آزادوهي صاموئيل: أيقونة المسرح العراقي وملهمة الأجيال
بقلم: الكاتب والباحث موفق الربيعي.
آزادوهي صاموئيل، فنانة عراقية بارزة وأيقونة للمسرح العراقي، وُلدت الممثلة المسرحية آزادوهي صاموئيل في بغداد يوم 25 يونيو/حزيران عام 1942 وسط عائلة مسيحية من أصول أرمنية متواضعة تحب الفن وتقدره, وتعتبر من رواد المسرح. استطاعت آزادوهي بفضل شغفها وإصرارها أن تكون أول فتاة تتخرج من قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة ببغداد، مما مهد الطريق أمام النساء العراقيات لدخول هذا المجال.
قدمت آزادوهي أدوارًا مميزة في مسرحيات عراقية وعالمية، وعملت مع كبار المخرجين مثل جعفر السعدي وإبراهيم جلال. كما لعبت دورًا محوريًا في تأسيس المسرح بمدينة الرمادي خلال فترة عملها كمعلمة للنشاط الفني، حيث شجعت الفتيات على المشاركة في الفن المسرحي.
![]() |
آزادوهي صاموئيل: أيقونة المسرح العراقي وملهمة الأجيال |
رغم التحديات السياسية والاجتماعية، استمرت آزادوهي في إبداعها، لتصبح رمزًا للإرادة والإبداع الفني، وحظيت بتكريمات عديدة على إنجازاتها الرائدة في تاريخ المسرح العراقي.
البداية المبكرة: أول فتاة في قسم المسرح
آزادوهي صاموئيل، واحدة من أبرز رموز المسرح العراقي التي تركت بصمة لا تُنسى في تأريخ الفن العراقي. وُلدت عام 1942 وسط عائلة مسيحية متواضعة تُقدر الفن، وترتاد الحفلات الموسيقية بالرغم من صعوبة الحالة المادية، وكانت لها رغبه في التمثيل مما مهد الطريق أمامها لتحقيق أحلامها في عالم المسرح رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
درست الابتدائية في مدرسة الارمن الغربية وبعد أكمالها الدراسة المتوسطة دخلت معهد الفنون الجميلة كان دخولها إلى معهد الفنون الجميلة حدثًا استثنائيًا، إذ كانت أول فتاة تتخرج من قسم المسرح، وهو ما فتح آفاقًا جديدة للنساء العراقيات في هذا المجال. خلال دراستها، قدمت أدوارًا مميزة في مسرحيات عالمية مثل:
- - المثري النبيل لمولير.
- - عطيل لشكسبير.
- - اوديب ملكاً لسوفوكلس.
بعد تخرجها عام 1962، عُينت معلمة للنشاط الفني في مدينة الرمادي، حيث أسست مسرحًا محليًا وأقنعت الفتيات بالمشاركة فيه. استمرت آزادوهي في أداء دورها التعليمي والفني لمدة 10 سنوات، رغم التحديات التي واجهتها.
دورها الريادي في تشجيع المرأة العراقية على المسرح.
أثبتت آزادوهي شجاعتها حين التحقت بمعهد الفنون الجميلة، مما شجع فتيات أخريات مثل هناء عبد القادر وسمية داوود على اقتحام عالم المسرح. لاحقًا، التحقت فنانات بارزات مثل فوزية الشندي وبلقيس الكرخي بالمعهد، ليصبحن رموزًا في تاريخ المسرح العراقي.
تعتبر آزادوهي من أكثر الممثلات العراقيات نشاطا وغزارة ومشاركة بمسرحيات هامة في تاريخ المسرح العراقي. وهكذا فتحت الفنانة آزادوهي للفنانات العراقيات الاخريات من بعدها، بدخولها الشجاع كأول فتاة إلى معهد الفنون الجميلة ببغداد انذاك وفي قسم الفنون المسرحية الآفاق الواسعة أمام من انخرط بعدها لاحقا لدراسة فن التمثيل من الفنانات العراقيات.
فتدفقن ببطء على المعهد في السنه الثانية من دراستها ، وكانت الفنانة هناء عبد القادر ثم جاءت من بعدها سميه داوود ، وبعد سنتين كان من طلاب المعهد فوزية الشندي ، ورؤيا رؤوف ، وساهره أحمد ، وشوبو محمد ، ومنيره عباس ، بلقيس الكرخي ، واللاتي اصبحن فنانات كبيرات بعدها
محطات بارزة في حياتها الفنية
بدأت مسيرتها الفنية عام 1955 بفضل الصدفة، عندما عُرض عليها الانضمام إلى فرقة المسرح الفني الحديث من خلال أخت الفنان سامي عبد الحميد. أدت أول أدوارها في مسرحية ست دراهم، ثم تبنت اسمًا فنيًا هو "زاهدة سامي"، والذي استمر معها حتى أواخر الخمسينيات.
عندما تم أنضماها الى فرقة المسرح الفني الحديث لازالت صغيرة وهي طالبة قد اكملت توا المرحلة الابتدائية، وانتقلت الى الدراسة المتوسطة، اخبرت عائلتها بالموضوع، لم يبد الاب رأياً، واحال الموافقة الى اخوتها الثلاثة بحجة انه امي ولا يفهم في هذه الامور.
ولا يريد ان يتحمل ما سيجري لها لاحقا في سلوكها هذا الدرب الذي كان يدرك انه صعب وغير مأمون على طفلة بسنها، ويخشى في انه قد يظلمها في حالتي الموافقة او الرفض فوافق اخوتها الثلاثة فورا ، حيث اعطوها نصاً مسرحياً بفصل واحد في مسرحية ( ست دراهم ) من تأليف المرحوم الفنان يوسف العاني.
رغم نجاحها الفني، تعرضت آزادوهي للاعتقال بعد انقلاب 1963، مما أجبرها على العمل في صالون نسائي لسد احتياجاتها المعيشية. لم تمنعها هذه الظروف من الاستمرار، حيث قدمت دورًا مميزًا في مسرحية النخلة والجيران أثناء عملها في الرمادي.
كانت تحمل اسما فنياً في الاعلانات (زاهدة سامي) استمر معها الى ما بعد تموز 1958 حيث مثلت تحت هذا الاسم ايضا في مسرحيتي (آني امك يا شاكر) و(اهلا بالحياة).
أعمال آزادوهي صاموئيل المسرحية والسينمائية
تُعد آزادوهي صاموئيل واحدة من أبرز الأسماء التي أثرت المسرح العراقي بأعمالها المميزة وأدوارها المتقنة التي حفرت مكانتها في ذاكرة الفن العراقي. قدمت آزادوهي مجموعة من الأعمال المسرحية الخالدة التي تركت بصمة واضحة، منها:
فوانيس، التي جسدت فيها قضايا اجتماعية بلمسة إنسانية، ومسرحية مسألة شرف، التي تناولت قضايا الأخلاق والمبادئ. كما أبدعت في الروح الطيبة، والعاصفة، والنخلة والجيران، التي تُعد واحدة من أبرز أعمالها والتي جسدت فيها عمق المجتمع العراقي وقضاياه.
مثلت وهي في الرمادي مسرحية النخلة والجيران حيث كانت تكمل دوامها في الرمادي صباحاً وتحضر مساءً لاداء دورها في المسرحية في بغداد وتعود ليلاً الى الرمادي. اغلب ادوارها كانت تمثل شخصية الام من خلال شكلها العام وصوتها . مثلت فلم وجهان في الصوره وفلم الجزاء الذي لم تكمله لخلافها مع منتج الفلم .
على صعيد السينما، شاركت آزادوهي في فيلم وجهان في الصورة، حيث قدمت أداءً يعكس حرفيتها العالية وقدرتها على الانتقال بين الأدوار بسلاسة. ومع ذلك، لم تُكمل فيلم الجزاء بسبب خلاف مع المنتج، ما يعكس حرصها على الالتزام بالمبادئ المهنية التي تؤمن بها.
تميزت آزادوهي بقدرتها على تقديم الأدوار التي تمثل المرأة العراقية بشخصيتها القوية وصوتها المؤثر، مما جعلها رمزًا فنيًا يحتذى به للأجيال القادمة. أعمالها، سواء في المسرح أو السينما، لا تزال شاهدة على إبداعها وريادتها في تاريخ الفن العراقي.
التعاون مع عمالقة المسرح العراقي
منذ بداية مسيرتها الفنية، حظيت آزادوهي صاموئيل بفرصة التعاون مع أبرز عمالقة المسرح العراقي الذين شكلوا أعمدة هذا الفن وأسهموا في تطوره. كان جعفر السعدي أحد أوائل المخرجين الذين تعاملت معهم آزادوهي، حيث قدمت معه أعمالًا أظهرت قدراتها التمثيلية الفريدة. كما ساهم التعاون مع المخرج القدير إبراهيم جلال في تعزيز مهاراتها وإثراء تجربتها الفنية بأساليب إخراجية متطورة.
إلى جانب ذلك، عملت آزادوهي مع المخرج المبدع قاسم محمد، الذي أضاف أبعادًا جديدة لأدوارها وأبرز عمق شخصياتها المسرحية. شملت مسيرتها أيضًا العمل مع أسماء لامعة مثل جاسم العبودي، بهنام ميخائيل، وبدري حسون فريد، حيث تميزت هذه التعاونات بتقديم عروض مسرحية أثرت المشهد الفني العراقي.
لم يقتصر تعاونها على هؤلاء المخرجين فقط، بل امتد ليشمل عمالقة آخرين مثل محسن العزاوي وجعفر علي، مما عزز مكانتها كواحدة من أبرز الفنانات العراقيات. أسهمت هذه التجارب الغنية في صقل موهبتها وتوسيع آفاقها، حيث أضاف كل مخرج رؤية فنية مميزة ساعدتها على تقديم أدوار متجددة ومبدعة تركت أثرًا لا يُنسى في تاريخ المسرح العراقي.
التكريم والاعتراف بالإنجازات
حظيت آزادوهي صاموئيل بتكريمات عديدة خلال مسيرتها الفنية، اعترافًا بدورها الريادي وإسهاماتها البارزة في المسرح العراقي. كانت آزادوهي مثالًا يُحتذى به في المثابرة والإبداع، حيث أثرت بحضورها الفني أجيالًا من الفنانين والفنانات العراقيين الذين استلهموا من تجربتها.
كرمت آزادوهي مرات عديدة كرائدة مسرحية، وهو تكريم مستحق يعكس عمق تأثيرها على الساحة الفنية. لقد تركت بصمة لا تُنسى في قلوب محبي المسرح بأدوارها المميزة وإصرارها على تجاوز التحديات التي واجهتها، سواء على المستوى الشخصي أو المهني.
لم يكن التكريم مجرد تقدير لأعمالها، بل كان اعترافًا بإسهاماتها في تطور المسرح العراقي، وبدورها كملهمة فتحت الأبواب أمام النساء العراقيات لدخول عالم المسرح. ستظل آزادوهي رمزًا للالتزام الفني والشجاعة، وأيقونة تذكرنا دائمًا بقوة الإرادة والإبداع في مواجهة التحديات.
توفيت يوم الجمعة في 24 شباط/فبراير سنة 2023 عن عمر ناهز الحادية والثمانين، بعد صراع طويل مع المرض.
الخاتمة:
تظل آزادوهي صاموئيل رمزًا خالدًا في تاريخ المسرح العراقي، حيث أثرت بعمق في وجدان الفن وأسهمت في تمكين المرأة العراقية في مجال المسرح. كانت حياتها مليئة بالإبداع والمثابرة، وقدمت نموذجًا يحتذى به للأجيال القادمة في تحدي الصعاب وتحقيق النجاح.
إرثها الفني والإنساني يظل محفورًا في ذاكرة المسرح العراقي، بما قدمته من أدوار خالدة وتعاونات مثمرة مع عمالقة الفن. حتى وفاتها، بقيت آزادوهي ملهمة للفنانين والفنانات، ورمزًا للإبداع الذي لا يعرف الحدود، تاركة وراءها إرثًا فنيًا يخلد ذكراها.