحن نشاهد التلفزيون وقد صدر البيان رقم 1 صادر من القيادة العامة للقوات المسلحة وقد ذكر فيه ضرب قاعدة بوشهر الجوية..
- الضربة الجوية الشاملة لكافة القواعد.
- حقائق الاعتداءات الايرانية على العراق ما قبل الحرب 1980
- ضربت جميع القواعد الجوية من قبل طائراتنا ولم نفقد سوى طائرتين
- احداهما ( باجر - TU-16) القاصفة بعيدة المدى بقيادة امر السرب / 10 العقيد الطيار عادل عثمان وبعد طيران (6) دقائق من عبور الحدود العراقية بالساعة (1206) بسبب ارتفاعها الوطيء واصطدامها بأحد الجبال الشاهقة قرب منطقه سربيل زهاب وبعد عبور مدينة (مندلي) حيث كانت مكلفة بضرب قاعدة (خاتمي) في مدينة (اصفهان) واستشهاد طاقمها ال (6).
- اما الطائرة الثانية والتي سقطت (ميك - 21) بقيادة (الملازم الطيار رعد حميد) عند قيام السرب/47 بقيادة (الرائد الطيار الركن مزاحم الصعب ) (قاعدة الحرية الجوية -كركوك) بضرب (قاعدة سنندج الجوية) الايرانية شمال غرب ايران، وقد اصيبت الطائرة بشظايا قنابر طائرة قائد التشكيل وقذف منها و(اسر) ورجع من الاسر .