recent
أخبار ساخنة

تشكيل حكومة جديدة وأفراط العراقيون بتفاؤلهم.

Site Administration
الصفحة الرئيسية

 تشكيل حكومة جديدة وتكرار التفاؤل الشعبي

بقلم: راسم العكيدي.

كلما تم تشكيل حكومة جديدة في العراق، تتكرر مشاهد الإفراط في التفاؤل من قبل الشعب، حيث يستقبل العراقيون وعودًا مكررة ومستنسخة دون تغيير يُذكر. هذه الوعود غالبًا ما تُقابل بمزيج من المديح والنقد، حيث تُفرز الحكومات الجديدة متضررين ومستفيدين، مما يُشعل الانقسام بين ناقمين ومهللين.

تشكيل حكومة جديدة وتكرار التفاؤل الشعبي
 تشكيل حكومة جديدة وتكرار التفاؤل الشعبي

ثماني حكومات متعاقبة، ورغم أن تشكيل الحكومة يبدو ظاهرة طبيعية، إلا أن الحلول الناجحة تظل بعيدة المنال. فالقرارات التي تحمل إصلاحًا حقيقيًا غالبًا ما تكون مرفوضة لأنها تتطلب وقتًا طويلًا لتحقيق النتائج المرجوة. هذه الديناميكية المفروضة على الحكومة تأتي نتيجة هيمنة مصالح الأحزاب التي تضع نفسها فوق مصلحة الشعب والدولة، مما يجعل الحكومة عاجزة عن تقديم حلول جذرية.

تأثير السياسات قصيرة الأمد على مستقبل العراق

تعتمد الحكومات العراقية منذ سنوات على قرارات مؤقتة تهدف إلى تهدئة الرأي العام، مثل التعيينات وتثبيت العقود. ورغم أن هذه السياسات تحقق نوعًا من الترضية الاجتماعية المؤقتة، إلا أنها لا تُسهم في معالجة المشكلات الجذرية. فهذه القرارات تُنفذ غالبًا في أوقات الأزمات، ما يؤدي إلى استنزاف الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط دون استثمارها في خطط استراتيجية لبناء الاقتصاد.

في المقابل، تستغل الطبقة السياسية هذه الفوائض عبر عمليات فساد ممنهجة ومغطاة، مثل تهريب النفط والاستيلاء على الأموال العامة. وبهذا، تصبح الخزينة العامة والبنك المركزي في مواجهة أزمة حتمية، حيث تتراكم الديون وتتلاشى القدرة على دفع الرواتب أو تمويل مشاريع تنموية.

الأزمات المتكررة وفقدان الثقة

مع كل حكومة جديدة، يعود الشعب إلى دائرة التفاؤل التي سرعان ما تتحطم على صخرة الواقع. الأزمات الاقتصادية المتكررة تُضعف الثقة بين الشعب والحكومة، خاصة في ظل غياب أي رؤية تنموية طويلة الأمد.

العراق يواجه اليوم أزمة مياه تهدد الزراعة، مع انفجار سكاني يُفاقم من الطلب على الموارد المحدودة. هذا بالإضافة إلى اقتصاد ريعي يعتمد بالكامل تقريبًا على صادرات النفط، دون وجود قطاعات إنتاجية أخرى تدعم التنمية المستدامة.

معادلة التعيينات وفوائض النفط

تعتمد الحكومات العراقية المتعاقبة على ترضية الشعب من خلال قرارات مؤقتة مثل التعيينات وتثبيت العقود، مستغلة فوائض النفط لتحقيق ذلك. بينما تستغل الأحزاب الحاكمة الجزء الأكبر من هذه الفوائض عبر عمليات فساد ممنهجة تشمل تهريب النفط والاستيلاء على الأموال العامة.

هذه المعادلة تُستخدم كوسيلة لامتصاص الغضب الشعبي وشراء الوقت، لكنها تؤدي في النهاية إلى استنزاف الخزينة العامة والبنك المركزي. وفي كل مرة تتكرر الأزمة المالية، تُلقي الطبقة الحاكمة باللوم على الحكومة الحالية، متناسية دورها في نهب الثروات وعرقلة التنمية.

غياب التنمية وتكرار الأزمات

تعاني الحكومات العراقية من عدم القدرة على تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، إذ تظل موارد الدولة موجهة لتلبية مطالب آنية على حساب الخطط طويلة الأمد. هذه السياسة تساهم في تفاقم الأزمات مثل نقص المياه، انهيار القطاع الزراعي، وتفجر الكثافة السكانية.

مع اقتصاد يعتمد على الاستهلاك، تجد الحكومة نفسها عاجزة عن دفع الرواتب أو مواجهة الفساد المستشري. في هذه المرحلة، تعود الطبقة السياسية للبحث عن شخصية جديدة تُكلفها بمهمة تشكيل حكومة أخرى، في سيناريو مكرر ووعود فارغة لا تختلف عن سابقاتها.

لأحزاب والدور السلبي في ترسيخ الأزمة

تلعب الأحزاب السياسية دورًا رئيسيًا في استمرار الأزمات. فهي تُفضل مصالحها الشخصية على مصلحة الدولة والشعب، مما يجعل الحكومة غير قادرة على اتخاذ قرارات جريئة. كما أن هذه الأحزاب تفرض أجندتها على الحكومة، ما يُعيق أي محاولة للإصلاح أو مكافحة الفساد.

الأزمات المالية الناتجة عن هذه السياسات تُستخدم في كل مرة كذريعة للإطاحة بالحكومة الحالية، وإعادة الدورة من جديد مع حكومة أخرى، بنفس الأدوات والوعود، دون تغيير يُذكر في الواقع.

الطريق نحو الإصلاح: هل هو ممكن؟

الإصلاح الحقيقي في العراق يتطلب كسر هذه الحلقة المفرغة من الأزمات. يجب أن تتبنى الحكومة رؤية استراتيجية طويلة الأمد، تعتمد على تنويع مصادر الدخل، ودعم الزراعة والصناعة، ومكافحة الفساد بجدية.

كما يحتاج العراق إلى تغييرات جذرية في النظام السياسي، تضمن استقلالية الحكومة عن تأثير الأحزاب، وتُتيح لها اتخاذ قرارات تخدم الشعب فعليًا. فالاستمرار في هذا النهج الحالي لا يؤدي إلا إلى مزيد من التراجع الاقتصادي والاجتماعي، ما يهدد مستقبل البلاد بأكمله.

الخاتمة: دائرة مفرغة لا نهاية لها , يظل العراق عالقًا في دوامة تشكيل الحكومات المتعاقبة التي تبدأ بتفاؤل شعبي سرعان ما يتحول إلى إحباط نتيجة غياب الإصلاحات الحقيقية. ومع كل أزمة مالية أو سياسية، تتكرر نفس الحلول السطحية التي لا تُعالج جذور المشكلات، مما يهدد مستقبل البلاد ويضعها على شفا هاوية لا يمكن تفاديها إلا بتغيير جذري في النظام السياسي والاقتصادي.

بقلم: راسم العكيدي


أسئلة شائعة

الهدف هو تعزيز الاستقرار السياسي وتحقيق الإصلاحات التي تلبي احتياجات الشعب العراقي.

تشمل التحديات الفساد، البطالة، ضعف الخدمات العامة، وتحقيق الأمن.

بسبب الآمال الكبيرة في التغيير وتحسين مستوى المعيشة والخدمات.

تحسين الخدمات العامة، تعزيز الأمن، وإطلاق مشاريع اقتصادية تنموية.

من خلال التعاون، الالتزام بالقوانين، والمشاركة الإيجابية في المجتمع.

google-playkhamsatmostaqltradent