هل يمكن تجنب قصف البرنامج النووي الإيراني؟ دراسة الخيارات المتاحة.
بقلم: الدكتور عمر عبدالستار.
مع التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، يثير البرنامج النووي الإيراني مخاوف كبيرة حول احتمالية اندلاع صراع إقليمي واسع. وفي ظل تعقيدات الوضع، تتزايد الدعوات لاتخاذ خطوات استباقية للتصدي للتهديد المحتمل الذي يمثله هذا البرنامج.
ولكن هل يمكن لقصف المنشآت النووية الإيرانية أن يحقق الأمان المرجو؟ وما هي التحديات التي قد تواجه هذه الخطوة؟ تصريحات نارية حول قدرات إيران النووية ونيتها الدفاعية.
هل يمكن تجنب قصف البرنامج النووي الإيراني؟ دراسة الخيارات المتاحة. |
التصعيد الإقليمي والخطر على الاستقرار.
أشارت مجلة "ناشيونال انتريست" إلى أن منطقة الشرق الأوسط على شفا اندلاع حرب شاملة، حيث تتزايد التوترات بين إسرائيل وإيران، مما قد يؤدي إلى تدخل الولايات المتحدة ودخولها في صراع جديد في المنطقة.
هذه المخاوف دفعت عددًا من القادة، من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت والمستشار الأمني الأمريكي السابق جون بولتون، إلى التأكيد على أهمية اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة التهديد النووي الإيراني.
الخيار العسكري: هل هو الحل الأمثل؟
يؤكد المؤيدون لتوجيه ضربة استباقية إلى إيران أن الحل الوحيد لمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية هو اللجوء إلى العمل العسكري. ولكن هل هذا الخيار واقعي؟ وهل يمكن أن يحقق النتائج المرجوة؟
بالفعل، قد يساهم القصف في تأخير البرنامج النووي الإيراني، ولكنه لن يقضي عليه بشكل كامل، وقد يؤدي إلى إقناع إيران بأن الحل الوحيد لحماية نفسها هو تعزيز ترسانتها النووية. علاوة على ذلك، فإن عدم القدرة على تحديد المواقع النووية الإيرانية بدقة يمثل تحديًا كبيرًا، حيث توزعت هذه المنشآت في أنحاء البلاد وجُهزت لتحمل الضربات الجوية.
التحديات التقنية واللوجستية أمام الهجوم العسكري.
في ضوء الانتشار الجغرافي للمنشآت النووية الإيرانية وتعزيزها بتقنيات تجعل تدميرها أمرًا بالغ الصعوبة، يصبح الهجوم العسكري خيارًا محفوفًا بالتحديات. فإيران تمتلك مواقع محصنة تحت الأرض يصعب استهدافها حتى بواسطة الطائرات الأمريكية. من جهة أخرى، قد يؤدي هذا الهجوم إلى خلق تهديدات إضافية تجعل من الضروري مشاركة الولايات المتحدة في العمليات لضمان تدمير المنشآت النووية بالكامل.
مخاطر إقناع إيران بضرورة امتلاك السلاح النووي.
في حال قامت إسرائيل بمهاجمة إيران عسكريًا، قد تعتقد طهران أن السبيل الوحيد لحماية نفسها هو بناء ترسانة نووية كاملة. هذه الخطوة قد تخلق توازن قوى خطيرًا في المنطقة، مما يضيف إلى تعقيدات السياسة الدولية. فالضربة العسكرية التي تهدف إلى منع إيران من الحصول على سلاح نووي قد تؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية، حيث ستدفع إيران نحو تكثيف جهودها لتحقيق الاستقلال النووي.
القدرة النووية لإسرائيل ومفهوم الردع النووي.
تمتلك إسرائيل ترسانة نووية كافية لضمان قدرتها على توجيه ضربة ثانية في حال تعرضها لهجوم. وهذا الواقع يشكل رادعًا قويًا أمام أي محاولة من قبل إيران لشن ضربة نووية ضد إسرائيل، حيث يعلم الطرفان أن أي صراع نووي سيكون مدمرًا لكليهما. تاريخ إيران يشير إلى أنها تتجنب الدخول في حروب قد تهدد وجودها، مما يجعل من غير المحتمل أن تبدأ هي في الهجوم.
الخلاصة: إن فكرة توجيه ضربة استباقية للبرنامج النووي الإيراني تواجه العديد من التحديات، بدءًا من المخاطر التقنية إلى النتائج السياسية المحتملة. وفي حين أن امتلاك إيران لقدرات نووية قد يكون أمرًا غير مرغوب فيه بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، إلا أنه لا يعني بالضرورة كارثة حتمية. إن الخيار الأقل سوءًا قد يكون هو اتباع نهج دبلوماسي واستراتيجي بدلاً من اللجوء إلى العمل العسكري، خاصة مع غياب القدرة على تدمير البرنامج النووي بالكامل.