بطل كأس العالم مع نادي بنفيكا" يوم افتتاح ملعب الشعب 66.
بقلم... عامر كامل الخياط.
ذاكرتي لن تنسى الفهد الاسود " أوزبيو ,بطل كأس العالم مع بنفيكا" في يوم افتتاح ملعب الشعب 66. نحن اليوم على أعتاب ,كأس العرب و,تصفيات كأس العالم2022. وما حدا لما بدا.
هذا التاريخ "6 ت2 1966" لا أستطيع نسيانه أبدا لكونه قد شكل علامة فارقة في حياتي.
فقبل أشهر كنت قد صارعت أفكارا ً وهما ً شديد, كنت قد أشرفت على بلوغ عامي الخامس عشر من العمر وعلى أعتاب عمر المراهقة.
كنت أزاول لعبة ,كرة القدم في المحلة مع أقراني ومهتم بمتابعة مباريات كأس العالم وبالخصوص تلك المباراة النهائية التي جرت في أستوكهولم بالسويد بين فريق البرازيل والدولة المضيفة عام 1958.
أنتهت تلك المباراة بفوز البرازيل 5 – 2 وظل المرحوم " أيوب العزاوي " يعرض لنا فيلما ً تقريريا ً عنها في السينما الصيفي العائدة للمرحوم " علي يزلي " الواقعة في الحي العصري مقابل حديقة " الزعيم " لفترات طويلة.
كان لنهائيات الكأس في العام 1962 التي جرت في شيلي عام 1962 وقع كبير آخر على تعلقي بكرة القدم ومباراتها النهائية بين البرازيل وجيكوسلوفاكيا المنتهية بفوز البرازيل 3–1.
كنت حينها أتابع تلك المباراة عن طريق الراديو وبالذات عبر إذاعة جمهورية مصر .
هذا العشق لكرة القدم كان له علاقة قوية بالتاريخ المذكور أعلاه , حيث كنت متعلقا ً بالعد التنازلي لمقدمه وكنت أتهيأ له من قبل 3 أشهر تقريبا ً.
لمن لا يتذكر هذا التاريخ فهو تاريخ إفتتاح ملعب " الشعب " الدولي في بغداد ومباراة الافتتاح بين فريقي منتخب بغداد ونادي بنفيكا الذي كان يلعب له الفهد الاسود " أوزيبيو " بطل كأس العالم 66.
إذ أن أوزبيو سيشارك في تلك المبارة التي يعود الفضل في إتاحة الفرصة لقدوم النادي لبغداد إلى السيد " كولبنكيان " الأرمني العراقي الأصل البرتغالي الجنسية.
كولبنكيان الملقب " مستر 5 % " حيث كان يحصل على هذه النسبة من عقود شركات النفط العاملة في العراق وكان قد تبرع بنكلفة إنشاء الملعب.
وكذلك بناية المتحف الوطني للفن الحديث في الباب الشرقي و كذلك البناية الحديثة للمتحف العراقي في علاوي الحلة .
أما كيف كنت متعلقا ً بالعد التنازلي , فهذا قصته تتمثل في الكيفية التي سأحتال فيها على أبي ليسمح لي بالذهاب إلى بغداد وحضور المباراة.
كان هذا هو الهم الأكبر لأني أعرف إن النتيجة المسبقة هي الرفض , لذلك كنت مع كل يوم يمر أفكر في طريقة لإقناعه بالقبول لكني في النهاية أقتنع بعدم جدواها .
الموضوع الثاني والأهم هو كيفية تدبير المال اللازم للسفر إلى بغداد والعودة ثم شراء البطاقة وكلفة الغداء والشراب وهذه معضلة أخرى كانت تضاف إلى ماسبقها.
لتزيد الهم والكآبة التي سأدور في دوامتها لو فاتتني الفرصة في حضور المباراة والإستمتاع بمشاهدة الفريق البرتغالي وفنون ومهارات لاعبيه وخصوصا ً ذلك الفهد الأفريقي الأسود .
أخذت الأيام تمضي مسرعة والعد التنازلي لافتتاح الملعب ماض ٍ برفقتها وأنا في دوامة من القلق والصراع مع النفس.
ويحك, ماذا يعني إذا أخفقت بحضور المباراة لأي سبب من الأسباب, إنها بالتأكيد ليست القيامة ولربما هناك فرص أكثر ومباريات أحلى بعد سنوات من الافتتاح , لكن النفس لم تستكين رغم شعورها بالإحباط .
في محاولة لتناسي الهم والغم كنا نصرف معظم الوقت في المقهى في لعب الدومينو كمجموعة أذكر من أفرادها الأصدقاء عباس غائب الرحماني, سيد هاشم سيد أحمد النعيمي و مالك حسن عربي.
الأصدقاء لم يكونوا على علم بما يدور في رأسي وما يعتمر في داخلي من رغبة متعاظمة في تحقيق حلمي الكبير, وأيام قليلة متبقية على الموعد (لم تتجاوز الأربعة أيام على ما أتذكر)
حلت مشكلة المال حيث حققت الشاخة لي حلمي البعيد. كنت أفكر في ثروتي التي جنيتها وأصدقائي من صبد السمك.وكيف سأوزع المال حتى أضمن كفايتها لحضور المباراة والعودة إلى البيت ليلا.
لكن المفاجأة كانت جميلة جدا ً عندما عرفت بأنني لن أكون لوحدي إذ كان هنالك مجموعة كبيرة من هواة كرة القدم من أبناء المدينة قد قرروا إستئجار باص 18 راكب للذهاب صباحا ً والإياب ليلا ً.
بدأ منسق الرحلة تسجيل الأسماء وكان لي نصيب في التسجيل معهم, و تبقت المشكلة الكبرى في كيفية إقناع الوالد الذي أعرف أنه سيرفض مقدّمًا ً .
لم يتبق أمامي سوى الحيلة للذهاب مع الشباب, إذ كان الوالد "رحمه الله يذهب كل صباح مبكرا ً إلى المخبز لجلب الخبز الساخن للفطور وفي طريقه أما يجلب الكباب من المرحوم " رحمن عوزي " أو الكبة من العم المرحوم " محمد محسن الكبجي " , لنفطر بها جميعا ً عدا الأيام التي كان يجلب بها القيمر من المرحومة " مسعودة " المعيدية .
أقنتعه ذلك اليوم بأني من سيقوم بالمهمة. كنت قد أخرجت ملابسي التي سأرتديها للذهاب إلى بغداد خارج المنزل قبل نصف ساعة تقريبا ً دون علمه.
ما أن وافق الوالد حتى كنت في الطريق لأغير ملابسي وأضع الدشداشة في نفس الكيس وأخبئها في نفس المكان تحسبا ً للعودة, لم تمض سوى نصف ساعة حتى كان الباص في طريقه نحو بغداد .
في تمام الساعة الحادية عشرة صباحا ً كنا عند بوابات الملعب الذي كان من المؤمل افتتاحه في الساعة الثالثة عصرا ً من قبل المرحوم عبد الرحمن عارف رئيس الجمهورية آنذاك.
لم الرئيس يحضر كعادة معظم الرؤوساء العرب إلا في الساعة السابعة مساء ً, كنا نحن تحت أشعة الشمس في الجانب المكشوف من الملعب نقضي ساعات الانتظار بين تناول لفات الأكل وشرب المرطبات .
إنتهت المبارة و كانت من أروع المباريات التي أستمتعت بمشاهدتها في حياتي والتي تمثلت بالأداء الرائع للفريقين " بنفيكا ومنتخب بغداد " وتلألأت فيها جوهرة البرتغال السوداء .
وصلنا " شهربان " العزيزة قرابة الساعة الحادية عشرة ليلا ً, وكان علي تلقي المقسوم من الإهانات والسب والشتم أولا ً ثم أن هدأت فورته , ضحك قائلا ً :