قراءة في كتاب
حرب احتلال العراق
الجزء السابع
البحث والتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل
الذكرى الثامنة عشرة لحرب احتلال العراق- الحلقة/7
اللواء الطيار الركن الدكتور
علــــــوان حسون العبوسي
البحث والتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل
(الموجز)
في 2 نيسان / ابريل 1991 أصدر مجلس الامن القرار 687 بشان شروط وقف اطلاق النار بين العراق وقوات التحالف وجاءت أهم بنود القرار لتضع شروط التفتيش والبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق.
وهي شروط أشد صرامة من اي عملية تفتيش دولية سابقة، وفي 6 نيسان 1991 وافق العراق رسمياً على القرار، بالرغم فرضه أعباء عانى منها العراقيون.
إذ تحمل القسط الاعظم منها شعبه وليس كما صرح به أكثر من مسؤول من دول التحالف من أن شعب العراق غير مسؤول عن احتلال الكويت.
مع ان العراق نفذ الالتزامات الخاصة به بالكامل لكن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة وبريطانيا من احتلاله عام 2003 ولم تعثر قوات الاحتلال على اي اثر للأسلحة المحظورة، رغم الشكوك التي رافقت عملية البحث والتفتيش.
التفتيش عن البرنامج النووي
جرى تشكيل ثلاثون فريق استمر العمل ضمن هذه الفرق منذ 14 ايار/ مايو 1991 وحتى خريف 1995...
قدم العراق تقريرا شاملا تجاوز عدد صفحاته المليون صفحة سلمة الى مكتب الوكالة الدولية في بغداد في اذار (مارس) 1996 ومن ثم احتاجت الوكالة الى 17 شهر لكي تقدم استفساراتها، غير عابئة بحصار شعب وموت اطفاله.
اما التفتيش عن الاسلحة الكيميائية والبيولوجية وعن الصواريخ ألبالستية فقد تمت بموجب الفقرة 8 من القرار 687 (1991) توجب العراق:-
قبول تدمير جميع الاسلحة الكيميائية والبيولوجية وجميع مخزونات العوامل الكيميائية وجميع ما يتصل بها من متعلقات فرعية وجميع مرافق البحث والتطوير والدعم والتصنيع، وجميع القذائف ألبالستية التي يزيد مداها عن 150 كم والقطع الرئيسة المتصلة بها، ومرافق إصلاحها وإنتاجها.
كذلك تشكيل لجان البحث عن قدرات العراق البيولوجية والكيميائية ، وقد بلغ عدد فرق التفتيش المختلفة اكثر من 81 فريق.
اما طائرة التجسس U2 والاستطلاع الجوي بطائرات الهليكوبتر، فقد انجزت 291 طلعة جوية فوق الاراضي العراقية وبمعدل 3.5 ساعة طيران لكل طلعة تم استطلاع 477 موقع للفترة 22 حزيران (يونيو) 1992 لغاية نهاية عام 1993.
كما قام فريق الاستطلاع بهذه الطائرات استخدام رادار الكشف تحت الارض للبحث عن أية اسلحة محظورة قد تكون مدفونة.
كما تم استخدام متحسسات (جاما) لكشف اي نشاط اشعاعي غير مسموح به، وقد شمل ذلك مساحات كبيرة حول بغداد والمناطق النائية في المنطقة الغربية ولم يعثر على اي شيء يخالف الاعلان العراقي...
مما يؤكد كذب وتضليل التقارير الاستخباراتية التي كانت اللجنة الخاصة تتلقاها من حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الحكومات التي كانت تهدف الى اطالة الحصار لأهداف سياسية.
ادناه خلاصة بأنشطة فرق التفتيش في المجالات المختلفة للفترة 1991- 1998 للجنة أنوسكم ~ Anoscom.
فرق التفتيش عدد الفرق عدد مواقع التفتيش عدد عمليات التفتيش:-
- الصواريخ عدد الفرق ٨٣ عدد مواقع التفتيش ١١٧٤ عدد عمليات التفتيش٩١٩.
- الكيميائي عدد فرق التفتيش٦٢ عدد مواقع التفتيش٩٥٠ عدد عمليات التفتيش ١٠٤٥.
- البيولوجية عدد الفرق ٧٤ عدد المواقع ٨٥٩ عدد العمليات ٦٦٦.
- المشتريات والاستيراد عدد الفرق٦٣ عدد المواقع ٦٣ عدد العمليات ٤٧.
- المهمات الخاصة العدد ٢ المواقع١٩٢ عمليات التفتيش١٥٥.
المجموع عدد الفرق٢٣٦ عدد مواقع التفتيش٣٢١١ عدد عمليات التفتيش٢٨٣٨.
التقرير الكامل والنهائي لعام 2002:-
• الجانب النووي: أنجز التقرير للبرنامج النووي مطبوعاً على الورق وبحجم اكثر من 2100 صفحة بضمنها 113 صفحة ملخصة للتقرير الموسع وقدم في 2002/12/7.
• جوانب تقرير الاسلحة الكيميائية والبيولوجية والبرامج البالستية . كان معظم اعضاء لجنة هذه الجوانب من الكوادر القيادية في هيئة التصنيع العسكري ودائرة الرقابة الوطنية.
وقد بلغ حجم التقرير ما مجموعه 11807 صفحة من ضمنها 2100 صفحة للتقرير النووي مع 12 من الاقراص المرنة التي احتوت على نسخ وصور داعمة والاعلانات الخاصة بالرقابة، وبلغ الاعلان الكيمياوي 3000 صفحة والصواريخ 1200 صفحة والبيولوجي 500 صفحة.
تقديم التقرير الى مجلس الامن؟
في 7 كانون الاول (يناير) 2002 نقل التقرير جواً الى مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فينا ونسخة الى مقر الامم المتحدة في نيويورك.
عرض التقرير على رئيس مجلس الامن، ادعت الولايات المتحدة الامريكية عدم احتوائه امور جديدة دون ذكر اية تفاصيل كي لا يفسد خطة تنفيذها غزو العراق المعدة سلفاً.
وفي 19 كانون الاول (يناير) 2002 قدم هانس بليكس تقريره الى مجلس الامن وذكر ما نصه:-
قدم العراق للفترة 1991- 1998 العديد من التقارير غير انه مما يؤسف له انها كانت غير شاملة واحتوت العديد من البيانات غير المدعومة بأدلة، وعليه لم تتوفر الثقة من مغادرة الانشطة المحظورة.
موقف بليكس والبرادعي؟
بعد قصف اسرائيل مفاعل تموز العراقي في حزيران (يونيو) 1981 ادان مدير عام الوكالة للطاقة آنذاك السويدي (إي كلود)، العدوان بشدة واعتبره عدواناً على الوكالة.
لم تترك إسرائيل هذا التصريح يمر دون معاقبة فتم استبداله بسويدي اخر هو هانز بليكس في صفقة بين اسرائيل والسويد.
وقد استوعب بليكس الدرس وتصرف بموجبه وبقي صامتاً لا يرد على الاكاذيب التي كانت تلفق ضد العراق بشان عدم امتثاله لقرارات مجلس الامن طيلة فترة وجوده مديراً عاماً للوكالة.
بعد خروجه منها وكذلك اثناء أشغاله منصب رئيس لجنة انموفيك، كان بليكس اكثر ما يخشاه هو ان توجه اليه الولايات المتحدة الامريكية الانتقاد في حالة تقديمه تقريراً لصالح العراق.
وقد شارك بليكس بصمته في جريمة احتلال العراق وتدمير دولته ، حتى وان ادعى في مقابلة مع قناة الجزيرة في 2008/12/22 انه على استعداد لان يكون شاهداً أمام محكمة دولية على زيف الادعاءات الامريكية فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل العراقية ، ولكي يبرر صمته طيلة فترة عمله ~ زعم بليكس انه ومحمد البرادعي سمعا أثناء مقابلة لهما مع ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي ما يشبه التهديد بالتشكيك في صدقيتهما.
وقال انه فهم ان واشنطن تريد ان تسمع اجابة محددة، كانت مستعدة لاختلاقها ان لم تجدها، ولم يكن بليكس مستعداً لا دانة جريمة العصر خوفاً من تهديد التشكيك بسمعته.
هذا هو بليكس الذي يٌبلغ مجلس الامن في تقريره المقدم الى المجلس في 2003/1/27 ان العراق لم يتعاون الى الحد المطلوب فيما يتعلق بالقضايا الجوهرية.
وان فتح الباب لا يكفي، فالتفتيش ليس عبارة عن لعبة اصطياد ما تستطيع اصطياده، وان العراق على ما يبدو لم يقبل بشكل جذري قرار نزع أسلحة الدمار الشامل منه.
حذا محمد البرادعي حذو بليكس وزاد عليه سيما وان الولايات المتحدة هي التي رشحته منافساً لمرشح مصر السفير الدكتور محمد شاكر، ولم ينسى البرادعي هذا الفضل الاميركي له وهكذا جاءت مواقفه من قضية العراق وفقاً لإملاءات امريكية، ادناه بعض من مواقفه في الاشهر الحرجة التي سبقت الغزو الامريكي للعراق:-
• في تقريره المقدم الى مجلس الامن في 2003/1/9 يعلن البرادعي ان الوثائق المقدمة لم تتضمن معلومات ذات علاقة باهتمامات واسئلة الوكالة المعلقة منذ عام 1998، وعلى وجه الخصوص مسائل تصميم السلاح النووي ....
ويخلص القول الى ان العراق لم يقدم لحد الان معلومات جديدة ذات اهمية بشان برنامجه النووي لما قبل عام 1991 ، ولا بشان أنشطته التالية خلال الفترة 1991 – 1998.
وقد جاءت هذه التلفيقات بمثابة دعوة الى (كولن بأول) ليستعرض اباطيله امام مجلس الامن في جلسة يوم 2003/2/5 عندما قال؛ لقد طلبت عقد هذه الجلسة لغرضين الاول دعم التقييم الجوهري التي اجراها السيدان بليكس والبرادعي.
حيث جاء في تقرير البرادعي بان اعلان العراق المؤرخ 7 كانون الاول لم يقدم معلومات جديدة تتعلق بمسائل معينة كانت عالقة منذ عام 1998.
• بعد تقريره في 2003/1/9 وبعد تفتيش مكثف عاد البرادعي في جلسة مجلس الامن في 2003/2/14 مكرراً ادعاءاته حيث ذكر ما يأتي:-
لم نجد اي دليل على القيام بأنشطة نووية قيد التحري ولسنا بعد في وضع يتيح لنا الوصول الى استنتاج بشأنها.
• بعد ذلك بأسبوع صرح البرادعي في 2003/2/22 من طهران؛ لم ننجز عملنا بعد والعراق لا يتعاون معنا بشكل تام.
• في 2003/3/7 عرض البرادعي على مجلس الامن تقريراً عن تقدم عمل الوكالة في العراق، خصص الجزء الاكبر منه للحديث عن ادعاءات ووثائق مزورة قدمتها له الولايات المتحدة استغرق شهوراً لغرض التحقق منها منهياً كلمته...
بدعوة الدول الى تقديم المزيد من المعلومات عن برامج العراق السابقة مؤكدا ان ذلك سيمكننا في المستقبل القريب من تزويد مجلس الامن بتقييم موضوعي شامل لقدرات العراق النووية، حتى نطمئن المجتمع الدولي بتطمينات حقيقية بهذا الشأن .
• قبل ساعات من الغزو الامريكي للعراق وفي اجتماع مجلس الامن في 2003/3/19 عاد البرادعي ليذكر مجدداً بالمسائل المعلقة وعناصر القلق في برنامج العراق النووي السابق...
مشيراً ان هناك عددا من الاسئلة ومصادر القلق النووي السابق وان تقديم العراق لإيضاحات بشأنها سوف يقلل من درجة عدم التيقن في إكمال معرفة الوكالة وفهمها وبالذات في تصميم الاسلحة النووية وفي تطوير الطاردات المركزية وذلك بسبب نقص الوثائق الداعمة.
يجزم الدكتور يسري ابو شادي كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي شارك في كتابة التقرير النهائي عن العراق ما يأتي:-
إننا قلنا في التقرير النهائي ان العراق خالي من الاسلحة النووية وليس لديه القدرة ولا يستطيع حتى تصنيع السلاح النووي واوصينا خروج العراق من تحت البند السابع الخاص بالعقوبات...
ولكن قبل وصول التقرير الى مجلس الامن تغيرت اللغة والصياغة وان البرادعي هو السبب في تغيير التقرير قبل تسليمه الى مجلس الامن.
هذا هو البرادعي الحقيقي وليس كما يطرحه في كتابه (عصر الخداع) او كما كرر في تصريحاته التي اراد بها تبرئة نفسه من جريمة تدمير العراق.
المصدر:
- مجموعة مؤلفين هم (الدكتور همام عبد الخالق، والدكتور نعمان سعد الدين، والمهندس حسام محمد، والدكتور جعفر ضياء، والدكتور عبد الحليم ابراهيم، والاستاذ سرور مرزا محمود): التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق :دار الايام للنشر والتوزيع: عَمان : الطبعة الاولى : ص ص19-30.
- الامم المتحدة مجلس الامن الوثيقة رقم ( 4707 S/ PV).
- 2 . د محمد البرادعي : سنوات الخداع : الحلقة 6 ، الدستور الاردنية 21 /9 / 2012.