هل انتهى العمر الافتراضي للنظام السياسي الحالي في العراق؟
بقلم: اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء الأول.
تُعد الأزمة السياسية الراهنة في العراق من أبرز المواضيع التي تدعو للتساؤل حول مدى قدرة النظام السياسي الحالي على الاستمرار. ما هي الظروف التي شُيّد فيها هذا النظام؟ وما هو العمر الافتراضي الذي يمكن أن يُنسب له؟ نستعرض أحداثًا حاسمة منذ 2003 تلقي الضوء على نشأة النظام السياسي الحالي وتطوره.
![]() |
هل انتهى العمر الافتراضي للنظام السياسي الحالي في العراق؟ |
الأزمة السياسية الحالية التي يمر بها العراق تدفعنا للتساؤل عن العمر التشغيلي والافتراضي للنظام السياسي الحالي واليكم الجزء الأول. وعن الظروف التي جرى تأسيسه به؟ وهذا ما سوف أتناوله بسلسلة من المقالات عن ما جرى في العراق منذ عقدين تقريبا. وادعوا الأصدقاء المتابعين من الذين يملكون معلومات أن يضيفوا في تعقيباتهم على هذه السلسة من المقالات المهمة.
بداية التأسيس: مؤتمر بغداد 2003.
في 28 أبريل 2003، وبعد سقوط النظام السابق، عقد مؤتمر للشخصيات العراقية المعارضة داخل العراق. كان هذا المؤتمر نقطة انطلاق نحو تأسيس نظام سياسي جديد.
ورغم الإصابات التي تعرض لها الكاتب رياض البياتي بسبب مواجهته عصابة حاولت سرقة بنك في الحلة، إلا أنه حضر المؤتمر الذي عقد تحت رعاية الجنرال جي كارنر، الحاكم العسكري للعراق آنذاك. شارك في المؤتمر فريق كبير من الضباط والخبراء الفنيين الأميركيين المسؤولين عن إعادة الإعمار، بمن فيهم مسؤول ملف الكهرباء الذي أكد حاجة العراق إلى 8 مليارات دولار لإصلاح شبكة الكهرباء.
في28 نيسان 2003 بعد إسقاط النظام السابق عقد في بغداد مؤتمر للشخصيات العراقية المعارضة من داخل العراق؟ وكنت احد الحاضرين رغم أني كنت قد تعرضت للإصابة بطلقات نارية. بسبب تصدي لعصابة من الذين يزعمون انهم من المعارضة حاولت سرقة بنك في مدينة الحلة حيث أصبت بثلاثة إطلاقات نارية في البطن. وأصيب احد أولادي كذلك.
عقد المؤتمر في قاعة المؤتمرات في بغداد برعاية الجنرال جي كارنر الحاكم العسكري للعراق في حينه؟ حضر المؤتمر طاقم كبير من الضباط الفنيين الأمريكان المكلفين بواجب الإعمار من فيلق المهندسين الأمريكي.
وكان لي حديث طويل مع الجنرال المهندس المكلف بملف الكهرباء. الذي اخبرني ان وضع الكهرباء سيء ويحتاج الى 8 مليار للوصول به الى منظومة رصينة. للنهوض بكل متطلبات العراق بمختلف نشاطاته. كانت لديه فكرة واسعة عن حاجة المواطن وقطاع الصناعة للكهرباء؟
حضرت شخصيات من كل محافظات العراق مع غياب واضح لمعظم القادمين مع المحتل من الخارج؟ راس المؤتمر الجنرال كارنر, وممثل الرئيس الأمريكي السيد سلمان خليل زادة. والسيد وزير الشؤون الخارجية البريطاني وعدد من سفراء جيوش الاحتلال المدنيين؟
شكل النظام السياسي: جدل وآراء متباينة.
كان الهدف من المؤتمر استطلاع آراء العراقيين حول شكل النظام السياسي المنشود. تباينت الآراء بين:
- عودة الملكية: رأي تبنته قلة من الحاضرين.
- النظام الرئاسي: خيار البعض لتركز السلطة في يد واحدة.
- النظام المختلط: حصل على تأييد الأغلبية، حيث اعتُبر خيارًا متوازنًا يمنع ظهور الديكتاتورية.
كان من الواضح ان الأكثر فاعلية في المؤتمر هو وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني. وعندما سألني عن سبب انحيازي الى النظام المختلط. أخبرته أن هذا النظام لم يكن جديدا على العراق. فقد مورس طوال حكم عبد الكريم قاسم الذي كان رئيس للوزراء، ولعدد من المرات في حكم العارفين، وحكم البعث؟
وهو مانع للتغول الذي يمكن أن يؤدي لدكتاتورية جديدة؟ وان طبيعة تكوين وتاريخ, ودين الإسلام يجعل من النظام الرئاسي ممرا لعودة الديكتاتورية. حيث أن ثقافة الحاكم المطلق المفوض من الله سائدة تاريخيا وفي وعي المسلم.
خصوصا في المجتمعات القبلية, والنظام البرلماني صعب التداول, ويحتاج الى دولة مدنية علمانية تؤمن بالليبرالية. وهو ما لا يتوفر بالساسة العراقيين الحاليين, ومن السهولة الالتفاف عليه وتحويله الى نظام مكونات وأثارة الطائفية، والعرقية من خلاله، وتكييف مفاهيمه لخدمة أفكار معينة، وكما يحصل حاليا, وسوف يضيع لحمة الشعب العراقي التي كانت هاجس حكام العراق بمختلف توجهاتهم منذ تأسيس دولة العراق؟
القليل الذي حظر في المؤتمر من القادمين مع الاحتلال لم يقدموا انطباعا جيدا, وبدوا ممسوخين. وهو ما دفع زلماي خليل زادة لتنبيه الحضور اليهم كمقاومين لنظام صدام الذي اجمع كل الحاضرين ان هذا الشرف يستحقه العراقيون أولاً؟ وبلقاء جانبي بعد الغداء مع الجنرال كارنر الذي كان جنرال في القوة الجوية الأمريكية جرى بيننا حديث حول الأمن المنفلت في بغداد.
الكاتب أوضح أن النظام المختلط ليس جديدًا على العراق، فقد طُبق في عهد عبد الكريم قاسم والعهد الجمهوري لاحقًا، معتبرًا إياه حاجزًا أمام عودة الاستبداد في ظل طبيعة المجتمع العراقي ذات الطابع القبلي والديني.
التحديات الأمنية وإعادة الجيش
من النقاط البارزة التي نوقشت خلال المؤتمر كانت مسألة الأمن المنفلت في بغداد. دعا الكاتب الجنرال كارنر إلى إعادة الجيش العراقي لضبط الأمن، مؤكدًا على وطنية الجيش وتفنيد الفكرة القائلة بأنه مجرد أداة بيد حزب البعث.
رد كارنر بأن قرار إعادة الجيش قد اتُخذ بالفعل، معربًا عن أمله في تعاون الضباط العراقيين. إلا أن تغييرات مفاجئة، تمثلت في استبدال كارنر ببريمر، أوقفت تلك الخطة، مما أدى إلى تفاقم الوضع الأمني والسياسي في البلاد.
طلبت منه أعادة الجيش لضبط الأمن، وكان من الذين معي في هذا الحديث كما أتذكر السيدة رند عبد الرحيم؟ وقد اخبرني انه اصدر الأمر فعلا بإعادة الجيش السابق لحفظ الأمن.
وهو ما سوف يتم خلال أسبوعين، وانه يأمل في تعاون ضباط الجيش العراقي في حينها. كنت مصابا بإطلاقات نارية اطلقها علي بعض من الذين يزعمون انهم معارضة عندما منعتهم من سرقة احد البنوك في الحلة.
أخبرته أن الجيش العراقي في تربيته جيش، وطني، وان افتراض كونه جيش تابع لحزب البعث هو خطأ كبير يجب أن يتغير. وان من السهولة أعادة ترسيخ الوطنية بين منتسبيه. انتهى المؤتمر. على أمل الانعقاد في موعد جديد لاستمرار بالتداول حول شكل نظام الحكم وهذا لم يحصل حيث استبدل الجنرال كارنر بالسيد بريمر في شبه انقلاب؟

مآلات النظام السياسي الحالي
النظام السياسي الحالي تأسس وسط ظروف استثنائية أعقبت الغزو الأميركي للعراق. إلا أن تحديات عديدة، منها الطائفية والتجاذبات الحزبية، أثرت سلبًا على تطوره.
النظام البرلماني في العراق تحول إلى نظام "مكونات"، حيث غلبت المصالح الفئوية والطائفية على المصلحة الوطنية. وفي ظل هذا الواقع، تُطرح تساؤلات جدية حول مدى استدامة هذا النظام وإمكانية إصلاحه ليواكب تطلعات الشعب العراقي.
خاتمة: التاريخ السياسي العراقي منذ 2003 مليء بالأحداث التي تستوجب الوقوف عندها لفهم جذور الأزمة الحالية. هذه المقالة ليست سوى بداية سلسلة تهدف إلى تسليط الضوء على مراحل تأسيس النظام الحالي والتحديات التي واجهها.
يتبع في الحلقات القادمة.
<><>
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الثاني
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء الثاني.
في هذا المقال نواصل مناقشة سؤال مثير للجدل: هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ في الجزء الأول، أشرنا إلى المؤتمر الذي عُقد في بغداد برعاية التحالف الذي أسقط نظام الحكم في العراق، والذي حمل معه رؤى متباينة حول مستقبل البلاد.
في سلسلة مقالات حول هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي| وهذا هو الجزء الثاني من المقال كما جاء في الجزء الأول تحدثنا عن المؤتمر الذي عقد في بغداد برعاية التحالف الذي اسقط نظام الحكم في بغداد.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الثاني |
المؤتمر لم يتحدث مطلقا عن نظام فدرالي؟؟؟ الجميع كان متمسكا بوحدة العراق أرضاً وشعباً والاتجاه العام كان مع نظام مختلط شبه رئاسي، وانتخابات ديمقراطية، ودستور جديد عند توفر شروط النجاح لهما.
مؤتمر بغداد: رؤى وتحديات.
خلال المؤتمر، لم يتم التطرق إلى النظام الفدرالي، حيث كان الجميع متمسكًا بوحدة العراق أرضًا وشعبًا. الاتجاه السائد كان نحو إقامة نظام مختلط شبه رئاسي، مع التركيز على انتخابات ديمقراطية وصياغة دستور جديد إذا توافرت الظروف المناسبة لتحقيق ذلك.
الأولويات في ذلك الوقت كانت واضحة:
- وقف الفوضى المنتشرة في أنحاء البلاد.
- إنهاء تدمير البنية التحتية الذي كان يحدث أمام أعين القوات الأمريكية.
- إطلاق حملة إعمار شاملة تشمل الكهرباء والخدمات الأساسية.
- حماية وحدة العراق الجغرافية والسياسية.
التغييرات داخل التحالف: مرحلة بريمر.
ما حدث لاحقا كان تغيير يرقى إلى انقلاب داخل صف التحالف. حيث نحي كارنر ممثل وزارة الدفاع الأمريكية، وحاكم العراق ، والذي يمارس واجباته باعتبار الولايات المتحدة دولة محتلة. عليها ان تلتزم بواجبات المحتل. التي يفرضها القانون الدولي.
ما حدث لاحقًا يمكن وصفه بانقلاب داخلي في صفوف التحالف. تم تنحية كارنر، الذي كان يُمثل وزارة الدفاع الأمريكية، ليتم تعيين بول بريمر كحاكم مدني. كان هذا التحرك محاولة لتجميل صورة الاحتلال أمام العالم، لكنه جاء بنتائج مثيرة للجدل.
قرارات أثارت الجدل:
- حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية.
- تطبيق سياسة الاجتثاث التي وُصفت بأنها فاشية.
- دمج الميليشيات في مؤسسات الدولة.
- توزيع الأموال بطريقة عززت الولاءات السياسية والطائفية.
دور لندن وطهران: أدوار متشابكة.
يبدو أن بريمر سلم مفاتيح القرار لكل من لندن وطهران. قراراته، بدءًا من حل الجيش وصولًا إلى تشكيل الدولة، كانت انعكاسًا لضغوط هاتين العاصمتين. القوى الإسلامية القادمة من لندن، والتي يهيمن عليها حزب الدعوة، استغلت التحالف مع الاحتلال للوصول إلى السلطة والمال، متناسية شعاراتها السابقة.
التحالف يحتاج الى حلفاء يعتمد عليهم، وبالتشاور مع ( ايران ). اتخذ من مجموعة اورپا التي تصدرها مجموعة قادمة من لندن، وهي إسلامية يهيمن عليها حزب الدعوة حليف له. التحالف مع المحتل رحبت به هذه القوى السياسية، وأدركت أن تشكيل دولة بأسرع، وقت هو أسهل الطرق للوصول للسلطة، والمال.
تناست برغماتية عالية شعارات الشياطين، واحتضنت الكفرة ، وتشاركت معهم موائد الفسنجون. مع سكوت ضمني من النجف التي تفهم السياسات البريطانية اكثر من الأمريكية... دفع العراق الى مشروع حكم غيبي سلفي؟ يبدوا ان السيد بريمر سلم الزمام للندن وطهران؟
وجلس يوقع على ما يملون عليه. كما حصل مع قرارات حل الجيش، والاجهزة الأمنية. وقرار الاجتثاث الفاشي، ودمج المليشيات، وتوزيع الأموال عليها. والكثير من القرارات التي أسست للجماعات السياسية المسلحة. التي بدأت بالتوالد للوصول للمال العام.
تكوين سلطة جديدة: تشظٍ سياسي واضح.
فاصبح حزب الدعوة ثلاثة أحزاب، والمجلس الاعلى اكثر من سبعة تنظيمات؟ وهلم جرى من الواضح ان المملكة المتحدة التي كانت دائما ملجأ للأخوان المسلمين السنة ،والشيعة؛ وجدت في العراق أرض.
التغيرات السياسية أفرزت مشهدًا جديدًا في العراق:
- تحول حزب الدعوة إلى ثلاثة أحزاب.
- انقسام المجلس الأعلى إلى سبعة تنظيمات على الأقل.
- ظهور جماعات سياسية مسلحة تتصارع للسيطرة على المال العام.
هذه التغيرات وضعت العراق في مسار معقد، حيث تداخلت المصالح المحلية مع الأجندات الإقليمية. يمكن أن يشكلوا به دولة لهم. وكان البعض من الشخصيات المدنية القادمون من لندن بخلفية قومية. ومنبت برجوازي يحمل حقد تاريخي مشاركاً لهذه القوى، وقد استخدمتهم القوى الإسلامية. واجه مؤقتة لخداع العراقيين . يمكن التخلص منها لاحقا بعد استلام زمام السلاح والمال في الدولة العراقية.
هكذا بدأ هذا التحالف المعوق حكم العراق ؟؟؟ الذي استغرق من الزمن لحد الآن اكثر من المنطق التاريخي،واستمر اكثر من أشباهه في مصر وتونس . لأسباب معروفة منها محلية واخرى إقليمية .
هل يمكن إصلاح النظام؟
النظام الحالي يعاني من عيوب بنيوية، ويبدو أن الأسباب المحلية والإقليمية لعبت دورًا في استمراره لفترة أطول مما هو منطقي. التحديات التي تواجه العراق اليوم تتطلب إرادة سياسية حقيقية لإعادة بناء الدولة على أسس قوية.
يتبع...
بقلم الكاتب رياض البياتي.
<><>
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الثالث.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء الثالث.
نستكمل في هذا الجزء الثالث من سلسلة المقالات تسليط الضوء على الأحداث التاريخية التي شكّلت ملامح الواقع السياسي في العراق بعد سقوط النظام السابق. تناولنا في الجزء الثاني ضرورة تدخل الولايات المتحدة لوقف الفوضى التي اجتاحت البلاد، والآن نستعرض تفاصيل أكثر عن مرحلة الحاكم المدني بريمر ودوره في تشكيل مجلس الحكم، وصولاً إلى انزلاق العراق في دوامة الدم.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الثالث |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي واليكم الجزء الثالث. في قراءة تأريخية لما جرى في سلسلة من الحلقات وجاء في الجزء الثاني كان يجب على الولايات المتحدة وقف الفوضى التي عصفت في البلاد.
قد يتصور البعض أني أحاول أن أبعد عن المحتل الأمريكي الكارثة التي حدثت. ما أريد أن أوضحه أني أجمع أطراف أحجية لكي تتوضح الحقيقة واترك للقارئ أن يرتبها.
دور بريمر في تشكيل مجلس الحكم: بداية الانحدار.
دور الحاكم المدني بريمر في تشكيل مجلس الحكم؟ استمر الوضع طوال فترة بريمر، ومجلس الحكم. يسير بشكل ثابت باتجاه تدمير البنية التحتية للعراق. واستمرت سرقة، وتهديم المعسكرات، والمعامل. وبدأت بوادر عمليات المقاومة ودخول المجاميع الارهابية في شمال بابل والفلوجة.
وهنا للتاريخ، وبعدد المرات التي التقيت بها ضباط أمريكان كان الجيش الأمريكي متذمر من الوضع في العراق. ومن الإدارات المحلية التي شكلت. وكانت مطالبات إعادة الجيش مستمرة، بتأييد من الجيش الأمريكي. مع التحذير من اندلاع مظاهرات قد تنتقل الى مطالبات مسلحة.
مع استمرار عمل الحاكم المدني بول بريمر ومجلس الحكم، اتخذ الوضع مسارًا ثابتًا نحو تدمير البنية التحتية للعراق. خلال هذه الفترة:
- انتشرت سرقة المعسكرات والمصانع وتدميرها.
- ظهرت العمليات الإرهابية في مناطق مثل شمال بابل والفلوجة.
رغم الضغوط المستمرة من الجيش الأمريكي لإعادة هيكلة الجيش العراقي، أصر بريمر على تجاهل تلك المطالب. بدلاً من ذلك، قرر صرف "منحة طوارئ"، وإنشاء دوائر للمحاربين القدماء والحمايات الداخلية لاستيعاب بعض أفراد الجيش السابق. لكن هذه الحلول المؤقتة لم تفلح في السيطرة على تدهور الأوضاع.
ارجوا من القارئ أن يراقب حجم التخبط بدلاً من إعادة الجيش. قرر بريمر أن يصرف (منحة طوارئ) . استمرت المطالبات وبسبب الضغط شكلت في المحافظات دوائر تسمى المحاربين القدماء، وكان أول تشكيل في بابل. ودوائر الحمايات الداخلية. التي استوعبت بعض من أفراد الجيش السابق.
وبسبب الضغط من الجيش الأمريكي الذي بدأ يواجه مقاومة مسلحة بعض من أفرادها كانوا من منتسبي الجيش السابق.
تشكيل الحرس الوطني: خطوة غير محسوبة.
شكل ما يسمى (الحرس الوطني) ورغم أن هذه الأفواج التي شكلت استوعبت قسم من ضباط الجيش السابق، ومنتسبيه. لكن الأغلبية التي إلحقت به كانت تتم عن طريق الأحزاب التي تمكنت أن تتمركز على الأرض.
وتصبح قوة عن طريق استيعاب أفراد القوات المسلحة، وفتح أبواب التوظيف لمن ينتمي إليها. لم تكن هناك أي دولة في فترة بريمر، ومجلس الحكم.
تم تشكيل الحرس الوطني كبديل للجيش، لكنه جاء مشوبًا بالكثير من العيوب:
- استوعب قسمًا من ضباط ومنتسبي الجيش السابق.
- انحصر التوظيف في إطار الأحزاب التي بدأت تفرض سيطرتها على الأرض.
هذا الوضع أتاح للأحزاب الإسلامية السيطرة المباشرة على المحافظات عبر مكاتبها، مما جعل الفساد يتفشى في أجهزة الدولة، وتحولت محاولات إعادة الإعمار إلى مشاريع تخدم مصالح الأحزاب والمقاولين المرتبطين بها.
حيث كانت الأحزاب الإسلامية تدير المحافظات بشكل مباشر عن طريق مكاتبها. مما جعل متبقي جهاز الدولة يعمل بما تريده هذه الأحزاب، وبالطريقة التي تريدها. ومن هنا بدأ الفساد.
فكل ما كانت تقوم به الإدارات المحلية الأمريكية من محاولات للتعمير او الخدمات كانت تنتهي بجيوب الأحزاب، وأصدقائهم من المقاولين. هذا الحال كان مستمرا على الأقل في الإدارة المدنية الوسطى التي شملت الرمادي وكربلاء والنجف وبابل والقادسية والمثنى.
إيران والسيطرة الكاملة: تحول مذهبي واضح.
عند نهاية فترة بريمر كانت السيطرة كاملة لإيران. استغلت خطايا النظام السابق الذي منع الجمهور الشيعي من أداء مراسيمه الدينية. منذ اليوم الأول لسقوط النظام وبطريقة عفوية أعيدت المراسيم وكانت المواكب الدينية تقدم الطعام للقوات الأمريكية؟
مع نهاية فترة بريمر، أصبحت السيطرة الإيرانية شبه كاملة، حيث استغلت أخطاء النظام السابق التي منعت الشيعة من أداء طقوسهم الدينية.
- خطوات ذكية من إيران: دعمت إيران عودة المواكب الدينية، وحوّلتها إلى إنجاز محسوب للأحزاب المرتبطة بها، مما أكسبها تأييد الشارع في المناطق الوسطى والجنوبية.
- تحول مذهبي: بدأت المحافظات تتحول تدريجيًا من التشيع العراقي التقليدي (الحسيني) إلى التشيع الإيراني (المهدوي).
تفاصيل زيارة بريمر إلى الحلة: صراحة غير متوقعة.
تفاصيل حول زيارة الحاكم المدني پريمر لمدينة الحلة. وكما أتذكر يوم 16 تموز زار بريمر الحلة. كنت في داري عندما وصلت سيارات الإدارة المدنية، وطلب مني أن أرافقهم الى مقر الإدارة في فندق بابل. قد يتصور البعض ان الأمر غريب. لقد حدث قبل ذلك لعدة مرات.
خلال الأحاديث حول المشاكل التي تعصف بالعراق، وكانت أحاديثنا دائما تصطدم بالإدارة المدنية. مع تعاطف من ضباط الجيش الأمريكي.
وصلت الى مقر الإدارة المدنية، وكان هنالك محافظ بابل الذي عينه المجلس الاعلى. رغم انه من منتسبي التصنيع العسكري، ولا يملك أي خبرة لكن خطة التوسع للأحزاب القادمة من إيران. كانت استيعاب هؤلاء وإشاعة الانتهازية والوصولية وتدمير ما تبقى من أخلاق وخصوصا في أجهزة الدولة.
في منتصف عام 2004، زار الحاكم المدني بول بريمر مدينة الحلة في جولة قصيرة. خلال هذه الزيارة، أتيحت الفرصة للكاتب للتحدث معه مباشرة. أبرز النقاط التي تم مناقشتها:
- انتقاد صريح للإدارة الأمريكية: تم توجيه الانتقاد لدعم الولايات المتحدة للإسلام السياسي، مما أدى إلى تحويل العراق المدني إلى نظام سلفي غيبي بعيد عن الديمقراطية.
- رد فعل بريمر: لم يرد بريمر على هذه الانتقادات علنًا، لكنه أعرب لاحقًا عن صدمته من الصراحة التي سمعها.
وكان هناك القائممقام عماد البياتي ومدير الشرطة المرحوم قيس المعموري ونائب رئيس المجلس البلدي حسن أزغير كما أتذكر... وكانت السيدة س البراك حاضرة وشيخ معمم أسمه أبو الحسن موجود.
كان الحضور مختصر جداً عند لقاء الحاكم المدني بريمر.
كانت مفاجأة حيث دخل السيد بريمر الى القاعة. سلم على الحضور ومن ثم باشر بإلقاء كلمة صغيرة حول دوره في العراق، وما انجزه. وشكرنا نحن الثلاثة على دورنا السلمي في المجتمع المحلي.
بعدها تكلم البعض مادح كالعادة الإدارة المدنية والسيد بريمر. طلبت الإذن بالكلام، ورغم أني اجيد اللغة الإنكليزية بشكل جيد. فقد استأذنته أن أتحدث معه بالعربية، وكان القصد هو إسماع الحاضرين من العراقيين، والجهات الأمريكية الأخرى ما أريد قوله. المترجم كان من الحلة، واعرفه شخصيا، وطلبت منه أن يترجم ما أقول حرفيا.
شكرت السيد بريمر على خدمة لم نكن نحتاجها في العراق. ولم تؤدي الدور المطلوب منها .في إرساء حكم ديمقراطي كما تزعم الولايات المتحدة. ، وأخبرته بشكل واضح، وصريح، ومباشر.
ان الأمريكان ارسوا حكم سلفي غيبي في العراق حيث دعمتم الإسلام السياسي للوصول للسلطة في بلد مدني يتحول بكل بساطة للديمقراطية. للتاريخ ان الحديث مسجل في إذاعة بابل التي كانت وحدها حاضرة. لم يجيبني الرجل.
ولكن احد الحضور عقب (أبو أركان على كيفك) كانت الوجوه مصفرة. أخبرت المعقب أني لست موظف لديك. انتهى الاجتماع، وكانت الإدارة المحلية قد أعدت بوفيه صغير عليه معجنات، ومرطبات.
نتائج القرارات الخاطئة: انزلاق نحو الدم.
سحبني ممثل أحدى الجهات الأمنية الأمريكية، وأوقفني الى جنب السيد بريمر الذي شكرني على صراحتي، وأخبرني انه لم يسمع هذا الكلام من قبل... أخبرته أنكم ذاهبون لأيام صعبة دفعكم إليها إما أغبياء؟ او أذكياء! جدا. وسوف تسيل دماء كثيرة... قال لي بالحرف أزجوك أن تخبر حكومتك بما تظن … خبرته أن الوقت اصبح متأخر وان العراق انزلق للدم.
مع انتهاء فترة بريمر، كانت البلاد قد انزلقت إلى مرحلة خطيرة:
- تدهور الأمن: تصاعدت الأعمال المسلحة بدعم من قوى سياسية وأطراف خارجية.
- ترسيخ الفساد: أصبحت الأجهزة الحكومية أداة لخدمة الأحزاب المسيطرة.
- خسائر بشرية: بدأت تتزايد الأحداث الدامية، مما شكّل واقعًا مظلمًا للشعب العراقي.
كانت زيارة سريعة يبدوا انه لم يكملها حيث زار الحلة باليوم التالي، واسمع ما يرغب بسماعه. من أشخاص شاهدت بعيني، وسمعت بإذني احدهم يتحدث في نفس المكان مع ممثل السيد الخامنئي في العام 2014 انه من المؤمنين بولاية الفقيه... هكذا انزلقنا للدم ...
خاتمة: مرحلة تحتاج إلى مراجعة شاملة.
إن فترة الحاكم المدني بريمر ومجلس الحكم مثّلت بداية انزلاق العراق إلى دوامة من الفوضى والدم. القرارات الخاطئة، والتحالفات المشبوهة، والتدخلات الخارجية، كلها ساهمت في تعقيد المشهد.
السؤال الذي يبقى مطروحًا: هل يمكن للعراق أن يتجاوز هذه المرحلة ويبدأ في بناء نظام جديد يحقق تطلعات شعبه؟
يتبع...
<><>
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الرابع.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء الرابع.
نستكمل في هذا الجزء الرابع من سلسلة المقالات تناول المرحلة التي تلت فترة الحاكم المدني بريمر، مع التركيز على أول حكومة عراقية بعد عام 2003 برئاسة السيد أياد علاوي. نلقي الضوء على التحديات التي واجهتها الحكومة، والسياسات التي انتهجتها، وتأثيراتها على المشهد العراقي.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الرابع. |
بعد أن بينا الفترة التي كان فيها بريمر الحاكم وفحوى اللقاء به عند زيارته لمدينة الحلة. وكانت تفاصيل اللقاء مع پريمر في الجزء الثالث الذي أنتهينا منه. رغم أني محبط من كل من جاء مع المحتل فقد كان هناك بصيص أمل في جماعة الوفاق رغم أن مسؤول الوفاق السيد علاوي. هو من مجموعة بريطانيا التي لها اليد العليا في العراق التي لها مشروع مزدوج الدور.
البعض من قادة الوفاق أنا اعرفهم شخصيا منذ زمن بعيد مثل المرحوم اللواء الركن عماد شبيب وهو شخصية عسكرية كفوءه ومحبوبة. ومن يزعم أن هنالك تنظيمات للوفاق قبل 2003 كان عن طريق المرحوم عماد.
أياد علاوي: بين الآمال والتحديات.
أياد علاوي أول رئيس وزراء بعد عام 2003. السيد أياد علاوي جاء بضغط إقليمي لكي يوقف عملية انزلاق العراق خارج محيطه العربي، وكان يتوقع منه، وهو الذي يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ان يوقف المد الشعوبي ضد الدول العربية، ويعيد المشروع الوطني العراقي ، وهذا لم يحصل. رغم وجود شخصيات مهمة،ومحترمة ومؤثرة ، في داخل العراقي تلتقي مع مشروع السيد علاوي؟
لكن أياد علاوي تجاوزها وقرب شخصيات متهمة بالفساد قبل سقوط النظام. مثل حازم الشعلان الذي أسس للفساد في المستويات العليا للحكومة؟ وسلم وزارة الداخلية الى احد أنسبائه الذي اتهم بالفساد أيضاً.
تولى السيد أياد علاوي رئاسة الوزراء بضغط إقليمي، وسط آمال بأن يعيد العراق إلى محيطه العربي، ويوقف الانزلاق نحو مشروع شعوبي يهدد الدول العربية. لكن:
- غياب الإصلاحات المنتظرة: لم يتمكن السيد علاوي من تحقيق تطلعات إعادة المشروع الوطني العراقي.
- تعزيز الفساد: قرب شخصيات متهمة بالفساد مثل حازم الشعلان، الذي تولى وزارة الدفاع وأسّس للفساد في مستويات عليا. كما سلم وزارة الداخلية إلى أحد أقاربه المتهمين بقضايا فساد.
الأمن والجيش: إخفاقات متكررة.
وفي المجال الأمني كان من المتوقع منه أن يستدعي الجيش السابق، ولم يفعل ذلك، واستمرت وزارة الداخلية، يقودها مفوض من خيالة الشرطة منح نفسه رتبة فريق، ومن استدعاه السيد علاوي للخدمة بالجيش كان بخلفيات مشاكل إدارية في الوقت الذي كان أمامه المئات من خيرة ضباط الجيش العراقي من الجنوب.
بدلاً من استدعاء الجيش السابق، اختار السيد علاوي شخصيات ذات خلفيات إدارية ضعيفة:
- وزارة الداخلية: قادها شخص حصل على رتبة فريق بشكل غير قانوني.
- وزارة الدفاع: سيطر عليها الحزبان الكرديان الديمقراطي والاتحاد الوطني، مع تغلغل الإرهاب في مناصب حساسة.
- الطيارون العراقيون: استمر مسلسل اغتيال الطيارين العراقيين الذين شاركوا في الحروب السابقة، دون أي تدخل حكومي لحمايتهم، رغم المناشدات المستمرة.
مسلسل أغتيال الطيارين العراقيين؟ استمر قتل الطيارين في الشوارع بدون أن يتحرك السيد علاوي لمنع هذه المجزرة. وكان بيده حمايتهم. وقد طلبت شخصيا من قائد القوة الجوية ذلك. لم تتخذ أي إجراءات بهذا الجانب.
لقد كان الوضع سيئا جداً، والبعض من الخيرين كنا نتوسل بصغار الضباط، والعسكر ان يصبروا. ولو قدر أن تنسحب القوات الأمريكية من بغداد في حينها لمدة يوم. لسقطت بغداد. لقد حمى الأمريكان وضع سياسي فاسد.
مواجهة الإرهاب: جهود محلية مقابل ضعف الحكومة.
ووفر الزرقاوي جو من الرعب جعل الناس تقبل بمشروع هذه القوى السياسية خوفاً من مشروع الإرهاب القاتل. حكومة علاوي سيئة، وخيبة أمل لكل القوى الديمقراطية في العراق.
- قتال الإرهاب: في الوقت الذي توسع فيه تنظيم الزرقاوي، ظهرت تشكيلات محلية من مكاتب المحاربين القدماء في بابل والرمادي. قادت هذه التشكيلات معارك شجاعة ضد الإرهاب، بقيادة شخصيات مثل العقيد أحمد خلف، الذي أصيب إصابة بالغة في معركة حديثة ضد القاعدة.
- دور القوات المحلية: في بغداد، كان للعقيد مهدي وفوجه، ومعه مجموعة من الضباط، دور كبير في مواجهة إرهاب الزرقاوي، رغم ضعف الدعم الحكومي.
في بغداد العقيد مهدي وفوجه ، ومعه بعض من الضباط الموجودين حاليا في الجيش. كان لهم دور كبير في قتال أرهاب الزرقاوي. الذي بدأ يتغول بسبب سياسات الحكومة، واستمرار عملية تجويع منتسبي الجيش والأجهزة الأمنية السابقة.
التحديات السياسية والعسكرية.
- تغلغل الإرهاب: وصل التنظيم إلى وزارة الدفاع نفسها، حيث تقلد منصب رئيس أركان الجيش شخص لا يملك المؤهلات، وكان مرتبطاً بتنظيمات إرهابية. تم اعتقاله لاحقاً من قبل القوات الأمريكية.
- السيطرة الحزبية: أصبحت القوى المسلحة السياسية تتحكم في بغداد، مما خلق فراغاً أمنيًا استغله الإرهاب لزرع الرعب بين الناس.
خيبة الأمل في حكومة علاوي.
ورغم أن السيد علاوي كان يتوقع أن يكلف تشكيل الحكومة بعد الانتخابات المؤقتة. لكنه أبعد. وكانت بداية النهاية له. ومعه تم إسقاط التوجه الديمقراطي.
رغم الآمال التي عُلّقت على حكومة السيد علاوي، إلا أنها أثبتت فشلها في:
- إعادة اللحمة الوطنية.
- مواجهة الإرهاب بحزم.
- منع تفشي الفساد.
أدت هذه الإخفاقات إلى خيبة أمل كبيرة بين القوى الديمقراطية والمجتمع العراقي بشكل عام، وأصبحت حكومة علاوي نقطة تحول نحو ترسيخ مشروع سياسي فاسد.
وانتهى معها الفصل الأول من كذبة المدنية والديمقراطية التي جاء بها البعض مع المحتل ، وسوف نراها تنتهي في الفصل الثاني العام 2010 .
ان الأسماء التي اذكرها هو تثبيت لدورهم المشرف المجهول. واعتقد انهم حاليا في وضع آمن يسمح بذلك.
خاتمة: بداية النهاية للتوجه الديمقراطي:
مع انتهاء فترة علاوي، بدأت ملامح إسقاط المشروع الديمقراطي تظهر بوضوح. الإخفاقات السياسية والأمنية التي وقعت في هذه المرحلة مهدت الطريق لفصل جديد من الفوضى السياسية والفساد.
يتبع...
<><>
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الخامس.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء الخامس.
تُعد حقبة ما بعد عام 2003 في العراق واحدة من أكثر المراحل السياسية تعقيدًا وإثارة للجدل، حيث شهدت أحداثًا محورية أعادت رسم المشهد السياسي للبلاد. في هذا الجزء من سلسلة المقالات، نستعرض فترة تكليف إبراهيم الجعفري برئاسة الوزراء، وكتابة الدستور، وما رافقها من تحديات وقرارات أثرت على بنية النظام السياسي الحالي.
هل العمر التشغيلي قد انتهى للنظام الحالي" الجزء الخامس إذ انتهينا من سلسلة المقالات من المشهد العراقي التي طويت سنين ما بعد 2003. بعد أن أكملنا الجزء الرابع وفترة اياد علاوي.
إياد علاوي: محطة انتقالية وصراع سياسي.
بعد انتهاء فترة إياد علاوي، التي تميزت بإجراء أول انتخابات اعتُبرت ديمقراطية، كان يأمل في إعادة تكليفه، إلا أن القوى السياسية، وخصوصًا الإسلام السياسي القادم من لندن، لم ترَ في علاوي خيارًا يستحق الثقة للاستمرار. انتهت فترته بإحباط واسع بين الأوساط الديمقراطية والمدنية، مما فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التجاذبات السياسية.
اكمل السيد علاوي أول انتخابات زعم أنها ديمقراطية، وكان يأمل السيد علاوي أن يعاد تكليفه بعدها. المجلس الوطني حدد دوره بكتابة دستور، ولكن حتى هذه الفترة المضافة لم تر قوى الإسلام السياسي الإنكليزية ان السيد علاوي يستحقها؟ فقد أدى دوره بإحباط الشارع الديمقراطي، والمدني.
تكليف إبراهيم الجعفري: قيادة متأرجحة.
جرى تكليف إبراهيم الجعفري برئاسة الوزراء، وهو شخصية أثارت جدلًا كبيرًا نظرًا لنرجسيته وهوسه الديني، وفقًا لوصف منتقديه. قاد العراق خلال هذه المرحلة كقائد عام للقوات المسلحة، بأسلوب أقرب لما يُعرف بـ"فتاح الفال"، كما أشار وزير الداخلية في حينها.
تكليف إبراهيم الجعفري رئيساً للوزراء؟ كلفت شخصية من نفس الدائرة القادمة من لندن؟ معروفة بالانفصام العصابي، والنرجسية، والهوس الغيبي. لتولي الوزارة ودخل العراق بقيادة قائد عام للقوات المسلحة يدير العمليات كأي (فتاح فال)... (راجع حديث السيد صولاغ). كان يشغل منصب وزير داخلية.
شهدت فترة الجعفري توزيع الوزارات بين قوى المحاصصة الطائفية والحزبية، دون مراعاة الكفاءة الإدارية أو المهنية، مما أدى إلى تفاقم التحديات. وزعت الوزارات غنيمة بين قوى محاصصة. لا تمتلك الحد الأدنى من التأهيل الإداري.
كانت هذه الفترة هي فترة كتابة الدستور، ومن المستغرب ان الولايات المتحدة. رغم تخليها عن الحكم المباشر للعراق توافق على مشروع خطير مثل كتابة الدستور بظل توسع الجماعات الارهابية في بغداد.
حيث كان الزرقاوي يسيطر على مناطق في بغداد ويسيطر على بغداد ليلا وعلى شمال وغرب العراق. مع وجود معارضة عراقية مسلحة شيعية. بالاضافة الى الأبعاد الكامل للسنة حيث مثلهم الحزب الإسلامي. وهو ما لا يراه العرب السنة ممثلا عنهم؟ وعدم نضوج تيار ديمقراطي حقيقي في العراق؟
كتابة الدستور: فرصة ضائعة أم كارثة مؤسَّسة؟
رئيس الوزراء الجديد من نفس مجموعة لندن. الحديث عن كتابة دستور بأيادي عراقية تحدثت به جهة ما. لم يحدد له مدى زمني؟ بل هو حديث عام مطلق. اختارت هذه المجموعة النموذج البريطاني للحكم رغم عدم وجود دستور في المملكة المتحدة.
واختاروا اقرب الدساتير التي تحمل هذه الروحية، وهو الدستور الاسرائيلي. في أشارة واضحة أن منطلق تأسيس دولة إسرائيل كان دينيا. ولكنهم تناسوا ان الدولة في إسرائيل هي دولة مدنية تقودها أحزاب ديمقراطية.
بدأت عملية كتابة الدستور في ظل ظروف أمنية وسياسية غاية في الصعوبة. إذ كانت الجماعات الإرهابية، بقيادة الزرقاوي، تسيطر على مناطق واسعة من بغداد وشمال وغرب العراق، إضافة إلى معارضة مسلحة داخلية.
رغم هذه التحديات، مضت عملية كتابة الدستور، لكنها وُجهت بانتقادات واسعة لعدة أسباب:
- غياب مفهوم الوطنية: من كتبوا الدستور لم يكن لديهم إيمان بالوطنية العراقية، بل سعوا لتأسيس كيان ضعيف قابل للتفكيك.
- إضعاف المركزية: تعمد النص على نقاط خلافية مثل "المناطق المتنازع عليها"، مما أدى إلى تآكل سلطة الحكومة المركزية.
- تركيز السلطة بيد رئيس الوزراء: جُمع منصب القائد العام للقوات المسلحة ورئاسة الوزراء، مما منح الأخير صلاحيات مطلقة، دون وجود هيئات استشارية عسكرية محترفة.
إقرار دستور مشوه: نتائج كارثية.
تحت ضغط الإرهاب وضغوط سياسية متعددة، أُقر الدستور بالأغلبية البسيطة، مما أدى إلى تبعات طويلة الأمد على النظام السياسي:
- غياب سلطة رئاسة الجمهورية: سُلبت الرئاسة أدواتها في حماية الدستور، ليبقى منصبًا رمزيًا.
- نظام دولة عميقة: عجزت القوى السياسية عن تقسيم العراق أو إعلان ولاية الفقيه، فاتجهت نحو تشكيل دولة عميقة تُحكم خارج الإطار الرسمي.
انعكاسات المرحلة: نحو مستقبل مجهول.
من خلال منصب القائد العام للقوات المسلحة، والى جمع منصب القائد العام للقوات المسلحة إلى منصب رئيس مجلس الوزراء. الذي اصبح بصلاحيات مطلقة، وبدون قيادة عامة للقوات المسلحة. اصبح رئيس مجلس الوزراء مطلق الصلاحيات في التصرف بحق الدولة باستخدام العنف.
وبدون أي سلطة او تأثير من رئيس الجمهورية. أو أي جهة اخرى؟ رغم كونه مدنياً يفترض أن تقدم له المشورة هيئات ركن عسكرية مهنية محترفة. وتحت ضغط الإرهاب وضغط الإخوان المسلمين (طارق الهاشمي) تم إقرار هذا الدستور المشوه. بالأغلبية البسيطة جدا.
|
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الخامس. |
وهي الكارثة التي نواجهها حاليا حيث لم تستطع هذه القوى تقسيم العراق. او إعلانها دولة ولاية الفقيه! فاتجهت الى نظام الدولة البديلة العميقة التي تحكم العراق خارج حدود الإقليم. انتهت فترة الجعفري كجزء من سلسلة من السياسات التي عمّقت أزمات العراق السياسية. تلك الفترة شهدت تأسيس نظام مشوه، مليء بالتناقضات، جعل من الصعب تحقيق الاستقرار أو تلبية تطلعات الشعب العراقي.
يتبع...
في الجزء القادم، نستعرض تطورات ما بعد الجعفري
وتداعياتها على المشهد السياسي العراق.
<><>
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء السادس.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء السادس.
في استكمال لسلسلة المقالات التي تتناول المشهد السياسي في العراق بعد 2003، ننتقل إلى الجزء السادس، حيث انتهت فترة إبراهيم الجعفري المليئة بالاضطرابات، وبدأت مرحلة جديدة بإعلان نتائج انتخابات 2005، وما تبعها من أحداث جسيمة رسمت ملامح النظام الحالي.
بعد أن أكملنا حقبة علاوي الذي أخفق بالانتخابات وتسنم إبراهيم الجعفري وهذا ما جاء في! الجزء الخامس من هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي إليكم الجزء السادس؟
انتخابات 2005: نتائج مؤثرة وتحالفات فاشلة
في 22 يناير 2006، أُعلنت نتائج انتخابات 2005 التي حققت فيها القائمة 555، المدعومة من النجف، تقدمًا كبيرًا، بينما حلت القائمة الكردية ثانية، وتلتها القائمة الوطنية التي مثّلت السنة. هذه النتائج شهدت فشلًا جديدًا لإياد علاوي، بسبب تحالفه مع الإخوان المسلمين، مما أفقده دعم القوى القومية والوطنية.
انتهت انتخابات العام 2005. وأعلنت نتائجها النهائية في 22/1/2006 بتفوق واضح للقائمة 555 التي حظيت بدعم واسع من النجف. حلت القائمة الكردية ثانية. تلتها القائمة الوطنية، التي مثلت السنة.
كانت النتائج فشلَ أخر للسيد علاوي بسبب تحالفه مع الأخوان المسلمين. باعتبارهم ممثلين للعرب السنة ، وبذلك خسر أصوات القوى القومية، والوطنية. اطلب من القارئ أن يراقب تسلسل وتاريخ الأحداث بتركيز.
لبننة العراق: المحاصصة واقع مفروض
أصبح واضحًا أن رئاسة الوزراء ستظل حكرًا على الشيعة، الذين تمكنوا من الوصول إلى السلطة بآليات ديمقراطية دعمها المجتمع الدولي. تنافست على هذا المنصب كتلتان شيعيتان:
- المجلس الإسلامي الأعلى المقرب من إيران.
- حزب الدعوة وتيار الصدر وبعض المستقلين، الذين كانت لديهم مسافة نسبية عن إيران.
تفجير مرقد الإمامين العسكريين: شرارة الطائفية
في 22 فبراير 2006، هزّ تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء البلاد، مما أدى إلى موجة من القتل على الهوية وانفلات أمني خطير في بغداد. ورغم التحذيرات المتكررة من قيادات القاعدة، مثل أسامة بن لادن، من خطورة إشعال حرب طائفية، فإن هذا التفجير مثّل نقطة تحول.
أسئلة حول التفجير:
- لماذا حدث هذا التفجير في هذا التوقيت؟
- ما علاقة إيران باستضافة قيادات القاعدة وعوائلهم؟
- كيف ساهم ذلك في تحشيد المشاعر الطائفية؟
لابد لنا ان نتوقف عند هذا الحدث الذي ما زالت تداعياته مستمرة لحد الآن. ونسأل انفسنا لماذا هذا التفجير، وقيادات القاعدة في أفغانستان تحذر من حرب طائفية. وتحث على التركيز على قتال القوات الأمريكية.
الزرقاوي: بين إيران والأمريكان.
تاريخ الزرقاوي: تعرض الزرقاوي لإصابة خلال قصف أمريكي لمعسكر "أنصار محمد" قبل 2003، ونُقل إلى إيران للعلاج. رغم نشاطه في العراق، قُتل بغارة أمريكية في ديالى في 7 يونيو 2006، وسط تسريبات عن تعاون إيراني في تقديم معلومات للأمريكان لتحديد موقعه.
الزرقاوي في قلب الأحداث ومقتطفات من تاريخه ومقتله؟ الزرقاوي ليس غريبا على الأمريكان. فهم من تسبب بعوقه عندما قصفوا معسكر (أنصار محمد) جنوب السليمانية قبل العام 2003، وعلى اثرها نقل لإيران حيث تلقى العلاج.
لذلك هذا التفجير بهذا التوقيت لم يكن يهدف لأثارة الطائفية التي يحتاجها الزرقاوي لحشد السنة خلفه فقط؟ هناك حاجة إيران كذلك لحشد العاطفة الشيعية خلفها. بسبب نتائج الانتخابات. التي لم تكن حاسمة لدعم مرشحيها، وكان واضحا ان هناك تيار عراقي بين الشيعة لا يقبل أن يسلم العراق لإيران.
(الزرقاوي تم قتله بغارة أمريكية في 7حزيران من العام 2006. وتشير الكثير من التسريبات. ان موقع قتل الزرقاوي في محافظة ديالى القريبة من إيران. وبتسريبات ان معلومات قدمت للأمريكان من قبل الحرس الثوري الإيراني).
استبعاد الجعفري وترشيح المالكي.
مع تصاعد الأزمات، استُبعد إبراهيم الجعفري نهائيًا من السباق لرئاسة الوزراء، وتم ترشيح شخصية جديدة وغير معروفة آنذاك: نوري المالكي.
استبعد الجعفري نهائيا، وكان لابد من حسم الموقف بين الكتلتين الشيعيتين. الموقف في الشارع لا يحتمل أي تأخير، وقد رشح شخصية مجهولة هو السيد المالكي بديلا عن الجعفري .
زلماي خليل زاده والمالكي:
كشف زلماي خليل زاده، السفير الأمريكي السابق في بغداد، خلال مقابلة مع فضائية "روداو" في 25 أكتوبر 2021، تفاصيل مثيرة عن ترشيح المالكي. قال زاده:
"فوجئت عندما قدّم المالكي قائمة تنازلات تتجاوز 13 نقطة، تتماشى مع سياساتنا، عارضًا خدماته كبديل للجعفري".
زلماي خليل زادة الذي لم يكن يعرف عنه تحدث الى فضائية رادوا؟ حديث زلماي خليل زاده راداو RUDAW في 25/10/2021 معد فياض! صمت قليلا لتستعيد ذاكرته الأحداث. استطرد قائلا:
"كنت في مكتبي بالسفارة الأميركية ببغداد عندما اعلمني سكرتيري بأن ثمة شخص اسمه نوري المالكي يريد مقابلتي. حدث ذلك في الوقت الذي عرفنا ان الجعفري وافق على التنحي من منصبه. وأنه رشح نوري المالكي ليكون خلفا له، ووافقت على اللقاء به.
فوجئت بأن المالكي قد هيأ قائمة بمجموعة من التنازلات عن أمور، والموافقة على أمور اخرى تتناسب مع سياستنا. وبلغت مجموعة التنازلات اكثر من 13 نقطة؟ عارضاً خدماته كمرشح لرئاسة الوزراء بدلاً عن من كان مسؤوله الاول في حزب الدعوة (إبراهيم الجعفري)".
نهاية حقبة الجعفري وبداية المالكي.
بهذا انتهى حلم الجعفري في الاستمرار بمنصبه، لتبدأ مرحلة جديدة من النظام السياسي، بقيادة نوري المالكي، الذي سيترك بصمة مثيرة للجدل في تاريخ العراق الحديث. هنا أنتهى حلم ابراهيم الجعفري في أن يعاد انتخابه رئيساً للوزراء في هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي... الجزء السادس؟ والى الجزء الأخر.
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء السابع.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء السابع..
في الجزء السابع من هذه السلسلة، نستكمل استعراض التحولات السياسية والأمنية التي شهدتها فترة رئاسة السيد نوري المالكي الأولى لمجلس الوزراء. تلك الفترة التي شكلت منعطفًا حاسمًا في مسار العراق السياسي والأمني، والتي بدأت بتكليف المالكي رئيسًا للوزراء بموافقة أمريكية وإيرانية، وسط ظروف داخلية وخارجية معقدة.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء السابع. |
نبدأ في الجزء السابع من مسلسل هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي! بعد أن أكملنا بالسرد كيف تم تكليف السيد نوري المالكي بمنصب رئيس مجلس الوزراء العراق بموافقة الأمريكان والإيرانيين بالجزء السادس.
البداية مع المالكي: اسم حركي ومواقف غامضة
بدأ المالكي ولايته وسط جدل حول اسمه الحركي "جواد المالكي"، مما دفع مكتب رئاسة الوزراء لإصدار توضيح. ومع أنه كان شخصية غير معروفة نسبيًا في الداخل العراقي، إلا أنه حصل على دعم القوى الدولية، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حول طبيعة تلك المرحلة.
السيد المالكي كان شخصية غير معروفة في الداخل العراقي، ويستخدم اسم حركي هو جواد المالكي. مما اضطر مكتب رئيس الوزراء لتوضيح هذا الالتباس.
الأمن المضطرب وتأجيل الانسحاب الأمريكي.
تأجيل الانسحاب الأمريكي من العراق كما وعد أوباما؟ بدأت الوزارة عملها بوضع أمني ضاغط جدا. ورغم أن وزير الدفاع كان عسكريا محترفا. لكن وزير الداخلية كان مهندس في مستودعات القوة الجوية. الانفجارات تعصف ببغداد، والقتال المذهبي، وتفجير الجوامع على أشده.
تزامنت فترة المالكي الأولى مع أوضاع أمنية كارثية:
- تفجيرات يومية في بغداد.
- اشتباكات مذهبية وتفجير الجوامع.
- فضائح فساد في المؤسسة العسكرية الناشئة.
هذا الوضع دفع الإدارة الأمريكية إلى تأجيل خطط انسحابها من العراق، بل وزيادة قواتها لمحاولة السيطرة على العاصمة. في هذا السياق، دعا المالكي لعقد مؤتمر مع نخبة من ضباط الجيش السابق في فبراير 2007، بهدف إظهار حسن النية تجاه المصالحة الوطنية.
تفاصيل المؤتمر:
هذا الوضع دفع الأمريكان لتأجيل خطط الانسحاب، واستقدام قوات جديدة للسيطرة على الوضع في بغداد. الجيش الأمريكي ظل يضغط لإعادة الجيش السابق. ولذلك دعا مجلس الوزراء نخبة من ضباط الجيش العراقي السابق لحضور مؤتمر في شباط من العام 2007.
كنت احد المدعوين حيث تم استضافتنا من قبل لجنة من وزارة الدفاع العراقية، وتم أسكاننا في فندق بابل تحت حراسة أمريكية مشددة. وفي المساء تم إيجازنا من قبل دائرة المحاربين في وزارة الدفاع. لم يترك الإيجاز انطباع جيد لدى الحضور فقد كان الأمر يبدوا، وكان الأمر مفروض عليهم.
- تمت استضافة الضباط بفندق بابل تحت حراسة أمريكية مشددة.
- كان الإيجاز المقدم للضباط ضعيفًا ومثيرًا للإحباط.
- جرى الاتفاق على إعادة 300 ضابط للخدمة، لكن هذه الخطوة ظلت مجرد إجراء شكلي لإرضاء الأمريكان والمجتمع الدولي.
لقاء المالكي مع نخبة من ضباط الجيش السابق والنتائج؟
في الصباح الباكر من اليوم التالي نقلنا الى قصر المؤتمرات. كان الحضور كبيرا جدا، وافتتح المؤتمر السيد المالكي. التواجد الأمريكي عبر قائد القوات الأمريكية في العراق، وعديد من الوزراء. وكانت الجهة المكلفة برعاية المؤتمر هي وزارة المصالحة الوطنية، ووزيرها كان السيد اكرم الحكيم يعاونه النائب السابق باسم حمادي الحسن.
كان العديد من العسكريين التابعين لمكتب المالكي موجودين أيضاً. وبعد مناقشات طويلة جرى الاتفاق على عدة أمور منها إعادة ما مجموعه 300 ضابط من مختلف الصنوف لوزارة الدفاع. وفعلا جرى تسمية معظم هؤلاء الضباط.
انتهى اليوم الاول، وكلف الإشراف على تنفيذ المقررات مدير مكتب السيد المالكي المدعو (أبو مجاهد) كما اذكر، وهو ما جلب انتباهي؟ حيث كان احد الضباط المتميزين واحد طلبتي في كلية الاركان حاضراً ضمن مكتب السيد المالكي! وهو الأخ طالب شغاتي. واستغربت عدم تكليفه بمثل هذه المهمة.
عندما سألت الأخ باسم عن خلفية السيد مدير مكتب المالكي. أخبرت أن لا علاقة له أبدا بالموضوع. كان الأمر كما يبدوا مجرد تمثيلية لإقناع الأمريكان ان السيد المالكي راغب بإعادة الجيش السابق، والأمم المتحدة، والجامعة العربية. بحسن نوايا السيد المالكي في موضوع المصالحة.
مكتب القائد العام: مركز الفساد والتحكم
مضت الأيام، ومضى الموضوع مع الريح بل أن السيد المالكي أسس مكتب القائد العام للقوات المسلحة. الذي أشاع فساد هائل في مسار التعيينات، وملئ الجيش مدنيين منحوا رتب عالية جدا.
أسس المالكي مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الذي سيطر بشكل مباشر على العمليات العسكرية، وملأ المناصب الحساسة بشخصيات مدنية منحها رتبًا عسكرية عالية.
انتقادات وزير الدفاع:
- حذر وزير الدفاع عبدالقادر العبيدي من أن هذا المكتب سيدمر الجيش ويضر بسمعة المالكي.
- المالكي لم يكتف بذلك، بل سيطر على جهاز مكافحة الإرهاب، وربط القوة الجوية بمكتبه مباشرة.
ملف الطاقة تحت إدارة الشهرستاني.
ملف الطاقة الكهربائية والنفط والشهرستاني؟ سلم ملف الطاقة الكهربائية والنفطية للسيد الشهرستاني الذي يبدوا انه اسقط كل أحقاده التاريخية على أبناء العراق. من خلال إدارة هذا الملف الكارثي الذي يعانيه الشعب العراقي لحد الآن.
أُسند ملف الطاقة والنفط للسيد حسين الشهرستاني، الذي أثارت إدارته للقطاع جدلًا كبيرًا.
- دُمرت الزراعة والصناعة بطريقة غير مباشرة، مما جعل العراق مرتهنًا غذائيًا وأمنيًا لإيران ودول أخرى.
- بُنيت علاقات اقتصادية تزيد من تبعية العراق للخارج بدلًا من تعزيز استقلاله.
المالكي: الحزب السري والدولة المستقطبة
السيد المالكي كان يدير الدولة كانها تنظيم حزبي سري يعود له. وبدأ بضخ أعضاء الحزب في مفاصل الدولة للسيطرة على الدولة عبر الوظائف التي لا تحتاج الى موافقة البرلمان.
زاد رواتب الأكاديميين بطريقة كبيرة ليكسبهم الى صفه، وكذلك الجهاز القضائي. ولم يستطع ان يرقى الى مستوى العمل الحكومي الشفاف المطلوب من الحكومة.
كانت الدولة بالنسبة له حزب سري، وكانت لغته لغة مستفزة في التعامل مع شركاءه. او منافسيه مما وتر من علاقته مع كل المكونات.
- تعامل المالكي مع الدولة وكأنها تنظيم حزبي سري.
- ضخ أعضاء من حزبه في المناصب الحكومية لتحقيق السيطرة.
- أقر زيادات كبيرة في رواتب الأكاديميين والجهاز القضائي لكسب دعمهم.
لكن هذه الاستراتيجية جاءت على حساب الشفافية المطلوبة في العمل الحكومي، مما أدى إلى توتر علاقاته مع شركائه السياسيين ومعظم مكونات الشعب العراقي.
البصرة والنفوذ الشيعي
موارد المنافذ الحدودية والأحزاب الإسلامية الشيعية؟ البصرة بقرة حلوب لكل القوى الإسلامية الشيعية التي كانت تتقاسم موارد المنافذ الحدودية! وتهرب النفط، وتوزع الموانئ بينها، وتفتح موانئ غير شرعية. هذا الوضع كان يجب أن يتوقف؟
- سيطرت الأحزاب الإسلامية الشيعية على موارد المنافذ الحدودية وتهريب النفط.
- تحرك المالكي عسكريًا للسيطرة على البصرة، لكن التدخل الأمريكي كان العامل الحاسم في استعادة السيطرة على الوضع.
الإرهاب والتحديات الخارجية.
استباح الإرهاب بغداد في العام 2008 حيث طالت انفجارات ضخمة. عدد من الوزارات، وديوان محافظة بغداد. وكان واضحا ان الدعم السوري للجماعات الارهابية قد تطور. هدد السيد المالكي بتقديم شكوى لمجلس الأمن لكن ذلك لم يحصل ؟
في عام 2008، تصاعدت الهجمات الإرهابية التي استهدفت الوزارات وديوان محافظة بغداد.
- اتهم المالكي سوريا بدعم الإرهاب، لكنه لم يقدم شكوى رسمية للأمم المتحدة.
- مع فوز أوباما بالرئاسة الأمريكية، زادت التحديات الأمنية نتيجة الحديث عن انسحاب القوات الأمريكية من العراق.
وجد الإرهاب حافزا جديدا ان المرشح الجديد للرئاسة الأمريكية يضع الانسحاب من العراق في أول أولياته. بات واضحا ان التناغم بين أوباما وإيران حول العراق كان متواصلاً.
مستشار الأمن الوطني للسيد أوباما (بن رودس) تحدث في كتابه (هكذا هو العالم). عن أن أوباما تخلى عن العراق، وسلم إدارته الى السيد بايدن. في هذا الوضع الملتبس؟ بدأ العراق مباحثات مع الولايات المتحدة للانسحاب من العراق . وهو توقيت ينم على جهل بأبسط مبادئ السياسة والأمن .
نهاية المرحلة الأولى وحصادها.
بعد هذا التركيز المختصر لما جرى في فترة المالكي الأولى من سلسلة هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي وفي الجزء السابع منه.
خلال فترة المالكي الأولى:
- شهد العراق انهيارًا أمنيًا غير مسبوق.
- تدهورت المؤسسات العسكرية بسبب الفساد وسوء الإدارة.
- عزز المالكي سلطته على حساب المصالحة الوطنية.
في الجزء الثامن، سنستعرض تداعيات هذه الفترة على المرحلة الثانية من حكم المالكي، وكيف أثرت قراراته على مستقبل النظام السياسي في العراق.
<><>
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الجزء الثامن.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء الثامن..
نستكمل في هذا الجزء الثامن من السلسلة الحديث عن الفترة الحرجة التي شهدت نهايات حكم المالكي الأولى والتحولات الجذرية التي رسمت ملامح المستقبل السياسي والأمني للعراق.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الثامن. |
في هذا الجزء سوف نسلط الضوء على زيارة المرشح أوباما والرئيس الامريكي جورج بوش والوعود بالانسحاب الامريكي ووعود المرشح أوباما رغم أنه يكره العرب. بعد استكمال الجزء السابع.
زيارة أوباما للعراق 2008: لقاء المالكي وانطباعاته.
زار المرشح باراك أوباما العراق في عام 2008 والتقى بالسيد المالكي. وفقًا للعديد من المصادر، لم يكن أوباما ينظر إلى المالكي بإيجابية. فقد وصفه بأنه يفتقر للمرونة السياسية المطلوبة، مشيرًا إلى أنه يمثل مكونًا واحدًا في أفضل الأحوال.
زار المرشح اوباما العراق العام 2008 والتقى بالسيد المالكي. اوباما لا يكن للعرب الاحترام. أدرك أن الرجل بالاضافة الى جهله بأبسط مبادئ السياسية. فهو مغرور حاقد يفتقر للياقة المطلوبة بمنصب رئيس الوزراء. لا يستطيع أن يمثل إلا مكونه في احسن الأحوال. مشروع اوباما للانسحاب من العراق. وجد طريقا سهلاً من خلال المالكي الباحث عن ترند ،وشو إعلامي يرضي غروره.
مشروع أوباما للانسحاب:
- رأى أوباما في المالكي شخصًا يمكنه تسهيل انسحاب القوات الأمريكية دون تعقيدات سياسية.
- تصريحات المالكي لمجلة "دير شبيغل" بدعمه خطة أوباما للانسحاب خلال 16 شهرًا أثارت جدلًا واسعًا، مما اضطر الحكومة العراقية لإصدار بيان يزعم أن التصريحات "ترجمت بشكل خاطئ".
الانسحاب من العراق لم يحدد له موعد ، ولكن إعفاء الولايات المتحدة من التزاماتها تجاه العراق وجد طريقا سهلاً". ان القوى ربما تقسم العراق أصبحت أقوى الآن من القوى التي يمكن أن تحافظ على وحدة العراق أصبحت اضعف "... حديث اوباما بعد الزيارة لمحطة NBC.هكذا كان انطباع اوباما عن رئيس الوزراء العراقي الجديد؟
بالمقابل أحدثت تصريحات السيد المالكي انه يساند خطة اوباما. بوجوب مغادرة القوات الأمريكية العراق خلال 16 شهر لمجلة دير شبيغل؟ لغطاً كبيراً مما اضطر الحكومة العراقية لإصدار بيان على أن حديث السيد المالكي قد ترجم بشكل خاطئ.
زيارة بوش واتفاقية الإطار الاستراتيجي.
في نهاية عام 2008، قام الرئيس جورج بوش بزيارة العراق، حيث كانت الأوضاع الأمنية لا تزال هشة والانفجارات مستمرة.
- رغم الوضع الأمني غير المستقر، تم توقيع اتفاقية الإطار الاستراتيجي، والتي حددت موعد انسحاب القوات الأمريكية بنهاية 2011.
- الاتفاقية لم تتضمن أي ترتيبات لبقاء قوات أمريكية لدعم الأمن العراقي، رغم تحذيرات الخبراء من عدم جاهزية القوات العراقية، إضافة إلى افتقار العراق لمقدرات حماية أجوائه.
قبل أن تنتهي ولايته الرئاسية زار الرئيس بوش العراق في نهاية العام 2008. الموقف الأمني كان هشاً، والانفجارات مستمرة. مع ذلك وقع العراق اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي حددت موعد الانسحاب بنهاية العام 2011. الاتفاقية لم تتضمن بقاء قوات أمريكية لحماية امن العراق.
رغم أن كل التقديرات،ومنها الأمريكية تؤكد أن القوات المسلحة العراقية.ما زالت بوضع لا يسمح لها إرساء الأمن على كامل الأراضي العراقية. بالاضافة الى خلوا العراق من أي مقدرات لحماية الأجواء العراقية.
رئاسة أوباما وتسليم الملف لبايدن.
- قرر أوباما بعد هذه الزيارة تهميش ملف العراق، وتسليمه بالكامل لنائبه جو بايدن، الذي أُوكل بإدارته دون إزعاج الرئيس بهذا الملف. (بحسب ما ورد في كتاب "هكذا هو العالم" لـ بن رودس).
- هذا التوجه الأمريكي ترك فراغًا سياسيًا استغلته إيران لتوسيع نفوذها داخل العراق، الذي أصبح امتدادًا حيويًا واستراتيجيًا لها.
الأزمات الاقتصادية وصدام المالكي مع البنك المركزي
السيد المالكي، ومكتبه كان جاهلا بابسط مبادئ الاقتصاد كان يطمح للسيطرة على البنك المركزي وبدأ الصدام مع رئيس البنك المركزي د سنان الشبيبي الذي رفض سياسات المالكي ...
تميزت هذه الفترة بضعف إدراك المالكي لمبادئ الاقتصاد.
- حاول السيطرة على البنك المركزي العراقي، مما أدى إلى صدام كبير مع رئيس البنك المركزي آنذاك، الدكتور سنان الشبيبي، الذي رفض الرضوخ لسياسات المالكي.
- هذا الصراع ساهم في زعزعة استقرار الاقتصاد العراقي وتراجع الثقة الدولية بالسياسة الاقتصادية للبلاد.
الأزمات السياسية المتفاقمة.
تميزت فترة حكم المالكي الاولى ب ازمات مع الجميع. التيار الصدري .غادر وزرائه الحكومة، والمجلس الاعلى كانت المشاكل مع ممثله وزير المالية على اشدها . الكل في ازمة، ونحن نقترب من انتخابات العام 2010 كان الرجل قد خلق اعداء في كل مكان، واسفر عن وجه طائفي مفرق يهدد وحدة العراق.
فترة المالكي الأولى شهدت توترات كبيرة مع معظم الأطراف السياسية:
- التيار الصدري: انسحب وزراؤه من الحكومة بسبب خلافات مع المالكي.
- المجلس الأعلى الإسلامي: توترت العلاقات بشدة، خصوصًا مع وزير المالية التابع له.
- أزمات داخلية مستمرة: خلق المالكي أعداء في كل مكان نتيجة لأسلوبه الطائفي والمفرق، مما هدد وحدة العراق واستقراره.
نحو انتخابات 2010: ملامح التفكك السياسي
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية لعام 2010، كان المشهد السياسي يعج بالخلافات:
- المالكي أصبح شخصية مثيرة للجدل ومصدر انقسام داخل العراق.
- اعتماده على أساليب طائفية وأحادية زاد من تفاقم الأوضاع، وهدد النسيج الاجتماعي والسياسي للبلاد.
خاتمة الجزء الثامن
في هذه المرحلة، بات واضحًا أن نظام المالكي يواجه تحديات وجودية بسبب سياساته الطائفية والافتقار إلى الكفاءة في إدارة الدولة. هذه التحديات مهدت الطريق لتحولات أكثر خطورة في المرحلة التالية.
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الجزء التاسع.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
الجزء التاسع.
نستكمل في هذا الجزء التاسع تحليلنا للأوضاع السياسية والاجتماعية التي عصفت بالعراق، في ظل نظام سياسي بدا واضحًا أنه يعاني من قصور مزمن، وانعدام للرؤية الوطنية الحقيقية.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الثامن. |
بعد أن تطرقنا في الجزء الثامن من السلسلة الحديث عن زيارة الرئيس الامريكي أوباما للعراق والفترة الحرجة التي شهدت نهايات حكم المالكي الأولى والتحولات الجذرية التي رسمت ملامح المستقبل السياسي والأمني للعراق.
نظام طائفي عاجز.
خلال السنوات السبع الماضية، أظهر النظام السياسي في العراق عجزه عن تحقيق الاستقرار أو تمثيل إرادة وطنية جامعة. لقد تفرد النظام الطائفي في اجتثاث المخالفين والتبعية لإرادة دولة أقليمية مجاورة وبذلك غابت الأرادة الوطنية.
- طائفية النظام: الهيمنة الطائفية قضت على أي فرص للمصالحة الوطنية.
- غياب الإرادة المستقلة: النظام السياسي أصبح رهينة للضغوط الإقليمية والدولية، خاصة من إيران.
رؤية أوباما للعراق: الحديقة الخلفية لإيران
الرئيس الأمريكي باراك أوباما، المعروف بكرهه للعرب وتفضيله غير المبرر لإيران، سعى لإتمام اتفاق نووي مع طهران، ما دفعه لتجنب إثارة أي قضايا تعرقل التفاهم مع إيران، بما في ذلك الوضع في العراق.
- إهمال ملف العراق: ترك أوباما الملف العراقي لنائبه جو بايدن، الذي سبق أن طرح فكرة تقسيم العراق إلى أقاليم فيدرالية.
- سيطرة إيران: نتيجة لهذه السياسات، تحول العراق إلى "حديقة خلفية" لإيران، مع تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي في البلاد.
الرئيس اوباما الذي يحمل كره غريب للعرب كما قلنا، ومحبة غير مفهومة للفرس. يطمح للوصول إلى اتفاق مع إيران لوقف برنامجها النووي، ولم يكن مستعدا ان يزعجها في العراق، ولذلك اصبح العراق حديقة خلفية لايران.
بكل معنى الكلمة.نائبه السيد بايدن الذي اطلق فكرة تقسيم العراق او تحويله الى الكونفدرالية! سحب مشروعه إكراما لايران. بعد ان اصبح العراق كله في الحضن الايراني.
عودة الإرهاب وانتشار القاعدة.
الولايات المتحدة ترعى مشروع الربيع العربي الاخواني. الهدف القريب كان مصر وليبيا.الارهاب بدأ يتوسع، ويحكم تنظيمه.لم تعد القاعدة تنظيما منعزل في فيافي افغانستان. فقد تعلمت من درس افغانستان. ان تواجدها في مكان،واحد يسهل من استهدافها، وانتشارها اكثر رعبا وتكلفة لاعدائها.
كانت في مراحل متقدمة من التفاهم مع العدو الشيعي الايراني.تنظيم القاعدة في العراق كان يعيد ترتيب اوضاعه. ويراقب تطور الانسحاب الامريكي،ويعيد تنظيمه . ويوجه ضربات شديدة الى الحكومة العراقية التي كانت قواتها مشلولة، وفي احيان كثيرة كانت القوات العراقية لا تستطيع القتال او التنقل الا بمساعدة القوات الامريكية.
- أعادت القاعدة تنظيم صفوفها واستغلت الانسحاب الأمريكي، لتصبح أكثر انتشارًا وخطورة.
- في سوريا، أُطلق سراح "أبو محمد الجولاني" في 2008، لينضم لاحقًا لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق"، ويؤسس "جبهة النصرة".
سياسات المالكي واستبعاد السنة.
استخدم السيد المالكي كل اليات الدولة، بتوظيف كل نفوذه لابعاد السنة عن المشهد السياسي، وكان قانون الاجتثاث احد اسلحته حيث استخدمه لابعاد اكثر من 500 مرشح. ورغم ان المحكمة اعادتهم للتنافس لكن سيف (ديمقليس) وضع على رقاب الكثير منهم الذين انتقلوا لاحقا الى قائمة السيد المالكي. انتقل اثنين من هؤلاء في محافظة بابل لوحدها.
- قانون الاجتثاث: استُخدم لإقصاء أكثر من 500 مرشح، مما زاد من الاحتقان الطائفي.
- التلاعب بالانتخابات: برغم إعادة المحكمة عددًا من المستبعدين، إلا أن الضغط على المرشحين السنة دفع بعضهم للانضمام إلى قوائم المالكي.
من خلال تلك المشاهد والأمثلة كانت الحكومة تسير على خطى في الاستهداف السنة بأعتبارهم المنافس الأكبر وأنهم يعادون التجربة الشيعية وأن الوطن فقط للشيعة فكانت النتائج كارثية.
انتخابات 2010: تعقيد المشهد السياسي.
في هكذا اجواء جرت انتخابات في 7مايس2010 حسب نظام يسمى( هوندت)، وهو نظام يمنح رؤوساء القوائم سلطة منح المقاعد الزائدة.. انخفضت نسبة المشاركة ، ويبدوا ان العرب كانواأكثر حضورا من اهل الجنوب،وبلغت نسبة المشاركة 62.4
أُجريت الانتخابات في 7 مايو 2010 بنظام "هوندت"، الذي يمنح رؤساء القوائم سلطة توزيع المقاعد الزائدة.
- نسبة المشاركة بلغت 62.4%، مع إقبال أكبر في المناطق العربية مقارنة بالجنوب.
-
النتائج:
- قائمة إياد علاوي: 91 مقعدًا.
- قائمة المالكي: 89 مقعدًا.
- الائتلاف الوطني الشيعي: 70 مقعدًا.
- القائمة الكردية: 43 مقعدًا.
اعلنت النتائج حيث فازت قائمة اياد علاوي ب 91 مقعد، وفازت قائمة المالكي ب 89 مقعد.السيد المالكي اصر ان يتفرد بقائمة لوحده متحدثا عن قوة المكونات السياسية، وفازت قائمة الائتلاف الوطني الشيعية ب 70 مقعد ، والقائمة الكردية ب 43 مقعد. اعترض السيد المالكي على النتائج، ولكن الاعتراض رد. تمت المصادقة على النتائج في 14/6/2010.تحدث رئيس لجنة المراقبة الأممية مشيدا بالنتائج.مطالب الجميع بقبولها ..
رغم المصادقة على النتائج في 14 يونيو 2010، استمر استعصاء تشكيل الحكومة لثمانية أشهر.
تشكيل الحكومة: المالكي يبقى في الحكم.
استمر استعصاء تشكيل الحكومة لمدة ثمان اشهر، وكاد الاتفاقات التي حدثت في كردستان تنهار عند تكليف السيد اسامة النجيفي برئاسة البرلمان، ولكن تم تلافي الموقف. بتدخل كردي ادى الى المضي بتكليف السيد المالكي تشكيل الحكومة الذي تم بعد ثمان شهور واحتفظ بها المالكي بكل الوزارات الامنية، وعين له ثلاثة نواب منهم صالح المطلك من العراقية.
بفضل التدخلات الإقليمية والدولية:
- دور الأكراد: لعبوا دورًا محوريًا في إنهاء الأزمة السياسية وتكليف المالكي بتشكيل الحكومة.
- تدخل إيران: منعت دعم سوريا لعلاوي، وأوقفت تدخل تركيا وقطر، بينما ظل الدور السعودي غائبًا.
حكومة المالكي الثانية:
- احتفظ المالكي بكل الوزارات الأمنية، وعيّن ثلاثة نواب لرئيس الوزراء، بينهم صالح المطلك من قائمة العراقية.
- التنازلات: قدم المالكي تنازلات كبيرة للأكراد والأمريكيين لضمان بقائه في السلطة.
كانت حكومة ( تلزيك) لكي يستمر السيد المالكي بالحكم. فقد قدم كل ما يمكن من تنازلات للكرد لابعاد اياد علاوي. وكان براكماتيا جدا مع الامريكان؟ الذين منحوه مساندتهم. اما الايرانيون لم يكتفوا بالدعم السياسي فقد منعوا سوريا من مساندة علاوي، ولم يسمحوا لتركيا، وقطر بالتدخل بالوقت الذي لم يكن هناك اي تاثير للسعودية.
تفكك قائمة علاوي.
المميزات التي منحت للنواب جعلت منصب عضوا البرلمان صفقة تجارية مربحة،وكان النائب يحاول جاهدا المحافظة عليها، ولذلك بدأت قائمة السيد علاوي تتفتت خلال الثمان اشهر من فترة تشكيل الحكومة امام اغراءات التعينيات، والعجلات الحديثة،والاموال.
يبدوا ان السيد علاوي فقد السيطرة على قائمته التي بدأ أعضاءها يبحثون عن مصالح فردية او ضيقة، وهو ما منح السيد المالكي اريحية في حكم العراق في الحكومة الجديدة....
خلال فترة تشكيل الحكومة، بدأت قائمة إياد علاوي تتفتت بسبب:
- الإغراءات المالية والمناصب.
- ضعف السيطرة التنظيمية داخل القائمة، مع انشغال أعضائها بالمصالح الفردية.
خاتمة الجزء التاسع.
أثبتت نتائج الانتخابات وأحداث تشكيل الحكومة أن النظام السياسي في العراق لا يملك مقومات البقاء طويلًا. سياسات المالكي الانفرادية، وتفشي الطائفية، والهيمنة الإيرانية، وضعت البلاد على مسار خطير، حيث أصبحت المصالح الفردية هي المهيمنة، على حساب المصلحة الوطنية.
يتبع...
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء العاشر.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء العاشر.
نواصل في هذا الجزء تحليل تداعيات السياسة العراقية خلال فترة حكم السيد نوري المالكي، التي شهدت تطورات سياسية وأمنية مثيرة للجدل، وانهيارًا واضحًا لأسس الديمقراطية التي زُعِم أنها أُرْسيت بعد 2003.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء العاشر.
|
سلسلة مقالات هل انتهى العمر التشغيلي او الافتراضي للحكومة العراقية الحالية كما جاء الجزء التاسع النظام الطائفي العاجز والعراق اصبح الحديقة الخلفية لأيران. وتحليلنا للأوضاع السياسية والاجتماعية التي عصفت بالعراق، في ظل نظام سياسي بدا واضحًا أنه يعاني من قصور مزمن، وانعدام للرؤية الوطنية الحقيقية.
حكومة المالكي وتصفية الخصوم.
تمكن السيد المالكي بسبب تخاذل علاوي.من تشكيل حكومة وعد بها علاوي ب منصب وهمي، وهو رئيس مجلس السياسات،و نائب رئيس مجلس الوزراء.الذي شغله المطلك. المشمول بقانون الاجتثاث.
وعندما طرح الموضوع في الپرلمان اعترض حسن السنيد ان هذا التشكيل لا وجود دستوري له، وبالتالي نسف الموضوع ، وخرج السيد علاوي من مباحثات امتدت لمدة ثمان اشهر (ايد من وره وايد من كِدام ) بدون اي مكسب؟
بل خسر قائمته التي خرج منها اياد السامرائي مع كتلته، وانتقل البعض من أعضائها الباحثين عن مصالحهم. في الواقع كانت بداية انهيار السيد علاوي رغم انه لحد الان لا يدرك ذلك!!!.
تمكن المالكي من استغلال تردد وضعف إياد علاوي في المفاوضات لتشكيل الحكومة.
- وعد علاوي بمنصب رئيس مجلس السياسات، وهو منصب غير موجود دستوريًا.
- استغل اعتراض النائب حسن السنيد على هذا المنصب لنسف الفكرة، مما أدى إلى خروج علاوي من المشهد خالي الوفاض.
هذا الفشل السياسي كان بداية انهيار القائمة العراقية، حيث انسحب العديد من أعضائها بحثًا عن مصالح شخصية أو مواءمات سياسية، مثل إياد السامرائي.
سقوط القناع الديمقراطي
وبانهيار القائمة العراقية انهار اخر قناع مزيف تبرقع به النظام حول الديمقراطية، والمدنية، وبات واضحا حقيقة ان من يحكم العراق نظام سلفي؟ مرتبط ايدلوجيا مع ولاية الفقيه، هدفه النهائي هو دولة كونفدرالية مع إيران. والتوقيت مرتبط بالاوضاع بالنجف،و خليفة المرجع الأعلى.
بانهيار علاوي، انهار آخر مظهر للديمقراطية المدنية، ليكشف النظام عن وجهه الحقيقي:
- نظام مرتبط بولاية الفقيه: بات واضحًا أن الهدف النهائي للنظام هو إقامة دولة كونفدرالية مع إيران، وهو مشروع ينتظر توقيتًا ملائمًا مرتبطًا بمتغيرات النجف واختيار خليفة المرجع الأعلى.
المالكي وضرب الخصوم السياسيين.
انتقل المالكي سريعا بعد مغادرة القوات الامريكية ليوجه ضربة الى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي .حيث اصدر امر قبض في ك1 2011 بتهمة التورط مع الارهاب.هرب السيد الهاشمي بتسهيلات من رئاسة الجمهورية، وتوافق من الحكومة( تم تبرئة حماية الهاشمي) بعد عشر سنوات، وبذلك تخلص من اشرس خصومه،وسهل على اياد السامرائي ان يقود الحزب الاسلامي.
انتقل بعدها الى البنك المركزي، و بمعاونه السيد حيدر العبادي رئيس اللجنة المالية. صدر امر قبض على محافظ البنك المركزي، ومعاونه د. مظهر في نهاية العام 2012. محافظ البنك المركزي كان في الخارج، ورفض العودة. تم توقيت امر القبض؟ هكذا لكي يتجنب السيد المالكي تسريبات التحقيق او المحاكمة.
بعدها انتقل الى صالح المطلك الذي، وصف المالكي في مقابلة مع CNN بانه" ديكتاتور اسوء من صدام حسين". وانتقل بعدها لرافع العيساوي ليوجه له اتهامات هرب على اثرها(تمت تبرئته في العام 2020).
بدأ المالكي مرحلة جديدة من التفرد بالسلطة بعد انسحاب القوات الأمريكية، مستخدمًا أساليب قانونية وسياسية لتصفية خصومه:
-
طارق الهاشمي:
- أُصدرت أوامر قبض بحقه في ديسمبر 2011 بتهمة الإرهاب.
- هرب الهاشمي إلى الخارج بدعم من رئاسة الجمهورية وتوافق ضمني مع الحكومة.
- بعد عشر سنوات، تم تبرئة حماية الهاشمي، ما يثير تساؤلات عن دوافع القضية.
-
البنك المركزي:
- استهدف المالكي محافظ البنك المركزي د. سنان الشبيبي بمعاونة حيدر العبادي.
- أُصدرت أوامر قبض بحق الشبيبي ومعاونيه في نهاية 2012، مما أجبره على البقاء في الخارج لتجنب المحاكمة.
-
صالح المطلك:
- بعد تصريحاته بأن المالكي "ديكتاتور أسوأ من صدام حسين"، أصبح المطلك هدفًا سياسيًا للمالكي.
-
رافع العيساوي:
- وُجهت له اتهامات دفعت به إلى الهروب، لكنه تمت تبرئته لاحقًا في 2020.
الديمقراطية في مهب الريح.
لابد ان الامريكان كانوا يراقبون ما يحصل في بغداد حيث تفرد السيد المالكي بالقوى الامنية، وسيطر على البنك المركزي، وصفى كل القوى السياسية المعارضة له ... واصبح السؤال
الذي على الامريكان الاجابة عليه (( هل هذه هي الديمقراطية التي ارسيتموها في العراق) ام ان اللعب بجحر الثعابين قد فلت زمامه،وخرجت الثعابين عن السيطرة.... بين هذه الاحداث السياسية كان الوضع الامني يسير نحو الكارثة، وهو موضوع الحلقة القادمة.
الفشل الامريكي في العراق .. اصبح فضيحة .. في الشرق الاوسط ..
استطاع المالكي خلال هذه الفترة:
- السيطرة على القوى الأمنية: أصبحت كل الأجهزة تحت قبضته المطلقة.
- السيطرة على المؤسسات الاقتصادية: أبرزها البنك المركزي.
- تصفية المعارضة: من خلال استخدام القضاء والقوانين بشكل انتقائي ضد خصومه.
هذا الواقع دفع المراقبين، خاصة الأمريكيين، إلى التساؤل:
- هل هذه هي الديمقراطية التي أرستها الولايات المتحدة؟
- أم أن الوضع قد خرج عن السيطرة، وأصبح العراق "جحر ثعابين" يتلاعب الجميع به؟
الوضع الأمني نحو الكارثة:
بينما كانت الصراعات السياسية تشتعل، كان الوضع الأمني يتدهور بشكل سريع، مع تصاعد أعمال العنف وانتشار التنظيمات الإرهابية.
خاتمة الجزء العاشر.
ما شهدته فترة حكم المالكي الثانية ليس فقط فشلًا في إدارة الدولة، بل تحولًا جذريًا نحو مركزية الحكم وتفرد حزب أو شخص بالسلطة. في ظل هذا الواقع، أصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: إلى أين يتجه العراق؟
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الحادي عشر.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الحادي عشر.
في هذا الجزء نستعرض تصاعد الفوضى الأمنية والسياسية في العراق، ودور السيد المالكي وحزب الدعوة في إدارة المشهد، بالإضافة إلى التأثيرات الخارجية، وتنامي نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الحادي عشر. |
بعد ان تطرقنا في الجزء العاشر تحليل تداعيات السياسة العراقية خلال فترة حكم السيد نوري المالكي، التي شهدت تطورات سياسية وأمنية مثيرة للجدل، وانهيارًا واضحًا لأسس الديمقراطية التي زُعِم أنها أُرْسيت بعد 2003.
قدرات المالكي ودوره القيادي.
تساؤلات بعض من الاصدقاء حول قدرات السيد المالكي؟ محقة "هل الرجل يمتلك هكذا قدرات... انطباعي الشخصي منذ فترة طويلة ان الرجل" محدود القدرات غير منضبط بالحديث ساذج يسهل سحبه للحديث عن اي موضوع" لقد كان خطابه عند اندلاع الاحتجاجات في الانبار، و توصيفه المتظاهرين ب الفقاعات صب زيت على النار.
يتساءل البعض: هل كان السيد المالكي يمتلك القدرات الكافية لإدارة هذا المشهد المعقد؟
محدودية القدرات الشخصية:
- المالكي يُوصَف بأنه ساذج وغير منضبط في الحديث، ويتأثر بسهولة بالإشارات الخارجية.
- تصريحاته، مثل وصفه لمتظاهري الأنبار بـ"الفقاعات"، أشعلت التوترات وأعطت ذريعة لتصعيد الاحتجاجات.
التحكم الإيراني بالمشهد:
- كثرة زيارات المسؤولين الإيرانيين للعراق أكدت القيادة الإيرانية المباشرة للمشروع العراقي عبر حزب الدعوة.
- المهام الكبرى، كالإشراف على القضاء والبنك المركزي، كانت تُدار من خلال كوادر الحزب بتوجيهات خارجية.
عدد الزيارات للمسؤولين الايرانيين للعراق... تؤكد إن القيادة الإيرانية المباشرة للمشروع بالعراق كانت واضحة، كلف حزب الدعوة بادوار مهمة. حيث وزعت عملية تدمير علاوي على كتلة حزب الدعوة بالبرلمان التي يقودها حسن السنيد.
وكلف د. العبادي بصفته رئيس اللجنة المالية بملف البنك المركزي. اما وزارة الداخلية فقد كان يقودها المرحوم الاسدي منذ اربعه سنوات رغم انه مضمد صحي، وهو المكلف بمتابعة اوامر القبض. نفس الحال في وزارة الدفاع. اليد الضاربة مثل مكافحة الارهاب، وطيران الجيش كانت بيد حزب الدعوة. كل ذلك كان يقوده الحرس الثوري عبر حزب الدعوة.
الفساد وملفات الفشل السياسي.
الفساد في حكومة المالكي الثاني، وصفه السيد صولاغ"كلمن على حل شعره" ولم يستثني احد من الوزراء. وصف السيد بيان جبر صولاغ الفساد في حكومة المالكي بـ"كلمن على حل شعره"، إذ شملت الفوضى المالية والإدارية جميع الوزراء.
مشروع البنى التحتية الذي اقترحه المالكي:
- اقتراض من كوريا الجنوبية رغم الفائض المالي الكبير في الموازنات العراقية.
- المشروع بدا وكأنه باب مفتوح لإهدار المال العام.
تنامي الإرهاب ودور الأطراف الإقليمية.
القاعدة في بلاد الرافدين بعد ان سيطرت على باقي الفصائل كانت تراقب الاوضاع في العراق، وتعمل بايقاع يضغط لتسهيل انسحاب الامريكان، وكان واضحا. ان هناك تنسيقا بين تنظيم الدولة الإسلامية، وإيران وسوريا.
حيث ان كلا الدولتين ترغب ان تنسحب القوات الامريكية من العراق. لكي تخلي الساحة. يتحدث السيد زيباري ان سوريا، ومنذ اليوم الاول لسقوط نظام صدام. كانت تدفع مجاميع ارهابية الى العراق، وان ايران تخلفت عنها ببضع شهور بسبب، وجود اتفاق ايراني امريكي قبيل احتلال العراق.
منذ نهاية العام 2003 المجاميع الارهابية تهاجم الدولة العراقية بمقدرات داخلية، وهي اسلحة الجيش، واموال عراقية تم سلبها من العراق. او من الاموال التي خبأها النظام السابق. الكثير من عناصر الجيش السابق التحقوا بسبب او اخر بهذه المجاميع الارهابية.
الكثير يعرفون مواقع الكثير من الأسلحة، وكذلك الاموال. الجنرال بترايوس قائد القوات الامريكية في العراق . ارسل زيباري لدمشق حول الموضوع. واضطرت القوات الامريكية، ولعدد من المرات ان تنفذ عمليات على مواقع تجميع،وتسلل الارهابيين في الداخل السوري.
تنظيم الدولة الإسلامية: التنسيق والتوسع.
التنسيق بين الأطراف:
- تنظيم الدولة الإسلامية عمل بتنسيق خفي مع إيران وسوريا لتحقيق هدف مشترك: انسحاب القوات الأمريكية.
- سوريا دفعت بجماعات إرهابية منذ سقوط نظام صدام، بينما دخلت إيران اللعبة بعد الاتفاق الإيراني الأمريكي قبيل احتلال العراق.
الدعم اللوجستي والتمويل:
- المجاميع الإرهابية استفادت من أسلحة الجيش العراقي السابق وأموال النظام المخبأة.
- سيطرة الدولة الإسلامية على مناطق مثل الموصل مكّنتها من فرض ضرائب وجمع أموال بشكل علني.
تصدير النفط وتهريبه:
- أنابيب النفط كانت تُنسف بشكل ممنهج، ليُهرّب النفط عبر إيران وتركيا، في تنسيق بين التنظيم وقوى أمنية فاسدة.
الدور الأمريكي والإيراني.
- رغم علم الولايات المتحدة بتفاصيل التهريب ودعم الجماعات الإرهابية، أصرت إدارة أوباما على الانسحاب.
- إيران استغلت انتشار التنظيمات الإرهابية لفرض هيمنتها الإقليمية تحت ذريعة حماية "المقدسات".
سوريا كمسرح للتمدد الإرهابي.
فشل الامريكان بسبب نقص القوات كما اعتقد. في ضبط الحدود؟ ووقف تسلل جيش من الارهابيين من مختلف الجنسيات. يتدرب، ويعد في معسكرات تديرها المخابرات السورية. ثم يتسلل الى العراق عبر الحدود الى الانبار والموصل.
التي اصبحت مثابات تسيطر على ريفها، وبواديها ليلا المجاميع الارهابية بل ان سيطرة الدولة الاسلامية على الموصل كانت، واضحة وكل اصحاب المهن يدفعون ضرائب لسلطة الارهاب في المدينة، والبعض من هذه الوصولات قدمت للسيد المالكي عندما زاره وفد من جامعة الموصل.
الطريق بين الموصل، وبغداد بعد سامراء كان تحت سيطرة المجاميع الارهابية، وقد توقف الجنود والضباط المجازين عن استخدامه حيث كانوا يسافرون الى الموصل عن طريق اربيل. مصفى بيجي كان جزء كبير من انتاجه يذهب لمصلحة الدولة الاسلامية، وبعلم السيد الشهرستاني.
انابيب النفط تنسف اسبوعيا ، ويتم تحميل مئات الصهاريج التي تهرب الى افغانستان عبر إيران. ويعاد تصليح الأنابيب، وتعاد الكرة مرة اخرى بايقاع معلوم لاصحاب الصهاريج، والقوى الامنية الماسكة للمناطق، وحراسة انابيب النفط، ووزارة النفط. التي تضخ بكل اريحية، وهي تعلم بالموقف الامني، وان الكثير من النفط يضخ في واقع الحال لصالح تنظيم الدولة .
- سيطرة التنظيمات الإرهابية على أجزاء واسعة من سوريا، بما في ذلك حقول النفط وسلة الغذاء، جعلتها قوة اقتصادية تُموّل عملياتها.
- تنظيم الدولة زود النظام السوري بالنفط الخام والمشتقات، مما عزز نفوذه.
-
الحرب الإيرانية السورية:
- إيران استغلت وجود تنظيم الدولة قرب مرقد السيدة زينب لبدء حربها "الهلالية" تحت شعار حماية المقدسات.
الوضع الأمني قبل الانسحاب الأمريكي,
الفريق الغراوي يعتذر عن تامين الحماية في الموصل لمفوضية الانتخابات في (وادي حجر)،وهو حي من احياء الموصل.قيادة عمليات الموصل كانت احدى اسباب ابعاد الشارع، ومواطني المحافظة عن التعاون مع القوات الامنية.. حيث كانت تتعامل مع جمهور من طائفة معادية ؟؟؟؟ بالمقابل الادارة المدنية والمحافظ, وحزب البعث كان في صراع مع القوى الامنية على اسس طائفية، وفي هدنة غير معلنة مع الارهاب .
هذا الامر كان معروفا جيدا للحكومة المركزية، وكذلك للامريكان . الرئيس اوباما كان يراقب جيدا تطور العلاقة بين ايران، والمجاميع الارهابية. مشروع الاخوان المسلمين (الربيع العربي) بدعم امريكي اسقط النظام في تونس وليبيا ومصر. التي تمكن الاخوان من السيطرة عليها.
سوريا وبعد ان تمكنت المجاميع الارهابية من التغلغل في جميع مفاصل الدولة، والسيطرة على الكثير من جغرافية سوريا بدأت بالتحرك لاضعاف النظام السوري، وهو ما تريده إيران لحليفها السوري . الحليف الضعيف المحتاج المتصارع مع شعبه المرفوض من محيطه الاقليمي اسهل قياد من حليف يمتلك ارادة ومقدرات.
تمكنت الدولة الاسلامية منذ نهاية العام 2011 من ايجاد موطئ قدم لها في دمشق بالقرب من مرقد السيدة ( زينب)عليها السلام.. في الكسوة والحجيرة. وهو ماكانت تنتظره ايران لتعلن حربها (الهلالية) لحماية المقدسات. وبالنتيجة، وبعلم السيد اوباما اصبحت الدولة الاسلامية التي كانت تمتلك تسهيلات بسيطة على الحدود مع العراق.
مسيطرة على شرق سوريا، وعلى سلة غذاء سوريا، وحقول النفط، والغاز. بل اصبحت امر واقع؟ ان يزود تنظيم الدولة النظام السوري بالنفط الخام،والمشتقات، ويبيع الفائض مع المهرب من نفط الموصل، والقياره الى المصافي النفط التركية. كل ذلك جرى قبيل انسحاب القوات الامريكية من العراق.
الموصل كانت تحت سيطرة غير مباشرة لتنظيم الدولة، حيث:
- فرض التنظيم ضرائب على السكان، حتى الجامعات كانت تقدم وثائق تثبت هذه المبالغ.
- الطريق بين بغداد والموصل كان خاضعًا للتنظيم، ما أجبر القوات العراقية على البحث عن مسارات بديلة.
مصفى بيجي كان يُنتج لصالح تنظيم الدولة، بتواطؤ واضح من مسؤولين في وزارة النفط.
الإصرار على الانسحاب رغم الكارثة المحققة.
رغم علم المالكي وأوباما بأن الانسحاب سيترك فراغًا أمنيًا كبيرًا، مضيا بالمشروع. مع ذلك اصر السيد اوباما والسيد المالكي ان يمضي مشروع الانسحاب، وكلاهما يعلم ان العراق،و سوريا ولبنان سوف تقع فريسة بيد الارهاب.الذي يهدد الاردن والمملكة العربية السعودية ايضا .
النتيجة:
- تحول العراق وسوريا إلى ملاذ آمن للإرهاب.
- تهديد مباشر لدول الجوار، بما في ذلك الأردن والسعودية.
خاتمة الجزء الحادي عشر.
لقد كان انسحاب القوات الأمريكية بمثابة إطلاق يد الإرهاب في العراق وسوريا، بينما استغلت إيران الوضع لفرض سيطرتها على المنطقة. أصبح العراق ساحة صراع إقليمي ودولي، ضاعت فيه أحلام الديمقراطية، وتفككت فيه مؤسسات الدولة.
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الثاني عشر.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الجزء الثاني عشر.
بين الإهمال والفساد: كيف أصبح العراق مرتعًا للفوضى؟ في هذا الجزء، نستكمل الحديث عن العلاقات المعقدة بين تنظيم الدولة الإسلامية والقوى الداخلية والخارجية، ونسلط الضوء على الفساد الذي أنهك المؤسسة العسكرية العراقية، ومهد الطريق لتدهور أمني كبير.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الحادي عشر. |
انتهينا في الجزء السابق من توضيح طبيعة العلاقات بين تنظيم الدولة الارهابي، والقوى الاقليمية. كما استعرضنا تصاعد الفوضى الأمنية والسياسية في العراق، ودور السيد المالكي وحزب الدعوة في إدارة المشهد، بالإضافة إلى التأثيرات الخارجية، وتنامي نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة.
السجون: أرض خصبة لتجنيد الإرهابيين.
منذ العام 2008 بدأ الامريكان بنقل الموقوفين،وايداعهم لدى السلطات العراقية. من المفروض ان السلطات العراقية الاكثر تساهل في موضوعة حقوق الانسان سوف تشدد الخناق على هذه المجاميع.
ما حدث كان بالعكس تماما؟ حيث بدأ تنظيم الدولة. يعيد تواصله مع السجناء. الذين بدؤا بكسب مقاتلين من المعتقلين العشوائين الذين اودعوا السجون بتهم كيدية طائفية. بل ان الموقوفين تواصلوا مع سجانيهم ، وتمكنوا من التعامل معهم بحيث هرب في العام 2012 حال انسحاب الامريكان 12 من قادة تنظيم الدولة من القصور الرئاسية بالبصرة.
هؤلاء كانوا عهدة ضباط من مكتب رئيس الوزراء. في حينه وجه مدير شرطة البصرة اتهام علنيا ب تهريبهم لقاء اموال.
لكن العكس هو ما حدث:
- السجناء تواصلوا مع سجانيهم وتمكنوا من التسلل إلى داخل المنظومة.
- في عام 2012، هرب 12 من قادة تنظيم الدولة من القصور الرئاسية بالبصرة بمساعدة ضباط مرتبطين بمكتب رئيس الوزراء، مقابل أموال.
عملية سجن التاجي: فضيحة مدوية:
استمر المسلسل، وكانت عملية الدولة الكبرى هي مهاجمة سجن التاجي،، وتحييد القوات التي تحرسه، حيث تمكنوا من اطلاق سراح اكثر من 500 مقاتل من خيرة مقاتلي الدولة الذين تنقلوا بكل اريحية من بغداد الى الموصل، ومنها لسوريا.
تصوروا انهم قطعوا 700كم دون ان يوقفهم احد, رغم ان التاجي تحوي سرب من طائرات الهليكوبتر Mi17 المسلحة! كان يمكن ان تطاردهم وتتعامل مع الحافلات. تستقيل الحكومات لاسباب تافه. وحدث مثل هذا لم يحرك شعرة من راس رئيس الوزراء.الذي كان يصرح علنا(ماننطيه).
- في عملية كبرى، هاجم تنظيم الدولة سجن التاجي وحرر أكثر من 500 مقاتل من النخبة، وتمكنوا من الانتقال بحرية من بغداد إلى الموصل ثم سوريا، دون أي تدخل.
- المثير للسخرية أن سربًا من طائرات Mi17 المسلحة كان في التاجي، لكنه لم يتحرك.
"في أي بلد آخر، مثل هذا الحدث قد يؤدي لاستقالة الحكومة، لكن هنا لم يُحرّك ساكن."
فساد صفقات السلاح: هدر المال والدماء.
150 مليار دولار على أسلحة دون المواصفات. انفق العراق 150مليار دولار على عقود للاسلحة ثبت ان الكثير منها اما وهمية او اسلحة دون المواصفات مما ادى الى خسائر بالارواح بين ابناء القوات المسلحة، وقد اعترفت وزارة الدفاع للجنة النزاهة في البرلمان .
بوجود 18عقد يشوبها فساد في الوزارة. هذا ما كشفه عضو لجنة النزاهة ريبوار طه، وجهت الاتهامات الى الناطق بأسم الحكومة على الدباغ. في صفقة الاسلحة الروسية بعد ان سافر الى موسكو وهو ليس من ضمن الوفد. وقد زعم انه نبه رئيس الوزراء الى شبهات الفساد بالعقد؟ في تلك الفترة اصبحت موسكو وجهة الحج لساسة العراق بحثا عن العمولات. بدوره مكتب رئيس الوزراء كذب الدباغ. (عين قبل سنتين سفيرا للعراق في عمان مكافأة له).
ارتات موسكو، وقف العمل بالصفقة. كالعادة متهمة الولايات المتحدة بالضغط على الحكومة العراقية،وقد استمرت الحكومة العراقية بالصفقة رغم كل ما دار حولها من أقاويل.
لم يكن الفساد المالي هو الفساد الوحيد فقد كان نوع الأسلحة يدور حوله لغط شديد مثل دبابات T 72 او ناقلات الجند المدرعة وغيرها؟ كان لنا ملاحظات مهمة على هذه الدبابات منذ ثمانينات القرن الماضي وجرى تحوير البعض منها في يوغسلافيا ولاحقا صربيا.
وجهة النظر العراقية التي تحدث بها وزير الدفاع العراقي عبد القادر يبدوا انها ذهبت ادراج الرياح! من يراقب صور الدبابات المدمرة في اوكرانيا يدرك جيداً دقة وعلمية الملاحظات العراقية. تم التعاقد على هليكوبترات Mi28 بدون اجهزة رؤية ليلية رغم ان تنقل الارهابيين يجري ليلا، وكان يمكن الذهاب الى الهليكوبتر الاحدث، وهي الكاموف، ولكنهم تجاهلوها.
التعاقد على بطاريات بانتسير للدفاع الجوي التي لم تسقط لحد الان طائرة اسرائيلية رغم تكرر الغارات في سوريا. كان غريبا؟ لم تكن الصفقات تجري بموجب تصور لحاجات العراق الامنية بل كانت عبارة عن انفاق مبالغ للحصول على عمولات.
اما صفقة طائرات L59 الجيكية فقد كانت صفقة عجيبة. تم شراء الواحدة باكثر من 15 ضعف عن السعر التي بيع لشركات استعراض بالولايات المتحدة. تم شراءها كما يشتري العراقي (الركي) حيث كان الوفد يربت على انف الطائرة كما ظهر في الأعلام . علما ان الطائرة موجودة في العراق منذ ثمانينات القرن الماضي، وقرار القوة الجوية العراقية السابقة انها لا تصلح للتدريب المتقدم لطياري المقاتلات.
كشفت وزارة الدفاع عن 18 عقدًا يشوبها الفساد، بحسب عضو لجنة النزاهة ريبوار طه.
من أبرز القضايا:
- صفقة الأسلحة الروسية التي تورط فيها الناطق باسم الحكومة علي الدباغ، واتُهم بالسفر إلى موسكو لتحقيق مكاسب شخصية.
- مكتب رئيس الوزراء نفى التهم، لكن الحقيقة بقيت غامضة.
نوعية الأسلحة: قرارات غير مدروسة.
دبابات T-72:
- قديمة ومعدلة، وكان العراقيون قد أعربوا عن تحفظاتهم عليها منذ الثمانينيات.
- صور الدبابات المدمرة في أوكرانيا تؤكد ضعفها في المعارك.
مروحيات Mi28:
- تم التعاقد عليها بدون أجهزة رؤية ليلية، رغم أن معظم تحركات الإرهابيين تتم ليلاً.
- الخيار الأفضل كان مروحيات الكاموف الحديثة، لكن الفساد حال دون ذلك.
بطاريات الدفاع الجوي بانتسير:
- لم تُثبت فعاليتها، خاصة في سوريا، حيث لم تسقط أي طائرة إسرائيلية رغم الغارات المتكررة.
صفقة طائرات L-59 التشيكية:
- تم شراؤها بـ 15 ضعف سعرها الحقيقي.
- الطائرة كانت تُستخدم في العراق منذ الثمانينيات، وقررت القوة الجوية العراقية سابقًا أنها غير صالحة لتدريب الطيارين المتقدمين.
- المشهد الإعلامي يظهر الوفد وهو يربت على أنف الطائرة، وكأنهم يشترون "بطيخًا" في السوق!
النتائج الكارثية.
الصفقات لم تُبنَ على احتياجات أمنية حقيقية، بل على مكاسب شخصية وعمولات.
هذه الفوضى والفساد أدت إلى:
- انهيار الجهوزية العسكرية.
- تنامي قوة التنظيمات الإرهابية.
- إهدار موارد الدولة على أسلحة غير فعّالة.
خاتمة الجزء الثاني عشر.
ما جرى في العراق لم يكن فسادًا فقط، بل كان جزءًا من مؤامرة أكبر لزعزعة أمن واستقرار البلاد.
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ الجزء الثالث عشر.
بقلم اللواء الطيار الركن رياض البياتي.
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الحلقة الثالثة عشر.
في هذه الحلقة سوف نتطرق على بؤرة الفساد التي لم تتوقف لحد الان هي صفقات التسليح ؟؟ بعد ان اخترقت القوات الامريكية الحدود العراقية الكويتية. والتسائل هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي في العراق بعد 2003.
![]() |
هل انتهى العمر التشغيلي للنظام الحالي؟ | الحلقة الثالثة عشر. |
بين الإهمال والفساد: كيف أصبح العراق مرتعًا للفوضى؟ في الجزء السابق ، أستكملنا الحديث عن العلاقات المعقدة بين تنظيم الدولة الإسلامية والقوى الداخلية والخارجية، ونسلط الضوء على الفساد الذي أنهك المؤسسة العسكرية العراقية، ومهد الطريق لتدهور أمني كبير.
بؤرة الفساد المستمرة: صفقات التسليح
بعد ان اخترقت القوات الامريكية الحدود العراقية الكويتية. بدأت القوات العراقية تلقي اسلحتها وتغادر مواقعها ؟ امتلأت الشوارع من الحدود والى بغداد بمختلف انواع الاسلحة المتوسطة والثقيلة. وبدأت تجارة بيع السلاح على الارصفة في بغداد تظهر بشكل علني.
كميات هائلة من الاسلحة الخفيفة والشخصية. الجهات التي استولت على هذه الاسلحة هي المنظمات، والإرهابية، وخصوصا الاسلحة الخفيفة، والالغام، والعبوات، ومدافع الهاون وقاذفات RBG7-9 اما الاسلحة الشخصية فقد استقرت في بيوت الناس. اسلحة تكفي تسليح ثلاث جيوش حديثة بكل صنوفها.
شهدت البلاد انهيارًا كاملاً للبنية العسكرية:
- القوات العراقية ألقت أسلحتها وهجرت مواقعها، ما أدى إلى انتشار كميات هائلة من الأسلحة في الشوارع، من الحدود إلى بغداد.
- ظهرت تجارة الأسلحة على الأرصفة بشكل علني، مع بيع كل شيء من الأسلحة الخفيفة إلى الثقيلة، حتى مدافع الهاون والعبوات.
- هذه الكميات من الأسلحة تكفي لتسليح ثلاث جيوش حديثة.
البداية: فضائح التسليح الأولى.
اول فضيحة في هذا الجانب. كانت احتجاز وزير الداخلية في وزارة علاوي في مطار بيروت صحبة حقائب من المال زاعما انها لشراء اسلحة للوزارة. وزير الدفاع حازم الشعلان اسس الفساد في وزارة الدفاع فساد مستمر لحد الان، وما زالت قضايا الفساد ضده مفتوحة لحد الان.
الغريب ان صفقات بالمليارات مثل هذه مرت على الامريكان. المنطق يقول ان البعض من المشرفين الامريكان كانوا شركاء ايضا . استمر نفس الحال في حكومة الجعفري الذي تولى وزارة الدفاع الجعفري نفسه ، وكالة ثم استلمها عنه وكالة سعدون الدليمي حيث فلت الحبل على الغارب.
فضيحة وزير الداخلية في حكومة علاوي.
- احتجز وزير الداخلية في مطار بيروت وهو يحمل حقائب من الأموال، زاعمًا أنها لشراء أسلحة للوزارة.
حقبة حازم الشعلان: بداية الفساد المؤسسي.
- كوزير للدفاع، أسس نظامًا من الفساد لا يزال مستمرًا.
- رغم مرور الحكومات، لم تُغلق قضايا الفساد التي تورط فيها، مما يشير إلى تورط جهات أكبر في التغطية على هذه الجرائم.
الحكومات المتعاقبة وتفشي الفساد.
- حكومة الجعفري: تسلم وزارة الدفاع بنفسه ثم أعطاها لوكالة سعدون الدليمي، حيث تفاقم الوضع.
- حكومة المالكي الأولى: رغم وجود وزير الدفاع عبد القادر العبيدي، استمرت الفوضى تحت إشراف مكتب القوات المسلحة برئاسة الأعرجي.
لتسىلم بعدها الوزارة الى السيد عبد القادر في وزارة المالكي الاولى. الذي عجز عن ايقاف الفساد مع وجود. مكتب القوات المسلحة الذي يراسه الاعرجي.اصبحت وزارة الدفاع العراقية، وجهة لكل النصابين بالعالم.
"وزارة الدفاع العراقية أصبحت وجهة للنصابين من مختلف أنحاء العالم."
فساد العقود العسكرية: قصص وأرقام.
يقول عضو لجنة الدفاع العراقية في حكومة السيد المالكي الثانية (عادل نوري) للعربي الجديد .. ان مراجعة ملفات الفساد للسنوات الماضية كشفت ملفات فساد بمليارات الدولارات تتعلق بعقود التسليح الروسية والتشيكة وبلغاريا.
واضاف عضو لجنة اخر هو السيد (ريبوار طه) ان العراق اضاع 150مليار دولار على عقود وهمية او فاسدة او خارج المواصفات . وقد اعترفت وزارة الدفاع بوجود 18 عقد فيها فساد.
صفقات فاسدة بالمليارات.
- بحسب عضو لجنة الدفاع عادل نوري، كشفت مراجعات ملفات الفساد عن عقود وهمية أو صفقات بأسعار خيالية.
- عضو اللجنة ريبوار طه أكد أن العراق أنفق 150 مليار دولار على صفقات غير قانونية أو بأسلحة دون المواصفات.
- من أبرز الفضائح:
- شراء ذخائر صناديقها مليئة بالرمال بدلًا من الطلقات.
- دروع حماية غير مطابقة للمواصفات أدت إلى مقتل الجنود.
- صفقة 400 مدرعة أوكرانية ظهرت بها تشققات قبل استخدامها.
إهمال المعدات المحلية
- كان العراق يملك على الأقل 4000 مدرعة ودبابة T-72 متروكة في المزارع، بعضها تعرض لإصابات طفيفة فقط.
- بدلًا من استصلاحها، تم تهريب الصالح منها إلى إيران وشمال العراق، حيث تم صهرها في تركيا.
الصفقات الأمريكية: الاستثناء الوحيد.
الصفقات مع الولايات المتحدة، مثل دبابات أبرامز، كانت الوحيدة التي لم تُثار حولها شبهات فساد، بسبب:- الرقابة المشددة من الكونغرس الأمريكي.
- نظام بيع يعتمد على المواصفات والجودة العالية.
صفقات من دول أخرى: خسائر مستمرة
- المدافع الروسية والصينية تفتقر إلى الدقة وتستهلك كميات هائلة من الذخائر مقارنة بنظيراتها الغربية.
- الدبابات والمعدات العسكرية من هذه الدول كانت تُختار بناءً على حجم العمولات وليس الحاجة العسكرية.
لقد اصبحت وزارة الدفاع العراقية بميزانياتها الضخمة وكوادرها من ضباط الدمج الوجهة المفضلة لكل النصابين في العالم ؟؟ كان على وزارة الدفاع ان تبدأ بالسيطرة على معسكراتها التي تحولت الى سكن، وان تبدأ باشغالها لوقف التجاوز عليها.
ومن ثم تبحث عن العناصر التي تشغلها . والخطوة التالية الوصول الى ما يمكن الوصول اليه لجمعه وفرز الصالح وتصليح العاطل. علم الادارة يقول هكذا ما حصل غير ذلك. كان هناك على الاقل 4000 مدرعة ودبابة متروكة بالمزارع الكثير منها دبابات T72 لم تتعرض الا الى اصابات بسيطة في المقصورة.
كان يمكن جمع فرقة مدرعة على اقل التقادير .لقد اسقط ضباط الدمج والفاسدين حقداغريبا على الجيش وسهلوا تهريب الصالح منها لايران، وشمال العراق حيث صهرت في تركيا . كان مجزرة حقد وفساد، واستيلاد لفساد جديد .
الفساد يتجاوز العقود: انهيار الهيكل العسكري.
فقد تم شراء اعتدة اتضح لاحقا انها صناديق مملوء بالرمال، ودروع حماية ادت الى استشهاد الجنود كما تحدث امري الافواج المقاتلة. والى صفقة 400 مدرعات مع اوكرانيا ظهرت عليها تشققات قبل استعمالها (راجع حديث وزير الدفاع جمعة عناد)حديث السيد الغراوي مع وكيل وزارة الداخلية العراقية عن وجود 250 ناقلة منها في التاجي لا يعلم بها السيد الوكيل (راجع حديث قائد قوات الموصل الغراوي)
معسكرات مهجورة وأسلحة متروكة.
- معسكرات الجيش العراقي أصبحت مأوى للمتجاوزين بدلًا من استعادة المعدات وصيانتها.
جنود بلا كفاءة قتالية.
- عملية التطويع كانت عشوائية، ما رفع معدل أعمار الجنود إلى 40 عامًا.
- هذا العمر، المرفق بمشاكل صحية واجتماعية، جعل الوحدات القتالية غير صالحة للمعارك.
ان العقود الوحيدة التي لم يدور حولها شبهات الفساد لا بالسعر او النوعية دبابات برامز. وهو ما يؤكده مستخدميها في المعارك ضد داعش . العقود مع الجانب الامريكي وذلك بسبب نظام البيع المتشدد الذي تتبعه الادارة الامريكية ، وذلك بسبب انظمة البيع المعقدة التي يضعها الكونكرس على شركات السلاح، ومراقبة مكتب الحسابات.
هذا ليس مدح بالجانب الامريكي. رغم ان المعدات الامريكية غالية الثمن نسبيا، ولكنها معتمدة وفي المديات الزمنية البعيدة تصبح رخيصة جدا المدافع التي اشتريت من الصين وروسيا وغيرها تفتقد للدقة، وعمر السبطانة ولذلك تحتاج الى خمسة اطلاقات على الاقل لتصيب هدف يصيبه مدفع سيزار الفرنسي بقذيفة واحدة.
لم تكن مصلحة الجيش، والعراق موجودة بل كمية، وحجم العمولة هي التي قادت ما حدث في وزارة الدفاع .. سيارات الريو ،والدوج الامريكية التي وصلت للعراق كمساعدات العام 1956. استمرت بالعمل لسبعينات القرن الماضي. وما زالت تعمل لدى القطاع الخاص ...
الامر ليس فساد فقط بل هو منع وجود قوات مسلحة بتجهيز قتالي، وجنود مدربون ان عملية تطويع الجنود جعلت الوحدات القتالية العراقية بمعدل اعمار 40 سنة، وهو عمر يتعدى اعمار جنود القتال، ومع ما يرافق هذا العمر من امراض ومشاكل اجتماعية تصبح الوحدات مشلولة لا تصلح للقتال.
خاتمة الحلقة الثالثة عشر.
الفساد الذي استشرى في وزارة الدفاع لم يكن عشوائيًا؛ بل كان متعمدًا لتدمير البنية التحتية للجيش العراقي، ومنع وجود قوات مسلحة فعّالة.
في الحلقة القادمة...
سنلقي الضوء على الفساد الذي طال
القوة الجوية العراقية، وما حدث للدبابة العراقية "أسد بابل"
والمدفع 122 ملم الذي صُنع بالتاجي.
<><>