recent
أخبار ساخنة

وقفة عسكرية" حرب أوكرانيا؟

Site Administration
الصفحة الرئيسية

وقفة عسكرية في حرب أوكرانيا بعد شهر من اندلاعها.


وقفة عسكرية مع حرب أوكرانيا إذ رافقت الحرب في أوكرنيا حتى قبل اندلاعها. حرب نفسية وإعلامية غربية هي الكبرى في تاريخ الحروب. اختلطت فيها الحقائق بالأكاذيب واختلطت فيها السياسة بالاقتصاد والتاريخ والجغرافية. وغلب التضليل المتعمد على كل أبعادها. 

كما حجب الكثير من حقائقها عن المتابع خاصة وان الأعلام العربي ينقل بلا تمحيص ما يبثه الإعلام الغربي. فتترسخ في الأذهان رؤية خاطئة أن لم نقول مضللة عن أحداث هذه الحرب. أهمية قراءة في محاولات بوتين العودة لنظام عالمي جديد؟ 

وقفة عسكرية" حرب أوكرانيا؟
وقفة عسكرية" حرب أوكرانيا؟
بقلم اللواء الركن عماد صادق العزاوي. 

لا نخوض هنا بالمقدمات السياسية وسنركز على الأبعاد العسكرية فقط :

استطاعت روسيا على مدى اشهر بدعوى التدريبات تحشيد قوة كافية للغزو على محاور استراتيجية قريبة من الأهداف الرئيسية داخل أوكرانيا. لكنها لم تستطع تحقيق المباغتة لان الحرب كانت متوقعة وتمكنت فقط من تحقيق مباغتة جزئية في توقيت اليوم والساعة. وذلك اعطى مدة كافية للأوكرانيين لترتيب دفاعاتهم وتنظيم أمورهم الداخلية. ومكن الغرب من دفع كميات لا بأس بها من المساعدات العسكرية وغير العسكرية لهم. 

( ولا ننسى أن أوكراينا ورثت عن الاتحاد السوفييتي السابق بنية تحتية عسكرية متقدمة وأسلحة وصناعات وخبرات علمية وعسكرية متقدمة. وقفة عسكرية" حرب أوكرانيا؟ لأنها مع جمهورية روسيا كانت جزء أساسي من النظام الدفاعي للدولة السوفييتية ) . سمى الروس حربهم ب" العملية الخاصة" دلالة على خصوصية أهدافهم منها التي لا تعني الاحتلال كما صورها الغرب .

احتفظ الروس ( بفضل تفوقهم العسكري ووضعهم الجغرافي وتحالفهم مع بيلاروسيا) من اليوم الأول وما زالوا بالمبادرة. وحددوا الدور الأوكراني برد الفعل فقط. المبادرة او المبادأة تعطي الروس أفضلية اختيار الوقت والمكان. للمناورة بالقطعات بين المحاور وتغيير الأهداف وفق معطيات الواقع الميداني. 

وتحشيد الجهد العسكري باتجاه الأهداف المطلوبة. وحتى اجراء تغييرات استراتيجية وفق المتطلبات السياسية والعسكرية المستجدة بما فيها التوقفات وإعادة التنظيم. وتغيير الأولويات دون أن يعتبر ذلك تراجعا او جمودا في الموقف. فيما لا يستطيع الأوكرانيون اجراء مناورات كبرى بالقطعات بين المحاور وكل ما يستطيعوا فعله هو الدفاع الثابت حول أو داخل المدن فقط .


حققت روسيا نتائج أولية سريعة في هجومها باستخدام قوة متجانسة برية وجوية. 

لكن الملاحظ لحد الأن (مع وقفة عسكرية في حرب أوكرانيا ) عدم استخدامها كامل قدرتها الجوية في القتال ( 200- 250) طلعة في اليوم واعتمدت في ضرب الأهداف البعيدة الكبيرة كالمطارات بصواريخ بالستيه والأهداف العسكرية داخل المدن والقواعد والرادارات بصواريخ دقيقة التوجيه ...أما الأهداف المتحركة كقواعد الصواريخ ومنصات الدفاع الجوي فاستهدفت بصواريخ موجهة دقيقة كصاروخ إسكندر ( المدى600 كم وراس حربي 400 كغم ) . وذلك برأينا يعود الى مبدأ الاقتصاد بالجهد الجوي المكلف قياسا بكلفة الصاروخ ، ولوجود دفاعات جوية أوكرانية نشطة وتوفير الجهد الجوي لمراحل قادمة من القتال. وكذلك برغبة روسية بتجربة صواريخها في أول حرب فعلية تخوضها .

اعتمدت روسيا من البداية استراتيجية الهجوم على جبهة واسعة تمتد من الشمال القريب على كييف والى الشرق حيث إقليم لوغان ودونيتسك المواليان وحيث توجد قوات انفصالية حليفة وتمتد الى الجنوب بموازاة القرم وساحل بحري ازوف والأسود. 

ولهذه الأستراتيحية محاسن ومساوئ :

  1. إنها قريبة من خطوط الإمداد داخل روسيا وبيلاروسيا فتسهل بذلك الدعم القتالي واللوجستي للقوات الروسية المتوغلة داخل أوكرانيا. . وهذه المناطق معظمها تضم سكانا يتحدثون بالروسية مما يعني عدائية اقل للقوات الروسية ( ومعظم القوات الأوكرانية المدافعة في شرق البلاد تنتمي للكتائب القومية التي تتهمها روسيا بالنازية وتنتمي لغرب البلاد ) . 
  2. كما ترتبط هذه المناطق ببعض المطالب الروسية الرئيسية من الحرب ( استقلال دو نباس وضم شبه جزيرة القرم واحتلال مناطق حيوية لعزل أوكرانيا عن البحر وتعطيل كل تجارتها البحرية مع العالم ).
  3. الهجوم على جبهة واسعة يشتت الدفاعات الأوكرانية ويجعلها تدافع عن جزر منعزلة يسهل يسهل تطويقها واختراقها .
  4. تقع كييف الهدف السياسي والعسكري الأهم ضمن المحور الشمالي ولا تبعد عن حدود بيلاروسيا الحليفة سوى مائة وبضعة عشر كيلومتر.

 لم تبنى الخطة الروسية على اقتحام المدن الكبرى لدواعي سياسية وعسكرية . واعتمدت لاحقا مبدأ التطويق والعزل والقضم الجزئي ثم قصف الأهداف الحيوية بقصد تفريغها من السكان عبر ممرات أمنة للتضييق على جيوب المقاومة داخلها وتصفيتها . 

 

سلبيات هذه الخطة:

  • إنها تركز على عدد كبير من الأهداف الحيوية الأوكرانية في وقت واحد. هذا يتطلب قوات اكبر مما دفعته روسيا بالفعل. وادامة زخم قتالي متواصل وسريع يفقد الأوكرانيين القدرة على تنظيم دفاعاتهم. وتثبيت هذه الدفاعات في محاور محددة. 
  • تندفع الوحدات الرئيسية للالتفاف وتحقيق هدف شطر أوكرانيا بحيث يلتقي المحور الشمالي من كييف. بالمحور الصاعد من خيرسون وماريوبل ويتحدان بالمحور القادم من الشرق. من لوغان ودونيتسك وخاركوف فيتحقق عزل كامل شرق أوكرانيا سياسيا وعسكريا وجغرافيا. وعند ذاك يسهل الاندفاع نحو ميكولايف وعزل أوديسا اكبر موانئ أوكرانيا .
  • النقص في القوات ( وضعف جاهزية بعضها لربما) أضافه الى الطبيعة الزراعية للأرض وقلة الطرق الصالحة لسير المركبات. وبالتالي أعاق الإسناد اللوجستي تسبب في بطأ حركة القوات الروسية وتوقفها بعض الأحيان. 
  • مع عدم وجود قرار سياسي باقتحام المدن تسبب في تلكؤ التقدم.  وسمح بإقامة بؤر مقاومة محلية قوية انعشها الدعم الغربي الهائل إعلاميا وسياسيا وعسكريا. ( وهناك معلومات مؤكدة عن دعم أميركا القيادة الأوكرانية بمعلومات استخبارية كاملة عن نشاط وانفتاح القطعات الروسية ). 
  • وبقاء القيادة السياسية الاوکرانية موحدة ومارس رئيسها زيلينسكي الممثل المحترف هواية الظهور اليومي على الشاشات. رافعا معنويات المقاومين ومستدراً تعاطف الرأي العام خاصة الأميركي والأوربي. صور الإعلام الغربي المقاومة اكثر بكثير من استحقاقها. لكن ذلك كان كافيا لاستنهاض موقف المترددين من الأوكرانيين الذين لم يؤيدوا في البداية زيلينسكي .

فشل موسكو في الحد من ظهور زيلينسكي والقيادة الأوكرانية إعلاميا ووقف تدفق الأسلحة من بولونيا يؤشر خللا كبيرا في أمكانيات روسيا الحربية وفشلها في تقدير تأثير الحرب الإعلامية المعادية على مجريات الحرب الفعلية.

إزاء ذلك كله تغيرت الخطة الروسية قليلا وأصبحت بدلا من استكمال مهمة الخرق المحوري لاوكراينا من الشمال الى الجنوب. 

تركز على حصار المدن وتدمير المقاومة فيها وهذا سيستغرق وقتا أطول مما كان متوقعا. لكن ما يصب في مصلحة الروس انهم وبعد أن افرغ الغرب بكل ما في جعبته من عقوبات ضدهم. ولم يعد في يده المزيد ليفعله انزاح عنهم الضغط وباتوا غير متعجلين. فامتداد العمليات لأسابيع وحتى لأشهر لم يعد مهما. 

خاصة وان تحسن الجو مع اقتراب الصيف يصب في مصلحتهم. فيما قدرات الأوكرانيين على الصمود تتضاءل. ومواردهم تنفذ وتزداد إمكانية الروس في قطع الإمدادات من غرب البلاد ويزداد معه ضغطهم العسكري. يبدو أن حصار كييف شبه كلي وسقوط ماريوبل وميكولايف وتشيرنيغيف وحصار أوديسا سيتحقق في غضون أسابيع .

ربما يتساءل البعض عن رد فعل الغرب. 

واستطيع أن أؤكد أن الغرب كان من البداية واثقا من هزيمة أوكراينا عسكريا وان الروس سينتصرون. لكن ما يهم أميركا في الدرجة الأساس هو جعل أوكراينا ساحة صراع أمامي. لاستنزاف روسيا وعزلها عالميا وإطالة أمد الحرب إلى أبعد ما يمكن. من اجل ذلك دون النظر الى عواقب ذلك على الأوكرانيين الذين وقعوا في الفخ. بسبب قصر نظر قيادتهم وخداع الغرب لها. 

ويدخل في ذلك النفخ في المقاومة الأوكرانية! لغرض حث الأوكرانيين على الصمود أكثر أو الإيحاء للرأي العام الغربي. بان هناك مقاومة تستوجب التعاطف والدعم . ومن اجل ذلك يستمر الغرب في الدعم اللوجستي والمالي والسياسي والاستخباري اللامحدود لاوكراينا. عدا الدعم القتالي المباشر خوفا من تطور النزاع لحرب روسية غربية.

قد تتغير الأهداف النهائية لروسيا وفق معطيات الوضع العسكري والإستراتيجي عامة. لكن المؤكد أن بوتين لن يتراجع عن أهداف اساسية : 

تحييد أوكرانيا . ضم القرم ودونباس والربط بينهما بشريط بري يفصل كل بحر أزوف عن اوكراينا. وسيسعى أيضا لاحتلال مناطق اخرى كاوديسا وخاركوف. وعزل كل شرق أوكراينا وهذا سيوسع هامش المناورة والمساومة لديه في أية مفاوضات مقبلة.

وقد تسعى روسيا. اذا ما سارت الأمور في مجرى اخر الى فصل شرق أوكرانيا شرق نهر دنيبر وكل ساحل البحر الأسود ( وهذه هي مناطق الامتداد الجغرافي والثقافي والتاريخي مع روسيا ) والسماح بتشكيل دولة أوكرانية قومية في الغرب ضعيفة وغير مؤثرة حتى لو انتمت للغرب .

من المؤكد أن أوكرانيا التي هي أكبر خاسر من هذه الحرب. فالحرب تدور على ارضها وتدفع ثمن صراع جيوسياسي بين الشرق والغرب دمارا وخرابا وموتا وتجزئة. فأوكرانيا في كل الأحوال لن تعود دولة موحدة. فالانقسام حدث بين شرقها وغربها. ولن يعيش الدونباس والقرم مع أوكراينا حتى لو تخلت عنهما روسيا.

روسيا قد تربح بتوسيع هامش امنها القومي وكسب أطلالة بحرية اكبر على مياه البحر الأسود الدافئة.  لكن العقوبات ستضر اقتصاديا ومعنويا بها وستبقى معزولة عن الغرب. وان نجحت في تخطي الصعوبات وفرض موقفها سياسيا وعسكريا في اوكراينا. فان ذلك سيغير كل قواعد النظام الدولي القائم حاليا. وكما قلنا هذا رهين بان ينجح الروس في تثبيت أمر واقع جديد عسكريا على الأرض. والصمود بوجه العقوبات غير المسبوقة التي تترجم في حقيقة الأمر. عجز الغرب وأميركا خاصة عن التدخل عسكريا في هذا النزاع لا كما اعتاد في إجزاء العالم الأخرى.

أما الانعكاسات الجيوسياسية للصراع واحتمال المواجهة العسكرية بين روسيا والناتو واللجوء للأسلحة غير التقليدية فهذا موضوع دراسة اخرى سنقوم بها. وقفة عسكرية" حرب أوكرانيا؟

google-playkhamsatmostaqltradent