جائحة كورونا كانت المرحلة التمهيدية التي أحدثت تحولات اقتصادية قسرية للعالم. دفعت الى تبني سياسات مختلفة عما كان معلن ومعتاد من تحالفات إقليمية وتكاملها الاقتصادي.
هل سيشهد العالم النظام الدولي الجديد وهل هو قادم بالفعل؟
وقبل أن يصحو العالم ويتشافى من الجائحة جاءت صدمة حرب أوكرانيا التي تحتاجها أمريكا لتحدد عدو قديم جديد. مألوف وغير أليف لكنها تعتقد أنها تمتلك فهم عميق لسياساته وأساليبه وقوته وضعفه.
العرب كانوا اهم أداة لإسقاط الاتحاد السوفيتي بالمال الخليجي والمقاتلين المتطرفين الذين كانوا يؤرقون الأنظمة العربية. فوجدت لهم أمريكا مكان لإبعادهم وتحويلهم لوقود لمرحلة قادمة.
الحرب العراقية - الايرانية غيرت التاريخ وأعادت تضاد تاريخي قديم وغذت التطرف المذهبي. ومعها غزى الاتحاد السوفيتي أفغانستان لتكون تمرين تعبوي لولادة تطرف يكون العدو البديل للاتحاد السوفيتي. ويكون مبرراً لخروج القوة الأمريكية الى خارج محيطها لتبدأ غزواتها.
حرب أفغانستان بمراحلها وتبادل أعدائها غيرت المنطقة وأسقطت السوفيت الى الأخير. وقرأ صدام المشهد خطأ وتصور أن ضمه للكويت سيجعله لاعباً أساسياً في النظام الدولي الجديد المزمع تشكيله. لكن كانت أمريكا والعرب يتربصون خطيئة صدام فاجهزوا على العراق لتتحول دول الخليج الى لاعبين أساسيين. ينفذون السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
فانقلبت الأوضاع قربهم بحرب اليمن ومستنقع سوريا واضطراب العراق. وظهور إيران بمشروعها كقوة فوق الإقليمية! وبغزل غربي يتناغم مع قوتها على ارض الصراعات. هل سوف يتأقلم الشرق الأوسط مع قادم النظام الدولي الجديد ويخرج من الصراع سالم.
حرب أوكرانيا ستغير العالم في قادم الأيام ولن تتمكن دول الخليج من اللعب على حبال النظام الدولي الجديد. وابتزاز أمريكا بمحاولات الغزل مع بوتين القريب من مياه الخليج الدافئة في سوريا وإيران. فبوتين يعرف خفايا السياسات الدولية وقواعد لعبها.
وأمريكا هي النصاب الأول في العالم. ولا ينفع النصب عليها فبيدها هي والإنكليز مفاتيح حرب اليمن. واللعب مع إيران وأزمات لبنان والعراق وصراع سوريا وكلها نيران يمكنها أن تمتد نحو الخليج.
المال الخليجي والمخابرات المركزية الأمريكية أدّت دور مهم في الحروب القديمة التي غيرت النظام الدولي. ولكن هذه المرة المال في مواقع اخرى والمعلومات والتحرك لم تعد حكراً على المخابرات المركزية. فهناك قوى صاعدة وقوى عائدة والمستويات متقاربة والمباريات ستكون قوية ولن تحسم بوقتها الأصلي.