من ترك داره قل مقداره: هل هذا المثل صحيح؟
بقلم : خوام الزرفي.
تُعد الأمثال الشعبية انعكاسًا حيًّا لحياة الشعوب وتجاربها، وهي خلاصة الحكم التي تعبر عن واقع معيش. ومن بين هذه الأمثال المتداولة بكثرة نجد المثل القائل: "من ترك داره قل مقداره". فهل هذا المثل يعبر عن حقيقة مطلقة، أم أن الهجرة والانتقال تحمل معاني وأبعادًا أوسع؟
 |
| من ترك داره قل مقداره: هل هذا المثل صحيح؟ |
يقول جيفارا في حب الوطن لاتكن محايدا بل كن متطرفا حد الموت!! نستنتج من هذه المقولة أن الدار هي الوطن الصغير, وعندما تترك دارك يقل مقدارك لانك تركت أهلك وناسك وكل من تحب وهم يعرفونك, أما الاغراب ليس بينك وبينهم معرفة وودلذلك تنقلب المعادلة... إنها الهجرة.
العراق: أرض الخيرات والجاذبية الطبيعية
منذ أقدم العصور، وادي الرافدين كان موطنًا للحضارات الإنسانية، ومكانًا جذب إليه الشعوب من مختلف أنحاء العالم بفضل خيراته الوفيرة وأراضيه الخصبة. العراق، البلد الذي شهد نشأة مدينة بابل العريقة، ظل رمزًا للتعايش السلمي بين مختلف الديانات والثقافات؛ حيث عاش المسلمون والمسيحيون والصابئة والزردشتيون جنبًا إلى جنب في سلام.
منذ فجر الخليقه لم يكن وادي الرافدين -طاردا- العيش فيه ليس صعباً !! بما حباه الله من نعم وخيرات جاذباً لاجناس من شتى بقاع العالم للعيش فيه بكرامه وسلام!! مدينة بابل ذكرت بالاديان السماويه الثلاث وقبلها ديانات اخرى موغلة بالقدم كالصابئه اقدم الاديان الموحده، والزرادشتيه وغيرها الكثير، عاشوا جنبا الى جنب تجمعهم ارض واخوه!!
الهجرة عبر التاريخ
الهجرة ليست ظاهرة حديثة؛ فقد مرت البشرية بمحطات هجرة بارزة أثرت في تاريخها. من أبرز هذه المحطات، هجرة المسلمين الأوائل إلى الحبشة هربًا من الاضطهاد، وهجرة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة. وفي القرآن الكريم جاء قوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}، مما يدل على أن الهجرة قد تكون حلاً عند اشتداد الظلم.
كنا نقرا بالتاريخ عن هجرة المسلمين الى الحبشه وهجرة الرسول محمد (ص) الى يثرب هرباً من الظلم والتعسف!! قال تعالى:- {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} لم يعرف العراقيون الهجره ولم تكن هناك جاليات عراقيه كبيره في المهجر كبقية الشعوب~ الى نهاية الحكم الملكي~ باستثناء هجرة اليهود او تهجيرهم!
دوافع الهجرة العراقية
الهجرة في العراق لها أسباب متعددة، تتفاوت بين الماضي والحاضر، منها:
- البحث عن حياة أفضل: كثير من العراقيين هاجروا في البداية بحثًا عن فرص عمل أو مستوى معيشي أعلى.
- الحروب والصراعات: النزاعات المسلحة والحروب الطويلة دفعت ملايين العراقيين للفرار من الموت والدمار.
- الاضطهاد الفكري والديني: تعرضت الأقليات الدينية والفكرية إلى ضغوط دفعتهم للبحث عن مأوى آمن في الخارج.
آثار الهجرة على العراق
بحسب إحصائيات عام 2013، تجاوز عدد اللاجئين في العالم 250 مليونًا، وكان للعراق نصيب كبير منهم مقارنة بعدد سكانه. قبل عام 1980، لم تكن هناك جاليات عراقية كبيرة في المهجر، لكن مع تزايد الحروب والأزمات، أصبحت الجاليات العراقية منتشرة في كل مدينة أوروبية وأمريكية.
الهجرة لم تفقد العراق سكانه فقط، بل استنزفت أيضًا طاقاته البشرية. الأغلبية الساحقة من المهاجرين العراقيين هم من الشباب، وغالبًا ما يكونون من حملة الشهادات العليا والكوادر الفنية. هذه الفئة التي استثمرت الدولة في تعليمها وتدريبها أصبحت تعمر بلدانًا أخرى، تاركة العراق يعاني من نزيف العقول والإمكانات.
قبل عام 1980 لم تكن هناك جاليه عراقيه واضحه! اما الان في كل مدينه اوربيه او امريكيه هناك جاليه كبيره! واصبح اللجوء السياسي او الانساني ظاهره عامه يمثل الشباب 75% منهم والغالبيه منهم من حملة الشهادات والفنانين والشعراء وحتى العمال المهره ، هذه الفئه التي صرفت عليها الدولة الملايين من الدولارات لتذهب في بلدان اخرى تبني وتعمر وتدرس وتعالج لاوطان اخرى.
قصص من الواقع
في الثمانينات، كنت شاهدًا على موجة هجرة الكفاءات العراقية، حيث كانت دول الخليج تقدم عروضًا مغرية للمتفوقين من العراقيين الذين أتموا تعليمهم العالي في أوروبا. أحدهم حصل على منزل وسيارة وخدم بعد نيله شهادة الدكتوراه.
اتذكر عند منتصف الثمانينيات من القرن الماضي كنت في لندن! كان كل طالب يكمل الدكتوراه، هنالك تقدم له عروض واغراءات من دول الخليج من بيت وسيارة وخدم وعطلة شهرين ! هكذا اخذوا كوادر ~على الجاهز دون عناء. كنت واقفا عند محل يهودي جاءه رجل طويل وهو يبكي، يقول: موشي امس حلمت امشي بالبصره، بعد حديث قال لي ذلك اليهودي انا خالي ساسون حسقيل وزير المالية ، وواضع علم الاداره الماليه في العراق.
وأردف قائلاً! إن "نبو خذ نصر سبى اليهود الذين سموا بالعبرانيين نسبه (لعبورهم نهر الفرات) لم يكونوا من عامة الناس البسطاء (عمال وفلاحين ) بل آسر واخذ الطبقه الارستقراطيه. لذلك كل محفل لليهود في العالم يكون رئيسه يهودي عراقي (نحن سادت العالم ) هكذا يقول!! وواقع الحال ينطبق على الهجره العراقيه لتفريغ الوطن من علمائه ويبقى الجهل ضارباً اطنابه.
العراق وطن لا يموت
رغم كل ما مرّ به العراق من أزمات وصراعات، يظل هذا الوطن صامدًا كالصخرة التي لا تفتتها الأزمات. وكما جاء في حديث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): "لا تقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبل من ذهب." العراق يمرض لكنه لا يموت، وخيراته لا تنضب أبدًا.
العتاب كالحب فلا تعطيه لمن لايستحقه هذا للمسؤولين، الذين لم يحافظوا على ثروه لاتنضب! هم العلماء وينطبق عليهم من يقع بالخطا هو انسان ومن يكرره فهو شيطان! لذلك كرروا اخطاء بحق علماء الوطن! جمعوا اموال البلد ونهبوها والمال يكون سيد فاسد اذا وضع بغير مكانه (خدمة الوطن والناس).
صديق قال يوما تعلم ان اليهود لايعطون دوله لفلسطين السبب بذلك:
لان الفلسطينين ياتون من اكثر من 100بلد وهم كلهم كوادر وعلم يريد اليهود بقاء العرب امه جاهله !!! هل نحلم بعودة الملايين من كل قارات العالم وهم قدره وعلم ويهزموا الجهل والظلام والتخلف !! كيف هي مشاعر من ترك بلاده مهاجرا "عاف ابوه وامه وابناء منطقته وارضه الى بلاد مجهوله، "جعلها الله بحظ من كان السبب" من ظلم وقتل وهدد ونهب وهجر!!.
اكرر قول ليجيفارا: "اين وجد الظلم فذاك وطني" فكيف اذا برك هذا الظلم في وطنك من المحتل وغيره!! الوطن امك ايها المهاجر تذكر ذلك لعلى الذكرى تعود بكم!! تبقى للاسد هيبه حتى اذا اصابه المرض اكثر من قوة الكلاب والوحوش وهكذا هو وطني العراق يمرض ولايموت ابدا وطن التاريخ!!!.
أمل العودة وبناء الوطن
اكرر قول ليجيفارا: "اين وجد الظلم فذاك وطني" فكيف اذا برك هذا الظلم في وطنك من المحتل وغيره!! الوطن امك ايها المهاجر تذكر ذلك لعلى الذكرى تعود بكم!! تبقى للاسد هيبه حتى اذا اصابه المرض اكثر من قوة الكلاب والوحوش وهكذا هو وطني العراق يمرض ولايموت ابدا وطن التاريخ!!!.
رغم المآسي التي تسببها الهجرة، يبقى الأمل معقودًا على عودة المهاجرين لإعادة بناء وطنهم والنهوض به. العراق بحاجة إلى أبنائه وكوادره التي يمكن أن تهزم التخلف والجهل، كما قال الشاعر:
رحم الله ابن الرومي كانه يعيش حاضرنا!! ورحم اجسادا غرقت في مياه البحار والمحيطات واصبحت طعاما للحيتان سعيا وراء الحريه والعيش بكرامه!!.
خاتمة: الهجرة ليست دائمًا حلاً، بل قد تكون في بعض الأحيان نزيفًا للوطن، تفقده ثرواته البشرية التي تُعدّ كنزه الحقيقي. الوطن بحاجة إلى وعي أبنائه وقادة شعبه لتجاوز هذه الأزمات. وكما قال جيفارا: "أين وجد الظلم فذاك وطني." فكيف إذا كان هذا الظلم داخل حدود وطنك؟